باحثون ومثقفون بصوت واحد: وسائل الترفيه التراثية نريدها حاضرة في أجندة الهيئة

  • 1/14/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الأوامر الملكية الكريمة التي صدرت مؤخرًا لضخ الدماء والتجديد في شرايين الأجهزة الحكومية من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- هي أوامر أثلجت الصدور، وجددت التفاؤل في نفوس الناس؛ لما في ذلك من تطوير وتجديد في عمل الأجهزة الحكومية كافة. ومن بين هذه الجهات الحكومية التي يرقب الناس عملها وتتابعها، وشرائح المجتمع كافة، هيئة الترفيه؛ كون الترفيه أصبح جانبًا أساسيًّا في ظل ضغوطات الحياة. وبدورنا في «الوراق» سألنا بعض الباحثين والمثقفين ماذا يأملون من هذه الهيئة ورئيسها معالي الأستاذ تركي آل الشيخ؟ فكانت الإجابات مختلفة ومتنوعة، تعكس ثقتهم بهذه الهيئة، وتطلعهم إلى أن تكون برامجها مُرضية لشرائح الوطن كافة، وفي كل مناطقه. أبا بطين: لدى جيلنا ذكريات جميلة.. وألعاب الماضي لا تندثر الشيخ عبدالله أبا بطين ناشط في العمل الخيري والثقافي، ويدير ملتقى ثقافيًّا نشطًا، تحدث بشكل مباشر لمعالي الأستاذ تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة، وهو في أول أيام إدارته لهذا الجهاز، وقال: أعتقد أن (30 %) من أبناء وبنات هذا الوطن تجاوزت أعمارهم 50 سنة. هؤلاء يحتفظون بذكرى جميلة، هي (ألعاب منول). ويقول أبا بطين: لن أعدها في نجد فقط، بل تشمل أنحاء بلادنا الغالية كافة مهما اختلف نوعها. ويضيف أبا بطين في حديثه مخاطبًا رئيس الهيئة: معاليكم مطالَب من قِبلنا بأن تربط الماضي بالحاضر؛ فتقسّم كل سنة مهرجان (ألعاب منول).. وإن صعب ذلك أن يقام في كل منطقة أو كل محافظة. علمًا بأن كل محافظات سدير سوف أتكفل بجميع مصاريفها وإقامتها في ملتقى عبدالله بن محمد أبا بطين الثقافي. ويختم أبا بطين حديثه بقوله: يسرُّنا أن يكون معاليكم هو الذي يدشن هذا الأثر الوطني الذي - للأسف - اندثر، وبإذن الله سوف تُبث فيه الروح من جديد من خلالكم. المدلج: نريد برامج غير مملة.. ونحتفل بمنجزات الوطن وبدوره، قال الأستاذ عبدالله المدلج، وهو رجل أعمال وناشط اجتماعي: أحب أن أبيِّن في هذا الخصوص أن الترفيه فيه ما هو إيجابي ومفيد، وفيه ما هو ممل.. فلنشاهد ما يرقى بأذواقنا ومعرفتنا إلى الأفضل، مثل الأعمال المسرحية الملتزمة، ومثل ألعاب ديزني لاند مما فيه تعليم عن طريق اللعب، وكذلك الفنون الراقية، وإقامة المعارض لها. ويشدِّد المدلج على أن يكون الترفيه في حدود الأدب والأخلاق الكريمة، واحترام الدين وقيم المجتمع والمشاعر الإنسانية، ونتجنب حضور الأشخاص المشينين شكلاً وسلوكًا، وإن كانوا مشهورين في مجتمعاتهم حماية للشباب من التقليد والاقتداء المضر بهم الذي يتنافى مع أخلاقنا وديننا؛ فنحن أمة لها دين وأخلاق وخصوصية إقامة الحفلات الغنائية الراقية والاحتفال بمنجزات الوطن والمواطنين الثقافية والعلمية والفنية، واحترام جنودنا المرابطين على الحدود بتجنب ممارسة الترفيه المبتذل والمستهجن والتبذير في تكلفته الباهظة.. ونحن في حالة حرب، وبحاجة إلى الجد وشد العزم. الحميضي: في الترفيه اكتساب مهارات أما الأستاذة فوزية الحميضي، وهي مهتمة بالتاريخ المحلي وتاريخ التعليم، فترى أن في الترفيه اكتساب مهارات وثقافة ومعرفة.. خاصة إذا قمنا بزيارة المتاحف أو المواقع الأثرية والتاريخية والسياحية في بلادنا الحبيبة.. ولكن هذا لا يمنع من إيجاد وسائل ترفيه وتسلية للصغار والكبار - كل في مدينته - دون الحاجة للسفر إليها، وتعتمد فكرتها على الأنشطة والألعاب الرياضية الشعبية التي كنا نمارسها في زمننا الماضي. وأقترح - والحديث للحميضي - أن تُنظَّم داخل نطاق المزارع والحدائق العامة الكبيرة؛ ليستمتع الناس بالألعاب والخضرة!! وهنا يتحقق لهم الترفيه والتسلية، وهو ما يسعى إليه معالي الأستاذ تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للترفيه. الملا: الألعاب في السابق أدخلت السعادة رغم بساطتها أما الأستاذة فاطمة بنت عبدالرحمن الملا - وهي مديرة وحدة تطوير الموارد البشرية بتعليم الأحساء وباحثة ماجستير - ففضلت التذكُّر عند الحديث عن رسالتها للهيئة ورئيسها، وقالت: أسترجع ذكرياتي السابقة وما