منيت الأسواق العالمية بخسائر في نهاية الربع الأخير من 2018، مع تراجع مؤشري ستاندرد آند بورز 500، ومورغان ستانلي للأسواق الناشئة بنحو 6.2%، و12.3% على التوالي، وفي المقابل، كان أداء الأسواق الخليجية أفضل بالمقارنة مع نظيراتها العالمية. يصدر هذا التقرير عن الآفاق الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في وقت يتميز بعدم اليقين حيال الاقتصاد العالمي وتقلبات الأسواق المالية، إذ خفض صندوق النقد الدولي في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أكتوبر 2018، توقعات نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 0.2 في المئة، لتصل معدلات النمو المتوقعة إلى 3.7 في المئة في العامين المقبلين مع احتمال تخفيض آخر، نظراً الى احتمال ميل كفة ميزان المخاطر إلى الجانب السلبي. ويهيمن على هذا الوضع بشكل عام، تصاعد الإجراءات الحمائية التجارية، التي أثارها خلافات فرض التعريفات الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى تشديد السياسة النقدية الأميركية في ظل قيام الاحتياطي الفدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة أربع مرات في عام 2018، وبواقع 25 نقطة أساس في كل مرة، وما لذلك من تداعيات على اقتصادات الأسواق الناشئة والدول ذات العملات المرتبطة بالدولار الأميركي التي تعاني خروج التدفقات الرأسمالية وارتفاع تكاليف الاقتراض. وحسب ما جاء في الموجز الاقتصادي الصادر عن بنك الكويت الوطني، تزيد حالة عدم اليقين المتعلقة بالوضع السياسي في بعض الاقتصادات المتقدمة من تعقيد الوضع العام. فمِن قيام إدارة الرئيس ترامب بإغلاق الحكومة جزئياً واحتمال تصاعد تأزيم الوضع التشريعي في الكونغرس الذي يقع تحت سيطرة الديمقراطيين، مروراً بإشكالية انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي وما واجهه الرئيس ماكرون من ضغوط احتجاجات ما عرف بالسترات الصفراء التي اجتاحت الشوارع الفرنسية، مما دفعه إلى التراجع عن الزيادة الأخيرة في الضرائب. كل تلك الأحداث ساهمت في وضع نهاية سيئة لعام 2018. ومنيت الأسواق المالية العالمية بخسائر في نهاية الربع الأخير من عام 2018، مع تراجع مؤشري ستاندرد آند بورز 500، ومورغان ستانلي للأسواق الناشئة بنحو 6.2 في المئة و12.3 في المئة على التوالي. وفي المقابل، كان أداء الأسواق الخليجية أفضل بالمقارنة بنظيراتها العالمية، حيث ارتفع السوق السعودي بنسبة 8 في المئة، وسجل سوق أبوظبي نمواً بنسبة 11.7 في المئة، في حين جاء السوق القطري في الصدارة بنمو سنوي بلغت نسبته 20.8 في المئة (وإن كان من مستويات منخفضة في 2017). أسعار النفط وتغيرت النظرة المستقبلية لأسعار النفط جذرياً على مدى الأشهر الستة الأخيرة، مع تعدد المخاطر المحتملة لعامي 2019- 2020. حيث نتوقع أن يصل متوسط سعر مزيج خام برنت إلى 65 دولارا للبرميل في عامي 2019 و2020، متراجعاً عن متوسط عام 2018 البالغ 71.6 دولارا للبرميل. فنظراً لتزايد إنتاج النفط الصخري الأميركي ورفع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها لمعدلات الانتاج، مروراً بقرار الرئيس ترامب بتقديم إعفاءات مؤقتة مدة ستة أشهر لأكبر العملاء الإيرانيين ووصولاً إلى تراجع نمو الاقتصاد العالمي، تراجع سعر مزيج خام برنت (المقياس المرجعي العالمي) بنسبة 38 في المئة تقريبا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2018، لتبلغ 54 دولارا للبرميل بنهاية العام رغم بلوغ خام برنت مستويات 86 دولارا للبرميل في أوائل أكتوبر الماضي. ودفع تراجع أسعار النفط إلى قيام «أوبك» بالاجتماع مجدداً خلال ديسمبر والاتفاق على خفض حصص الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يومياً على الأقل في عام 2019، سعياً الى توازن أسعار النفط. بيئة الأعمال وتشير التقديرات حيال آفاق النمو لدول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء قطر، إلى أن التراجع المرتقب لأسعار النفط لعامي 2019- 2020، مقترناً بخفض الإنتاج، سيؤدي إلى تأخير تحقيق التوازن المالي، مما سينتج عنه ضغوط إضافية على القطاعات غير النفطية لدفع عجلة نمو الإيرادات ونمو الناتج الحقيقي.
مشاركة :