توقع صندوق النقد الدولي أن تسجل المملكة العربية السعودية، وعمان والبحرين مجتمعة عجزاً في رصيد الحساب الجاري يبلغ قرابة 16.7 مليار دولار أميركي أو ما يمثل 2.2 من مجموع إجمالي الناتج المحلي لهذه الدول. وتشير توقعات الصندوق إلى أن انخفاض أسعار النفط وبيئة الأسعار المنخفضة التي يتوقع أن تستمر على المدى المتوسط الأجل ستحول فوائض الحساب الجاري في معظم دول مجلس التعاون الخليجي ودول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى عجز في العام 2015. من جهة أخرى، سجلت المملكة العربية السعودية منفردة عجزاً في رصيد الحساب الجاري مقداره 404 مليار دولار على مدى الفترة الممتدة من العام 2012 إلى العام 2014. وعلى رغم ذلك، يتوقع أن تعود إلى تسجيل فوائض في الحساب الجاري تدريجياً على المدى المتوسط الأجل نتيجة للارتفاع التدريجي في أسعار النفط وتنفيذ خطط ضبط أوضاع المالية العامة. إضافة إلى ذلك، يتوقع صندوق النقد أن عودة السياسة النقدية للولايات المتحدة إلى طبيعتها من شأنه أن يؤدي إلى تشدد الأوضاع المالية والنقدية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي على رغم أن انتقال آثارها سيكون بطيئاً وجزئياً. وأكد صندوق النقد الدولي، في تقريره الأخير عن آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الصادر بتاريخ 5 مايو/ أيار 2015، توقعاته بشأن ضعف الاتجاهات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عموماً والأثر الناتج عن هذا الضعف على المالية العامة للحكومات المعنية وعلى الاستقرار الاقتصادي لهذه الدول بوجه عام. وأوضح التقرير أنه في ظل الانخفاض الهائل في أسعار النفط من المتوقع أن تنتقل الثروة النفطية تدريجياً من الدول الخليجية المصدرة للنفط ذات الأوضاع المالية القوية إلى الدول المستوردة للنفط. واستناداً إلى تقرير صندوق النقد الدولي، تشير التقديرات إلى ارتفاع المخاطر العامة الناشئة عن تقلب أسعار النفط. ومن ناحية أخرى، يتوقع الصندوق انتعاشاً طفيفاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على رغم انخفاض أسعار النفط، إلا أنه أكد على تزايد مخاطر التطورات السلبية المعاكسة المرتبطة بحفاظ دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط على حصتها في سوق النفط العالمي في ضوء هبوط أسعار النفط ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض الإنفاق الحكومي وضعف النشاط غير النفطي. وبدأت دول مجلس التعاون الخليجي بالفعل في اتخاذ العديد من التدابير، فقد أعلنت المملكة العربية السعودية في فبراير/ شباط 2015، عن اتخاذ مجموعة كبيرة من التدابير الإصلاحية على صعيد السياسة المالية العامة قدرت قيمتها بنحو 4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، في حين تمضي الإمارات العربية المتحدة في اتجاه ضبط أوضاع المالية العامة بالتدريج. وفي البحرين، أعلنت الحكومة البحرينية عن رفع أسعار الغاز الطبيعي المستخدم للأغراض الصناعية (+11 في المائة) ورسوم التأمين الطبي على الموظفين (التي يدفعها أصحاب العمل) في بداية العام 2015، أما بقية دول مجلس التعاون الخليجي فقد أعلنت عن كبح نفقاتها الجارية والرأسمالية على عدة مستويات. وتوقع صندوق النقد الدولي أن يستمر النمو في معدلات الإنتاج النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي، ويرجع هذا النمو بصفة أساسية إلى ارتفاع الإنتاج النفطي في المملكة العربية السعودية، حيث من المقدر أن يبلغ معدل إنتاجها 9.8 ملايين برميل يومياً في 2015 وأن يواصل الارتفاع ليصل إلى 9.9 ملايين برميل يومياً في 2016. وتمثل زيادة مستوى الإنتاج النفطي وسيلة لاحتواء الأثر المالي الناتج عن انخفاض أسعار النفط، إضافة إلى أنها ستحافظ على حصة المملكة في سوق النفط. ومن ناحية أخرى، يتوقع صندوق النقد الدولي استمرار تراجع الصادرات النفطية الذي بدأ منذ العام 2013، حيث يُقدر أن تتراجع الصادرات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي من 13.8 مليون برميل يومياً المسجلة في العام 2013 إلى 12.7 مليون برميل يومياً في العام 2016. ومن المتوقع أن يكون التراجع كبيراً وخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة بمعدل سنوي مركب سلبي مقداره 4.2 في المئة في السنوات الثلاث المقبلة، تليها المملكة العربية السعودية بمعدل مقداره -3.0 في المئة، ثم قطر بمعدل -2.8 في المئة. ومن شأن هذا التراجع المصحوب بانخفاض أسعار النفط أن يؤثر بدرجة كبيرة على موازنات الحكومات المعنية بالأمر.
مشاركة :