يطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم نقاشاً وطنياً يستهدف تحويل «غضب» محتجي «السترات الصفر» إلى «حلول»، لكنه تمسّك بأسس برنامجه للإصلاح الاقتصادي. يأتي ذلك بعد 9 أسابيع على تظاهرات «السترات الصفر» التي شهدت عنفاً وشغباً وتخريباً في باريس ومدن أخرى فرنسية، وهزّت الاقتصاد وتحدّت سلطة ماكرون، احتجاجاً على سياسته المالية والضريبية. ووجّه الرئيس «رسالة إلى الفرنسيين» طرحت 4 محاور كبرى، هي القدرة الشرائية والضرائب والديموقراطية والبيئة. ويقترح ماكرون تنظيم النقاش حول 30 مسألة، بينها الضرائب التي يرغب المحتجون في تقليصها والإنفاق العام. ويرسم ماكرون في الوقت ذاته خطوطاً حمراء، مثل إلغاء الضريبة على الثروة، لكنه يفتح الباب أمام إصلاحات مهمة، مثل «استفتاء المبادرة المواطنيّة». في المقابل، يرفض المسّ بحق الإجهاض وعقوبة الإعدام وزواج المثليين. ولفت ماكرون في الرسالة الى أن النقاش «ليس انتخابات ولا استفتاء»، علماً أن وزيرة الانتقال البيئي إيمانويل واغون ووزير السلطات المحلية سيباستيان لوكورنو سيكلّفان الإشراف عليه، فيما يتولى أعضاء المجالس المحلية تنظيمه. ودعا «أكبر عدد» ممكن من الفرنسيين إلى المشاركة فيه، متعهداً أن «يستخلص كل الاستنتاجات» الممكنة منه. واعتبر أن اقتراحات مواطنيه «ستتيح بناء عقدٍ جديد للأمّة وتنظيم عمل الحكومة والبرلمان، وكذلك مواقف فرنسا على المستويَين الأوروبي والدولي». وأكد أن لا «أسئلة ممنوعة»، وزاد: «أعتزم أن أحوّل معكم الغضب إلى حلول». وتابع ماكرون: «لا قضية محظورة. لن نتفق على كل شيء وهذا أمر طبيعي في بلد ديموقراطي. لكننا سنُظهر على الأقل أننا شعب لا يخشى الحديث وتبادل الرأي والنقاش». واستدرك أنه سيبقى ملتزماً أهداف حملته الانتخابية، ويبدو أنه يستبعد إلغاء إصلاحات اقتصادية مؤيّدة للاستثمار، بينها إلغاء ضريبة على الثروة، أكسبته لقب «رئيس الأثرياء». ووَرَدَ في الرسالة: «عندما تكون الضرائب مرتفعة، ستعاني موارد الاقتصاد بدل استثمارها في شكل مفيد في الشركات وتأمين وظائف وفي النموّ». وسيختبر الرئيس هذه الصيغة اليوم، بزيارته بلدة «غران بورترود» غرب فرنسا، إلى جانب 600 رئيس بلدية ومسؤول منتخب في النورماندي، ثم سيجول على مناطق كثيرة على مدى شهرين، لحضّ مواطنيه على اغتنام الفرصة للتحاور، على أن يرفع تقريراً عن نتائج النقاش خلال مهلة شهر بعد انتهائه. وقال الناطق باسم الحكومة بنجامين غريفو إن «الفكرة تقضي بالذهاب إلى كل مكان، إلى كل مساحة من الأراضي ومن الجمهورية، وعدم نسيان أحد»، فيما تحدث وزير العلاقات مع البرلمان مارك فيسنو عن نقاش «فريد في التاريخ الفرنسي»، معرباً عن ثقته بأن «الرئيس سيطرح ما يكفل عودة الحوار». لكن متظاهرين طعنوا بالنقاش قبل بدئه، إذ أنكر محتجون من «السترات الصفر» شرعيته، معتبرين أن النقاش الحقيقي يجري «في الشارع».
مشاركة :