محمد الماحيتتفق أطراف العملية التعليمية على الارتباط الوثيق بين جودة التعليم في المدارس الخاصة، وأجور المعلمين فيها، إذ كلما حرصت المدرسة على تأمين وضع معيشي مستقر لكادرها التدريسي، أوجدت مساحة من الاستقرار المادي والنفسي للمعلم بما يحثه على بذل جهود كبيرة ومطلوبة في تطوير وتطبيق معايير التعليم والتعلم.ويعاني عدد من المدارس الخاصة بعض المشكلات والسلبيات، أهمها تدني مستوى الجودة نتيجة لسياساتها التي تبحث عن المعلم الأقل تكلفة مادية وليس الأكفأ علمياً وتربوياً، حتى تعالت أصوات أولياء الأمور معبرة عن عدم ثقتهم بمعايير التعليم الخاص، التي تحولت على حد وصفهم إلى عملية تجارية بحتة على حساب الارتقاء بالمستوى العام للتعليم، لذا أصبحت المدارس الخاصة تمثل خياراً جيداً لكثير من المستثمرين لأنها تحقق أرباحاً كبيرة من خلال الرسوم الباهظة التي يجنونها من الأسر مقارنة مع رواتب المعلمين الزهيدة.تشهد العديد من المدارس حالات تقديم استقالات المعلمين في منتصف العام الدراسي، دون النظر إلى المنهج أو لوضع الطالب بسبب عدم الاستقرار الوظيفي للمعلمين، لذلك تلجأ المدارس إلى نشر إعلانات على مدار العام لتتمكن من الحصول على معلمين جدد ودفعهم إلى الحصص الدراسية دون حصولهم على رخصة المعلم والخبرة الكافية وتقييم الجهات القائمة على التعليم الخاص بالدولة.استقرار وظيفيعلّق محمد راشد رشود رئيس مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات بدبا الحصن، قائلاً إن راتب المعلم في معظم المدارس الخاصة لا يتناسب حالياً مع غلاء المعيشة والزيادة في أسعار السلعوالتزامات الحياة، مضيفاً أن معلمي المدارس الخاصة يعانون ضعف الرواتب وعدم وجود استقرار وظيفي، على الرغم من التزام تلك المدارس بالزيادة السنوية للرسوم المدرسية.ودعا المعلمين ممن يشعرون بالغبن أو يتعرضون لأي ضغوط بتخفيض رواتبهم، للتوجه إلى وزارة الموارد البشرية والتوطين وتقديم شكوى بذلك، مشيراً إلى أن تدني مستوى التعليم في المدارس الخاصة، رغم ارتفاع رسوم تلك المدارس بصورة كبيرة، يجعل أغلب الأسر تلجأ إلى إعطاء أبنائها دروساً خصوصية في كل المواد، لأن المدارس الخاصة أصبح هدفها الحصول على أقصى ربح مادي ممكن من دون النظر إلى تقديم مستوى تعليمي جيد، وبالتالي هذه المشكلة كانت وراء ازدهار الدروس الخصوصية.وأشار سعيد الهنائي، والد لطالبين في مدارس خاصة، إلى أنه فوجئ بتدني مستوى المدارس الخاصة الكبيرة التي تعتبر من أشهر المدارس في الدولة، رغم ارتفاع رسومها الدراسية، مضيفاً أنه يفكر حالياً في تحويل أبنائه إلى مدارس خاصة أخرى ذات رسوم دراسية منخفضة وأقل تكلفة من تلك المدارس، لأنه اكتشف عدم وجود فارق كبير بين مستوى التعليم، الذي تقدمه المدارس الخاصة الصغيرة وبين ما تقدمه المدارس الدولية الكبرى، التي تعدّ فروعاً من المدارس العالمية.عمليات الرقابةوطالب عدد من التربويين الجهات المعنية القائمة على التعليم الخاص، بوضع معايير تقييم لمعلمي المدارس الخاصة وتشديد الرقابة على تعيينهم، ومراقبة أداء المدارس سنوياً حتى لا ينعكس ذلك سلبياً على الطلبة.ويرى الخبير التربوي علي حميد الجنيد، أن على الجهات المعنية تكثيف عمليات الرقابة على المعلمين الذين يتم تعيينهم في المدارس الخاصة واتباع لائحة التعليم الخاص التي تتضمن الإشراف والرقابة عليها سواء كانت في الأمور المالية أو تخص المباني الدراسية أو المنهاج والمقرر أو تعيين المعلمين وتقييمهم، لافتاً إلى أن معلمي المدارس الخاصة يحتاجون إلى تدريب على المناهجوالمستجدات التي تطرأ عليها ليواكبوا تطوير التعليم.