مسجد البدية أحد أهم شواهد التاريخ الإماراتي المقامة ضمن فعاليات مهرجان الشيخ زايد التراثي، بوصفه أقدم مسجد لا زالت تقام فيه الصلاة في دولة الإمارات منذ بنائه في قرية البدية بإمارة الفجيرة منذ ما يقرب من 600 عام، وبالتالي، فإن وجود مسجد يحاكي تماماً مسجد البدية في كل تفاصيله وحتى المواد التي بني منها في مدخل البوابة الرئيسة للمهرجان، يعكس الاهتمام بالمعالم الدينية في الدولة باعتبارها جزءاً رئيساً في الموروث الحضاري والثقافي للشعب الإماراتي، ويمتزج مع غيره من ألوان الموروث المحلي ليرسم لوحة فسيفساء مدهشة لحياة أهل الإمارات في الزمن القديم، والتي لا زال الأبناء يعتزون بكل ما فيها من عادات وتقاليد وحرف، ويجعلونه أساساً تقوم عليه دولتهم الحديثة. أعماق التاريخ ومع اقتراب موعد كل صلاة يرتفع الأذان من مسجد البدية في المهرجان، ليتجمع صفوف المصلين من جمهور المهرجان لتأدية الفروض المختلفة، وفي الوقت ذاته يبحرون إلى أعماق تاريخ الأهل والأجداد، ويطالعون نموذجاً من الأشكال المعمارية التي كانت سائدة في الزمن القديم، وكيف أن أهل الإمارات استطاعوا استخدام المكونات البيئية البسيطة للقيام ببناء مسجد بديع الشكل ويخضع لمواصفات معمارية دقيقة استطاع أن يبقى صامداً قرابة 6 قرون حين تم بناؤه في العام 1446 ميلادية. ويقول خالد محسن العامري، إن المهرجان بفعالياته المتميزة استطاع أن يجذب أعداداً كبيرة لزيارته، والتعرف على كل ما فيه من أشكال التراث الإماراتي والحرف المختلفة التي كان يمارسها الأولون، وساعدتهم على تيسير أمور حياتهم، كما أن وجود شواهد حية للتاريخ الإماراتي ضمن فعاليات المهرجان مثل مسجد البدية، من الأمور التي تجعلنا نتوجه بالشكر للقائمين عليه أنهم استطاعوا نقل التراث والتاريخ إلى الجمهور، وتعريف الجميع بمراحل مهمة من حياة أهل الإمارات، ومنها المرحلة التي بنيت فيها مسجد البدية، فتكون مطالعة المسجد بكل تفاصيله، وكأنه درس في فنون العمارة التي كانت سائدة في هذا الزمن، وكيف أن الإنسان الإماراتي حرص على إقامة مساجد ذات طراز معماري جميل باستخدام مكونات بسيطة، ولكنها استطاعت أن تبقى كل هذه الفترة بالشكل نفسه التي بنيت عليه تقريبا، وذلك بفضل الرعاية المستمرة للمسجد وعمليات الترميم والتجديد التي يخضع لها باستمرار للحفاظ عليه، وتأكيداً على أهميته في تاريخ الإمارات كأحد الشواهد الحية على هذا التاريخ، وبأن الإماراتيين منذ القدم اهتموا بالدين وأصبح الالتزام بفروضه جزءاً من نظام حياتهم اليومي. تطور مستمر وأوضح حمد عبدالله، أنه يزور المهرجان باستمرار منذ انطلاقه قبل عدة سنوات، مؤكداً أنه يتطور باستمرار في كل عام، ويصبح أكثر عالمية بفضل المشاركة الواسعة للعديد من دول العالم ضمن فعاليات المهرجان، وهذا بحد ذاته فرصة لنقل تراثنا وتاريخنا إلى الآخرين، ويعتبر مسجد البدية واحداً من أهم المعالم التاريخية في الدولة، والذي نعتز به جميعاً لقيمته الدينية والتاريخية، لأنه يني منذ 6 قرون ، ولازالت تقام فيه الصلاة إلى يومنا هذا محتفظاً بشكله العريق الذي يزداد أصالة كل عام. وتمنى أن يستمر الاهتمام بمسجد البدية وغيره من المعالم المهمة في الدولة باستمرار لأنها تاريخنا الذي يجب أن نعتز به. أما سالم أحمد الراشدي، فأكد أن أكثر ما يميز مسجد البدية ويعطيه تفرداً بين غيره من المساجد أن له طرازاً عمرانياً