دور القراءة في فهم عقلية العملاء والزملاء

  • 1/13/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يمكن للكتب أن تجعلك أكثر ذكاء واطلاعاً وأكثر تواضعاً من الناحية الفكرية. لكن من أكثر الفوائد المرجوة من القراءة المنتظمة هي تعزيز قدرتك على التعاطف مع الآخرين. ومن خلال الكلمات ستتفهم وجهات نظر الآخرين، وتتعرف إليهم عن كثب، بالإضافة إلى إدراك شعورهم بالفرح والحزن. ويمكن لذلك أن يخفف من الشعور بالوحدة ويجعل الحياة أكثر متعة، كما أنه مفيد للأعمال والحياة المهنية، حيث يساعدك على فهم عقلية العملاء، ناهيك عن المساهمة في إنجاز المزيد من المهام بطريقة أكثر إبداعية. إذاً، كيف يمكن للكتب المساهمة في هذه الأمور؟ خلال مقابلة أجراها موقع «ليتراري هاب»، أوضحت ماريان وولف، الخبيرة في تنمية المهارات في جامعة «تافتس»، الفوائد الكبيرة من القراءة وما مدى تأثير الكتاب الجيد على العقل، وهذه الفوائد قيمة جداً لأي مهني يرغب في استخدام الكتب كأداة لتقديم أفضل ما عنده في العمل. لا سلاح أقوى من الكتاب تقول الشاعرة إميلي ديكنسون «لا يوجد شيء يمكنه أخذنا إلى عوالم جديدة مثل الكتاب»، في حين يذكر البعض أن ميكافيلي كان يلبس أزياء مثل الشخصيات التي يقرأ عنها في الكتاب وكان يعقد معها مناقشات خيالية، فقط لنبين لك مدى التأثير الذي يمكن أن يحدثه كتاب جيد في تفكيرك وشخصيتك وحياتك. قد يكون ميكافيلي بالغ كثيراً في تقمص الشخصيات التي كان يقرأ عنها، ولكن بالنسبة لشخص عادي مثلك، فإن قراءتك لرواية أو لقصة تشعر بأنك منغمس في حبكتها أو شخصياتها، لا يزال تأثيراً قوياً إلى حد كبير. وتقول وولف إن «تبني وجهة نظر الآخرين»، أي أن تضع نفسك في مكان الآخرين، يساعدك على فهم مستويات المشاعر المتناقضة التي يمتلكها كل منا في الأغلب، الأمر الذي يجعلك تشعر بأنك لست الشخص الوحيد الذي يمتلك هذا المزيج المعقد من العواطف. وأي شخص قرأ عن شخصية في كتاب ما وقال لنفسه: «أنا لست الشخص الغريب الوحيد الذي يفكر بهذه الطريقة» أو «لم أفكر قط بهذا الأمر من هذا المنظور»، سيدرك ما الذي تقوله السيدة وولف. القراءة تنير العقل يتضح أنه عندما تكون منغمساً في قراءة كتاب عظيم، فإن أجزاء الدماغ المسؤولة عن معالجة اللغة ليست هي الوحيدة التي تكون تعمل بنشاط. وفي الواقع، أنه عندما نكون مندمجين جداً مع القصة، فإن أدمغتنا تعكس وتصور تصرفات ومشاعر الشخصيات في الرواية. لذا إذا كان شخص ما في الرواية يسبح أو يجدّف، فإن الأجزاء في دماغك المسؤولة عن الأنشطة البدنية، ستعمل كما لو كنت تسبح أو تجدف في الحقيقة. وتوضح وولف:«إن من أكثر المقالات المثيرة للاهتمام التي قرأتها كانت ل ناتالي فيليبس الباحثة في أدب القرن الثامن عشر، حيث تعاونت مع علماء في الأعصاب في جامعة ستانفورد لدراسة ما يحدث عندما نقرأ القصص الخيالية بطرق مختلفة. وخلصت فيليبس مع زملائها إلى أنه عندما نقرأ عملاً خيالياً عن كثب، فإننا نقوم بتنشيط مناطق من أدمغتنا تتماشى مع ما تشعر به وتفعله الشخصيات». أو بعبارة أخرى، عندما تقرأ رواية «آنا كارنينا» وتجدها تستقل القطار، أو تقفز بين الممرات، فأنت فعلياً تتابع تحركاتها عن كثب، وعندما تقرأ عن ثوب حريري أو عن حفيف الأشجار، فإن القسم المسؤول عن الإدراك الحسي في دماغك سينشط. وعلى المستوى الأساسي للدماغ، فنحن نخوض نفس التجربة التي تخوضها الشخصيات. نحن لا نقرأ الكتاب فحسب، بل نعيشه على المستوى الإدراكي والحسي. القراءة العميقة مفيدة جداً تجدر الإشارة إلى أن ما ذكرناه لا ينطبق إلا على القراءة العميقة، وهو النوع من القراءة الذي تكون فيه منغمساً في كتاب واحد، وهذا الأمر يفسده وميض شاشات هواتفنا وحواسيبنا. وإذا كنت تتنقل من موقع لآخر وتبحث عن المعلومات أو كنت تقرأ من إحدى علامات التبويب من أصل 15 أخرى مفتوحة على متصفحك، فإن دماغك لا ينشط بنفس الطريقة عندما تكون مندمجاً في قراءة شيء. وقد تتعلم الحقائق، لكنك لن تكسب العاطفة. لذا خصص بعض الوقت أسبوعياً للانغماس في كتاب، بعيداً عن المشتتات والمنغصات، فهذه القراءة العميقة تغذي تواصلك العاطفي الحقيقي مع زملائك وأصدقائك وعملائك.

مشاركة :