سادت توقعات بأن يحقق الحساب الجاري في تركيا فائضاً جديدا، خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فيما قد يصل العجز بنهاية العام الماضي إلى 28 مليار دولار.ويتوقع أن يحقق الحساب الجاري فائضا للشهر الرابع على التوالي، فيما استمر ارتفاع قيمة الواردات بسبب الانخفاض الحاد لليرة التركية في العام الماضي بواقع 30 في المائة تحسنا من وضع أسوأ في أغسطس (آب) الماضي بلغت فيه نسبة التراجع في العملة التركية 74 في المائة.وجاءت هذه التوقعات بحسب استطلاع رأي أجرته وكالة «رويترز» بين 18 خبيرا اقتصاديا. وقالت أوزلام بيرقدار كبيرة الاقتصاديين في مؤسسة «التجار» للاستثمار التركية، إن هناك عاملا آخر في فائض الحساب الجاري إلى جانب بطء النمو الاقتصادي وارتفاع قيمة الواردات، يتمثل في انخفاض واردات الذهب وزيادة عائدات السياحة.وأضافت: «نتوقع أن يكون هناك عجز في شهر ديسمبر (كانون الأول)، وأن ينتهي العام بعجز في الحساب الجاري يبلغ نحو 28 مليار دولار. وهذا أقل بكثير من تقديراتنا منذ بضعة أشهر»، مضيفة أنها تتوقع أن ينخفض العجز السنوي إلى أقل من 20 مليار دولار في العام 2019.وتوقع الخبراء أن يحقق رصيد الحساب الجاري فائضا قدره 965 مليون دولار في شهر نوفمبر، بانخفاض عن فائض شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الذي بلغ 2.77 مليار دولار.وتراوحت توقعات الخبراء لشهر نوفمبر تحقيق فائض في الحساب الجاري بين 50 مليون دولار و2.7 مليار دولار. وفي نوفمبر 2017 كان الحساب الجاري قد أظهر عجزًا قدره 4.48 مليار دولار.وتوقع 17 من بين 18 خبيرا اقتصاديا استطلعت رويترز آراءهم أن يشهد الحساب الجاري عجزا قدره 28 مليار دولار في 2018، بانخفاض من 29.5 مليار دولار في استطلاع سابق.وأظهرت بيانات رسمية أن العجز التجاري لتركيا في نوفمبر بلغ 650 مليون دولار، ليتراجع بنسبة 89.8 في المائة على أساس سنوي، لكن إجمالي العجز في عام 2018 بقي مرتفعا وبلغ 55 مليار دولار.وحقق الحساب الجاري فائضا في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي للشهر الثالث على التوالي، بلغ 2.77 مليار دولار، بعدما سجل عجزا قدره 3.83 مليار دولار في الشهر نفسه من العام 2017، وفقا لتقرير ميزان المدفوعات الصادر عن البنك المركزي التركي.وفي أغسطس (آب) الماضي، سجل الرصيد فائضا للمرة الأولى خلال السنوات الثلاث الماضية بفائض قدره 2.59 مليار دولار، ثم حقق فائضا بقيمة 1.83 مليار دولار في سبتمبر (أيلول).في سياق متصل، عبرت الخبيرة الاقتصادية في البنك الدولي فرانزيسكا أورنس، عن توقعاتها بعدم حدوث انكماش في الاقتصاد التركي خلال العام الجاري (2019).وقالت أورنس في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام التركية (الأربعاء) إن تحليلات البنك الدولي تشير إلى احتمال انتعاش الاقتصاد التركي تدريجيا اعتبارا من العام الحالي، على عكس التقارير التي تتحدث عن احتمال حدوث انكماش.وأضافت أورنس أن البنك الدولي لديه معطيات عن اقتصادات الدول منذ نحو 40 عاما، وأن تلك المعطيات تشير إلى عدم حتمية حدوث انكماش اقتصادي في الدول التي تشهد عملتها انخفاضا كبيرا في القيمة.