فريداً يجعل منه وجهة سياحية ويزوره السائحون من كل العالم، حيث يعلوه 4 قباب مختلفة الأحجام وكل قبة تتكون من ثلاث قباب فوق بعضها، بدءًا من القبة الأكبر في القاعدة ثم الأصغر فالأصغر. وغير ذلك من المواصفات المعمارية الفريدة التي يمكن لزائر المهرجان مطالعة جانب منها خلال تجواله في ساحات المهرجان لينهل من موروثنا العريق الذي نباهي به العالم من خلال الفعاليات التراثية المختلفة التي تنظمها الدولة محلياً، أو تشارك فيها عالمياً، ومنها مهرجان الشيخ زايد التراثي. اهتمام لافت وعبر الراشدي، عن اعتزازه بمظاهر الاهتمام اللافت بكل ما يتعلق بتراثنا وتاريخنا في فعاليات المهرجان، بدءاً من جناح ذاكرة الوطن التابع للأرشيف الوطني، يما يطرحه من عدد كبير من الوثائق والصور والمقتنيات، مروراً بمختلف الحرف البحرية والبرية التي مارسها الأقدمون بحب وشغف وإلا ما كانت استمرت هذه الحرف حتى يومنا هذا، فكان مهرجان الشيخ زايد التراثي فرصة حقيقية للأجيال الجديدة للتعرف على موروثنا الغالي، ومطالعة مجسمات وشواهد لحياة الأقدمين في مختلف أرجاء المهرجان ومنه مسجد البدية، الذي جاء إلى زوار المهرجان حيث هم، بدلاً من أن يذهبوا إليه في إمارة الفجيرة، حيث يقع المسجد الأصلي الذي لا زال شامخاً، وتؤدى فيه الصلوات الخمس منذ مئات السنين، وحتى هذه الأيام. أَعلام على الطريق أعداد كبيرة من الرايات واللافتات الإرشادية انتشرت على الطرق المؤدية لمهرجان الشيخ زايد التراثي، سواء للقادمين من أبوظبي، أو من طريق العين ودبي، حيث زينت الأعلام الحاملة لشعار المهرجان، وصور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، جنبات الطرق المؤدية إلى الحدث التراثي الأضخم في المناطقة لتكون خير دليل لقائدي السيارات، سواء من أبناء الدولة أو المقيمين والسائحين المتوجهين لمنطقة الوثبة للاستمتاع بفعاليات المهرجان الذي انطلقت في الثلاثين من نوفمبر الماضي، وتستمر حتى السادس والعشرين من يناير الجاري في تظاهرة ثقافية وتراثية فريدة عكست جوانب الموروث الإماراتي والعالمي الذي انتشرت مفرداته في ساحات النسخة الحالية للمهرجان التي أقيمت تحت شعار «الإمارات ملتقى الحضارات». رؤية صائبة حسين صالح العامري، قال إن وجود مسجد البدية في موقع مهم داخل المهرجان يعكس الرؤية الصائبة لمسؤولي المهرجان والقائمين عليه وإدراكهم لقيمة المسجد لدى أهل الإمارات، لافتاً إلى أنه ليس من سكان إمارة الفجيرة، وكثيراً ما تمنى زيارة المسجد غير أن انشغالات الحياة والعمل لم تساعده على ذلك، فكانت إقامة مجسم مماثل لمسجد البدية، وتقام فيه الصلاة أيضاً، وليس مجرد للمطالعة، مبادرة موفقة شكر عليها إدارة المهرجان التي لم تقصر في نشر مختلف أشكال التراث والتاريخ الإماراتي بشكل مميز عبر فعاليات المهرجان بدءًا من التصميمات التراثية لأغلب الأجنحة الموجودة في المهرجان وبوابته المختلفة، التي تشعرك بالعراقة والأصالة حين تبدأ الجولة في أرجاء المهرجان، فضلاً عن أجواء الضيافة والتنظيم عالي المستوى الذي يشجع الجميع على اصطحاب عائلاتهم وأطفالهم، ليستمتعوا بهذه الأجواء التراثية المميزة، ويتعرفوا على الحرف وأساليب الحياة التي عاشها أهلنا في زمن قبل، والتي لا زال الكثير منها مستخدماً في وقتنا الحالي خاصة فيما يتعلق بأزيائنا وعادات الكرم والضيافة وحسن التعامل مع الآخرين.
مشاركة :