سمعته من والدي ووالدتي وجدتي عن الألعاب القديمة التي تمتاز بالبساطة، وما تدخله من سعادة لدى الأطفال؛ فبساطة البيئة والمجتمع أدت إلى استخدام الأدوات المتاحة والألعاب البسيطة، كاستخدام عظمة الدجاج وتركيبها بإيحاءات مشابهة للدمى، كذلك لعبة السكينة والحبلية والتيل.. وجميعها ألعاب جماعية تسعى إلى تنمية النشاط الذهني والحركي. وتضيف الملا: بعد ذلك تطورت الألعاب للعبة بأشبه بماكينة الخياطة، وتسهم في تنمية النشاط الحركي اليدوي. وكذلك الألعاب التي توجد في الأماكن العامة التي تعتمد على الحركة كالمرجيحة والزحليقة والصحن الدائري.. فجميعها يعتمد على النشاط الحركي. المسفر: واثقون بآل الشيخ.. والترفيه مثل الغذاء يختاره المستهلك أما الزميل الباحث الأستاذ محمد المسفر - وهو باحث ومهتم بتاريخنا المحلي، وموظف في محافظة شقراء - فيقول: مع التحية لمعالي الأستاذ تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للترفيه.. نثق بحرصك على إيجاد برامج وفعاليات للترفيه للذكور والإناث.. وسبق أن قلت ذلك أنت «أريد أن تجد العائلة نهاية الأسبوع ترفيهًا يناسبهم». وأقترح يا معالي الرئيس أن تشكِّل لجنة من الجنسين؛ لتضع استراتيجية وبرامج للترفيه، وتختار ما يناسب مجتمعنا، ويتفق مع أذواقهم، وبيئتهم ومناطقهم، وتحقيق التنوع الجاذب لكل منطقة. ويشدِّد الأستاذ محمد المسفر على أن قبول الاقتراحات في الترفيه مثل الغذاء، يختاره المستهلك، ولا يُقرَّر بعيدًا عنه. الجمعان: لا يمكن تجاهل الألعاب الشعبية.. ولا نراها إلا في المهرجانات الأستاذ محمد الجمعان اسم برز في العناية بالموروث الشعبي، وهو صاحب محتف (ميز) في محافظة الحريق.. وقد وجَّه رسالة مباشرة لرئيس الهيئة، قال فيها: رسالتي لرئيس هيئة العامة للترفية هي أن الألعاب الشعبية القديمة موروث شعبي؛ لا يمكن تجاهله؛ لأنه ينمي روح الحب والبراءة عند ممارسته بين الأطفال (بنين وبنات). وللأسف أصبحت تلك الألعاب لا نشاهدها إلا في المهرجانات والفعاليات؛ فنحن نحتاج إلى الاهتمام والعناية والعمل على إعادتها. وأتمنى أن تقام في جميع مناطق المملكة؛ وذلك لتباينها من منطقة لأخرى، مع أهمية المحافظة عل ارتداء الأزياء الشعبية القديمة عند ممارستها؛ لتعطيها جمالاً وبروزًا. العقيل: الألعاب التراثية مَطلب جماهيري أما الأستاذ عبدالله بن صالح العقيل، الباحث والمؤرخ الذي صدر له الكثير من الكتب عن منطقة القصيم وجبالها ومدنها، ولاسيما محافظة الرس، فيشدد على أن الاهتمام بوسائل الترفيه والألعاب الشعبية القديمة مطلب جماهيري أكثر من أي وسائل أخرى. وهذا ما نؤمله من الهيئة ورئيسها مع شكره وتقديره. عمر المشاري: الترفيه المباح يعين على طاعة الله وفي ختام المشاركات والمداخلات في هذا التحقيق الصحفي نبرز رؤية شرعية وتربوية لفضيلة الشيخ عمر المشاري خطيب جامع الداخلة والباحث الشرعي؛ إذ يقول: الترفيه عن النفس إنما يكون للإعانة على طاعة الله. هذا بالنسبة للمكلفين. أما غيرهم من الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم فإن الترفيه في حقهم يكون بما يناسبهم، وبما يتفق مع التربية الصالحة؛ لأن الطفل يشب على ما تربى عليه؛ فمن اعتُني بتربيته تربية صالحة، سواء في توجيهه أو ترفيهه، فإنه يكون عضوًا صالحًا؛ لذا ينبغي على المسؤول عن الترفيه أن يختار للأطفال الألعاب المباحة، والقصص التربوية النافعة التي فيها الحكمة والأمثال السامية التي تغرس في قلوبهم الأخلاق الكريمة والصفات الحسنة، وتحببهم إلى طاعة الله من محافظة على الصلاة، وحث على بر الوالدين، وصلة الرحم والصدق، وتحذر من الكذب وإخلاف الوعد والأخلاق السيئة.. كل ذلك يعرض عليهم عرضًا مشوقًا، يتناسب مع مرحلتهم العمرية. والترفيه على وجه العموم إنما يكون بالمباحات، وهي كثيرة - ولله الحمد - ولا يكون الترفيه بما حرم الله. ويضيف الشيخ عمر المشاري: إن من أهداف الترفيه تجديد النشاط، والترويح عن النفس، وإدخال السعادة على المرء.. وكل هذه لا تكون إلا في ترفيه يعين على طاعة الله. أسأل الله أن يوفق القائمين على هيئة الترفيه لما يحبه الله ويرضاه، وأن يجعلهم مفاتيح خير مغاليق شر، وأن يجعل أنشطتهم وبرامجهم نافعة للمجتمع في دينهم ودنياهم.

مشاركة :