وفي هذا السياق قالت أورنس: «قمنا بدراسة نتائج الانخفاض الشديد لقيمة الكثير من العملات، والغريب أننا لاحظنا أن هذا الانخفاض لا يسبب حتما الانكماش أو الركود، واستنادا إلى هذه الدراسة، لا نتوقع حدوث انكماش في تركيا».وتابعت: «نتوقع أن يحقق الاقتصاد التركي تحسنا خلال العام الجاري بنسبة 1.6 في المائة، وتركيا واحدة من الدول التي تعرضت قيمة عملتها خلال السنوات الماضية لانخفاض كبير». وكانت أورنس توقعت في وقت سابق أن يحقق الاقتصاد التركي خلال 2019 نموا بنسبة 1.6 في المائة، وخلال العام المقبل بنسبة 3 في المائة.وعدل البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي خلال 2018، من 3.1 في المائة إلى 3 في المائة وللعام 2019 من 3 في المائة إلى 2.9 في المائة.وتوقعت وكالات التصنيف الدولية أن تستمر حالة الانكماش في الاقتصاد التركي في 2019 لينمو بأقل من 3 في المائة وأن يواجه عاما صعبا.في غضون ذلك، فرضت الحكومة التركية اعتبارا من الليلة قبل الماضية زيادة جديدة على أسعار الوقود، بمقدار 17 قرشا على سعر لتر البنزين، وبنحو 18 قرشا على سعر لتر الديزل. وبحسب بيان صادر عن نقابة محطات الإمداد بالطاقة، والنفط، والغاز الطبيعي سيرتفع سعر لتر الديزل في العاصمة أنقرة من 5.76 ليرة إلى 5.94 ليرة (ما يقرب من 1.2 دولار) بينما في إسطنبول سيرتفع سعر اللتر من نفس المادة من 5.63 ليرة إلى 5.81 ليرة تقريبا.أما سعر لتر البنزين فسيرتفع في العاصمة من 5.94 ليرة إلى 6.11 ليرة تقريبًا (أكثر من 1.25 دولار) وفق الزيادة المقررة، وفي إسطنبول سيصل سعر اللتر الواحد إلى 5.99 ليرة بعد أن كان 5.82 ليرة.وتظهر الأسعار التي تحددها شركات التوزيع في تركيا، اختلافات طفيفة فيما بينها من مدينة لأخرى؛ بسبب شروط المنافسة.كانت الحكومة التركية بدأت، مطلع العام الحالي، فرض ضرائب ورسوم جديدة على مختلف السلع، في محاولة منها لتدبير موارد مالية لتقليص عجز الموازنة المرتقب خلال 2019.ونشرت الجريدة الرسمية في تركيا، الأحد الماضي قرار الحكومة برفع ضريبة الاستهلاك الخاص للسلع التي تصنع من التبغ إلى 67 في المائة.وشهد الأسبوع الماضي نشر القرار الخاص برفع ضريبة الاستهلاك المحصلة من المشروبات الكحولية بنسبة 13.48 في المائة، كما تم فرض زيادة ضريبة بنسبة 10 في المائة على رواتب المتقاعدين.ويقول خبراء إن الليرة التركية مرشحة لانخفاضات واسعة النطاق مقابل الدولار خلال العام الجاري، في ظل إقبال المستثمرين القلقين على الأصول الآمنة وبضغوط مخاطر متفاقمة على النمو العالمي.وتحتاج الحكومة التركية إلى ضخ النقد الأجنبي في البنك المركزي، بعد تراجع حاد في وفرة العملة الأجنبية داخل البنك والقطاع المصرفي.ويعاني الاقتصاد التركي من أزمة مزدوجة نتيجة معدلات التضخم المرتفعة (أكثر من 20 في المائة)، حيث أظهرت بيانات رسمية، نهاية الأسبوع الماضي، أن تضخم أسعار المستهلكين في تركيا سجل 20.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر (كانون الأول)، ما يعني أنه بقي فوق 20 في المائة للشهر الرابع على التوالي، بعد أن بلغ الذروة في أكتوبر ووصل إلى أعلى مستوى منذ أكثر من 15 عاما، مسجلا 25.24 في المائة.
مشاركة :