عمدة باريس تلعب دورًا كبيرًا في جهود المواساة بعد الهجمات

  • 2/9/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حتى بعد أن قدمت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية اعتذارها على خلفية بث ادعاءات كاذبة بشأن وجود مناطق يحكمها المسلمون وممنوع دخول غير المسلمين إليها، لم تخف عمدة باريس سخطها. وقالت آن هيدالغو، عمدة باريس، ذات التوجهات الاشتراكية، في إحدى المقابلات: «لقد أضرّ نشر مثل هذه الأكاذيب على نحو بالغ بسمعة وصورة مدينة باريس وأهلها». وأضافت أن باريس، التي ما زالت متأثرة بشدة بالهجمات الإرهابية التي وقعت في الفترة الأخيرة، لن تتسامح مع أي كلمات قد «تدنس» الحرية. وكان مساعدون لها قد صرحوا يوم الخميس باعتزامها رفع قضية تشهير ضد شبكة «فوكس نيوز» أمام إحدى محاكم باريس هذا الأسبوع، وذلك بمجرد حصولها على الموافقة من مجلس المدينة. وفسّر البعض هذا الإجراء القانوني بأنه تهديد غير جاد يستهدف تحسين صورتها، لأن مثل هذه الدعوى قد لا يكون له صدى كبير، على الأقل في الولايات المتحدة، لما يقدمه التعديل الأول للدستور الأميركي من حماية. ولكن المراقبين يرون رد فعلها مؤشرا على محاولة تباهٍ جديدة تصدر عن شخصية سياسية تعاني من التردد في بعض الأحيان، ولكنها تتميز بلين الكلام، والطموح، أصبحت في بؤرة الضوء بعد انتخابها عمدة باريس في شهر مارس (آذار) بسبب وقوع أعنف هجمات إرهابية تعرضت لها البلاد في العصر الحديث. من جانبها، قالت ماري إيف مالوينز، وهي كاتبة آراء سياسية لمحطة «فرانس إنفو» الإذاعية وصاحبة كتاب عن السباق الذي جرى العام الماضي على رئاسة البلدية بين هيدالغو ومنافستها ناتالي كوسيوسكو موريزيه: «إنها لم تغير شخصيتها، ولكن الناس ينظرون إليها على نحو مختلف الآن». هذا حقيقي، فبعد الهجمات التي وقعت الشهر الماضي داخل باريس وبالقرب منها أثناء عملية الحصار التي استمرت 3 أيام وأسفرت عن مصرع 17 شخصا، بما في ذلك الهجوم على الصحيفة الساخرة «شارلي إيبدو» ومتجر للأطعمة اليهودية، وجدت هيدالغو، البالغة من العمر 55 عاما والتي كانت تعمل مفتشة عمال، نفسها مضطرة لأن تلعب دورا جديدا وغير مألوف يتمثل في مواساة مدينة مفجوعة. عندما زارها جون كيري وزير الخارجية الأميركي، في زيارة رآها بعض أهالي باريس متأخرة قليلا، منحها «عناق» دعم بالنيابة عن الولايات المتحدة، ورحبت به هيدالغو في مقر مجلس المدينة الفخم في باريس وأمسكت بالميكروفون بينما كان المغني الأميركي جيمس تايلور يدندن: «لديك صديق». وبعد أيام، عندما جاءها بيل دي بلاسيو، عمدة نيويورك، لتقديم واجب العزاء، استدعت هيدالغو، وهي يسارية مثله توطدت عرى الصداقة بينهما، روح الثبات التي أظهرها أهالي مدينة نيويورك بعد هجمات 11 من سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة. وقالت إن باريس لن تهاب الإرهابيين كذلك، ولكنها أضافت أن أهالي باريس لن يعيشوا مثل السابق تماما. وبعد قضائها سنوات في مجلس المدينة في منصب نائب العمدة السابق برتراند ديلانو، برزت هيدالغو باعتبارها أول سيدة تفوز بمنصب عمدة باريس، بوصفها واحدة من أكثر الشخصيات الحزبية السياسية ثباتا في فرنسا. وكانت واحدة من قلائل اليساريين الذين فازوا في الانتخابات المحلية في شهر مارس الماضي التي شهدت هزيمة اليسار. ولكن البعض يرى أنها تتمتع بحضور أقل من سلفها، ولم تنضج بعد كقائدة لواحدة من أكثر المدن تألقا في العالم. وأطلقت عليها صحيفة «لو موند» في مقال منشور قبل انتخابها «هيدالغو الرقيقة». وجاء في المقال عبارة: «لم نسمعها منذ سنوات». ويرفض مساعدوها مثل هذه الانتقادات، ويرون أن وسائل الإعلام تستمتع بوضع القيادات النسائية في قالب ضعيف أو هستيري. وقال هيرفي مارو، مستشار اتصالات يعمل مع العمدة منذ سنوات: «إذا أردت استفزازها، فكن واثقا من أنها سترد». وهيدالغو هي ابنة كهربائي إسباني فرّ من النظام الإسباني في عهد فرانكو خلال ستينات القرن العشرين، كما أنها تنتمي لعدد قليل من أبناء المهاجرين الذين نجحوا في شق طريقهم وسط نظام يهيمن عليه الذكور بيض البشرة من النخبة ذات الأصول الفرنسية. ويمكن أن يكون لوضعها باعتبارها غريبة عن البلاد فائدة في وقت أثارت فيه الهجمات الإرهابية نقاشا حول التحديات الخاصة بدمج المهاجرين، والمسلمين بصفة خاصة، في المجتمع. فهي تقول: «إن قيمة السمات الفردية، وإمكانية تحديد الشخص لمصيره بنفسه، مرتبطة بمخيلة ورموز أميركا. أما هنا، فالأمر لا يسير بالطريقة نفسها. هناك بعض الاستثناءات القليلة التي تنجح في الاندماج، وأنا من هذه الاستثناءات، ولكن ليس هذا هو التيار السائد». يقول الأشخاص الذين يعملون معها إنها لا تعرف الكلل والتعب، فهي تصل إلى مقر مجلس المدينة في الثامنة صباحا في سيارتها الكهربائية من طراز «رينو». وفي أوقات الراحة، تشاهد مسلسلات أميركية مثل مسلسل «هوملاند» (الوطن)، رغم أنها لم تعد تفعل ذلك منذ وقوع الهجمات، بحسب قول مساعديها. ونظرا لأن هيدالغو تقلدت منصب نائب العمدة المسؤول عن التخطيط الحضري، فإنها كانت اليد الخفية التي كانت وراء تنفيذ بعض أهم المشروعات المبتكرة في المدينة، مثل تحويل ضفاف نهر السين إلى متنزهات، وجهود تجديد المدينة التي تضمنت إنشاء الكثير من الأحياء الجديدة. * خدمة «نيويورك تايمز»

مشاركة :