وقال إن المدارس الخاصة تستقطب المعلمين الأقل خبرة وتأهيلاً بما يتوافق مع تدني رواتبهم، بينما تقوم المدارس التي لا تعاني ضيقاً مادياً بتعيين معلمين مؤهلين وطالب الجهات المعنية بالتدخل وتحديد حد أدنى لرواتب المعلمين وأن تكون هنالك زيارات تفتيشية مستمرة للمدارس ولا تقتصر على بداية العام الدراسي.الخطة الأكاديميةويقول الدكتور سالم زايد الطنيجي الأستاذ بكليات التقنية: يجب على المعلم المتقدم للوظيفة أن يتمتع بدراية جيدة حول مستوى جودة الخدمات التعليمية، ونقاط قوة المدرسة وتوصيات جهاز الرقابة المدرسية، ما يؤهله للمضي قدماً بتطوير المدرسة التي يريد العمل بها، لافتاً إلى أنه يجب على الجهات القائمة على التعليم الخاص بالدولة، التأكد من أن المعلم المرشح للوظيفة، لديه دراية كاملة وشاملة بمضمون الخطة الأكاديمية للمدرسة التي تم اعتمادها، والتأكد من قدرة المرشح على تطبيق رؤية المدرسة ورسالتها، فضلاً عن التأكد من احترام المرشح لطبيعة مجتمع الدولة متعدد الثقافات، ومراعاته للثقافة والتقاليد المحلية، ومراعاته للتنوع الثقافي في مجتمع المدرسة.وتابع: يجب أن لا تقتصر عمليات وإجراءات التعيين على تقييم كفاءات ومؤهلات المرشحين لوظيفة المعلم، بل تركز أيضاً على تقييم مدى معرفة المعلمين المرشحين بالتقييمات الدولية، وكيفية مواءمة أهداف وتوقعات المنهاج التعليمي وأساليب التدريس، من أجل ضمان تمكين الطلبة من تحقيق نتائج متقدمة في التقييمات الدولية.الخبرات والكفاءاتوقال الخبير التربوي الدكتور خالد صقر المري، إن متطلبات استراتيجيات التدريس الحديثة تركز على تعيين معلمين مؤهلين من أصحاب الخبرات والكفاءات اللازمة في مختلف التخصصات، وتجري اختبارات تحريرية وشفوية لهم قبل التعيين تركز على تقييم مدى جودة المعرفة العلمية للمعلم بمادته الاختصاصية، ومدى إتقانه وفهمه لأساليب التعليم والتعلم وأفضل الممارسات التربوية والتعليمية، ومدى جودة مهاراته في الإدارة الصفية الناجحة.وأضاف: يتعين على المعلمين المرشحين من قبل المدارس الخاصة للعمل فيها اجتياز الاختبارات التحريرية والشفوية ليحصلوا من الجهات القائمة على التعليم الخاص بالدولة، على إخطارات تعيين تجيز لهم العمل في المدارس التي رشحتهم، مع التزام الجهات المعنية بتقديم أفضل دعم ممكن للمدارس الخاصة في سعيها لتوظيف كوادر مؤهلة.الموارد البشرية: العقد شريعة المتعاقدينأفاد سيف أحمد السويدي وكيل وزارة الموارد البشرية والتوطين لشؤون الموارد البشرية، أنه لا حد أدنى لرواتب العاملين في قطاع التعليم الخاص وأن عقود المعلمين تنطبق عليها البنود الخاصة بالعقود الأخرى.وأشار إلى أن الأجر علاقة تعاقدية بين المعلم ومدرسته، والعقد شريعة المتعاقدين، ولا تتدخل الوزارة فيه كونه حدد بالاتفاق والتراضي. وفي ما يتعلق بمواصفات عقود المعلمين في التعليم الخاص، أكد أن عقود المعلمين تخضع لقانون العمل بإجراءاته وشروطه كافة، وإذا أقدمت أية مدرسة على عمل عقود إضافية خاصة بينها وبين المعلم، تتعارض بنودها مع القانون لا يعترف بها، مؤكداً أن الوزارة تعتمد فقط نموذج العقد الموجود لديها، وهي مسؤولة عما يرد فيه.
مشاركة :