هناك خبر قرأته قبل أيام جعلني في حيرة من أمري بين تفاؤل، وبين استغراب، وبين عدّة مشاعر متناقضة، وهو خبر بسيط، مثل مستصغر الشرر، أحببت أن تشاركوني تناقضاتي حول هذا الخبر، الذي يقول إن أمانة إحدى المدن انتفضت وأزبدت وأرعدت عند نشر شكوى من مواطنين عن وجود حفرة في أحد شوارع المدينة. وأوضح المتحدث باسم الأمانة بأنه جرى الوقوف على الموقع من قِبل الإدارات المختصة... ...وتبيّن أنّ الصندوق لعداد المياه عمقه حوالي نصف متر ويتبع إحدى مؤسسات الزراعة وهو محكم الإغلاق، ولا يشكل أي خطورة على المارة، ومن زيادة حرصهم قاموا بتصوير سيارة الأمانة وهي تقف فوق الحفرة المغطاة، في نفي قاطع وحازم لمصداقية رواية المواطنين، والحقيقة التي يعرفها جميع المواطنين أنّ كلام الأمانة وردّ فعلهم وتكذيبهم لكلام المواطنين، ما هو إلا سياسة تعوّدنا عليها وأصبحنا لا نستغربها أبداً، بل نستغرب إذا لم يتم تكذيب شكوى المواطن، مع أننا في أعماقنا وداخل أنفسنا نجزم ونقسم أنه لا يوجد مواطن على وجه هذه الأرض يهدف إلى إزعاج دولته ببلاغ كاذب عن حفرة! والحقيقة الأكثر مرارة، أنّ أي مسؤول في أي مدينة من مدن المملكة يريد إقالة المسؤول عن أمانة المنطقة بضمير مرتاح وشعور إيجابي، ما عليه سوى أن يقوم بجولة في شوارع المدينة، سيجد ألف سبب وسبب، جميع أنواع الحفر بكافة أشكالها وأعماقها تكتسح شوارعنا دون استثناء، هذا غير الشوارع التي تعاني من عيوب أساسية سواء من ناحية هندستها أو اتجاهها أو حاجتها لإشارة ضوئية أو حاجتها لإعادة بناء مرة أخرى، نعرف مسبقاً أنه ليس هناك مواطن يتحمل وزر بلاغ كاذب عن وجود حفرة تشكل خطراً على أرواح الناس، التي لا يكاد يخلو شارع منها، وللأمانة وإحقاقاً للحق إنّ بعض الحفر يتم تغطيتها ولكن بنوع رديء من الإسفلت سرعان ما يتلاشى وتبقى الحفرة صامدة تتحدى جميع وسائل أمانة المدينة في ردمها، هذا غير التوزيع العشوائي «للمطبات» الصناعية في الشوارع، مع تفاوت أشكلها وأحجامها، وكأنّ الأمر يتم السكوت عنه لتنتفع ورش السيارات أكثر وأكثر، لست خبيرة استراتيجية، لكني أنصح إخواني في أمانات مدن المملكة الاهتمام بمثل هذه الأمور التي يعتقدون بتفاهتها مع أنها تدل دلالة واضحة على مدى الحرص على مصلحة المواطن، وليس اتهامه ببلاغ كاذب عن «حفرة»!
مشاركة :