وزير العدل: خلق بيئة خالية من مظاهر الفساد وقادرة على محاربة أسبابه ومنع انتشاره الفساد يعوق التنمية ويطرد الاستثمارات وينشر السلبية واليأس من الإصلاح توفير منصة عالمية للحوار بشأن مخاطر الفساد والتصدي له بما يحقق التنمية المستدامة عبدالشافي: كلفة الفساد في المنطقة العربية 90 مليار دولار سنوياً... و6.2 تريليونات عالمياً التصدي للفساد يتطلب ترسيخ سيادة القانون على الجميع ومنع الإفلات من العقاب وإشاعة النزاهة برعاية وحضور سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أقيم صباح امس حفل افتتاح مؤتمر الكويت الدولي لمكافحة الفساد "النزاهة من أجل التنمية" وذلك على مسرح قصر بيان. ووصل سموه إلى مكان الحفل حيث استقبل بكل حفاوة وترحيب من وزير العدل وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة المستشار الدكتور فهد العفاسي ورئيس الهيئة العامة لمكافحة الفساد المستشار عبدالرحمن النمش. وشهد الحفل سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، ورئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، ورئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز رئيس المحكمة الدستورية المستشار يوسف المطاوعة، والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني وكبار المسؤولين بالدولة. اجتثاث الفساد وبدأ الحفل بالنشيد الوطني ثم تلاوة آيات من الذكر الحكيم ثم ألقى وزير العدل كلمة قال فيها إن "الحضور والرعاية السامية للمؤتمر يأتيان حرصا من صاحب السمو على العناية والاهتمام بمنظومة إرساء مبدأ الشفافية والنزاهة والعمل على مكافحة الفساد ودرء مخاطره وآثاره". وأضاف العفاسي إن "الكويت منذ إنشاء (نزاهة) برغبة صادقة من سموكم وهي تسير بخطى تنموية ثابتة تشهد مرحلة نوعية بعزم راسخ وارادة حازمة لاجتثاث الفساد وترسيخ قيم الشفافية والنزاهة بدءا من التعريف بالهيئة ودورها واختصاصاتها والتحفيز على التعاون معها من خلال المبادرة إلى تقديم إقرارات الذمة المالية وتقديم البلاغات والشكاوى عن وقائع الفساد التي تتصل بعملهم سعيا نحو إدراك الهدف المنشود والمتمثل في تحقيق التنمية المستدامة من خلال خلق بيئة اقتصادية واجتماعية خالية من مظاهر الفساد كافة وقادرة على محاربة أسبابه والحيلولة دون انتشاره". وتابع "إن المستقر في عقيدة العالم هو ان الفساد يعد المقوض للدول والمؤسسات والمبدد للثروات والإمكانات والمستنزف الأول للموارد والطاقات غير أن الأخطر من كل هذا هو أن يكون الفساد معوقا لكل محاولات التقدم والرقي ومقوضا لكل دعائم التنمية ومضعفا لكل خطط النهوض الطويلة والقصيرة ولا شك ان هذه المظاهر الخطيرة ستؤدي حتما إلى مفاسد وعقبات تعاني منها الدولة والمجتمع كهروب الاستثمارات واضعاف الايرادات وتدني الكفاءات وسوء الخدمات وفوق ذلك كله ان الفساد يهدم منظومة القيم الاخلاقية ويقضي على المبادئ البناءة التي تقوم عليها اية خطط تنموية كالعدالة والامانة وتكافؤ الفرص ويؤدي إلى انتشار السلبية والنوايا السيئة والإحساس بالظلم مما يؤدي ذلك إلى حالات من الاحتقان واليأس من الإصلاح". منصة للحوار والمكافحة واستطرد العفاسي "إن وضوح إرادة سموكم وجديتها في مواجهة الفساد والحد من اثاره دفعانا في وزارة العدل من خلال هيئة مكافحة الفساد إلى صياغة رؤية حضارية وخطة استراتيجية تتناسب وتطلعات سموكم في التعامل مع ملف الفساد تحقيقا لعوامل النهوض وتعزيزا للخطة التنموية للدولة في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي أصبحت من خلالها معلما مميزا محليا واقليميا وعالميا". وتابع: لذلك رأت الهيئة أن يكون موضوع المؤتمر الدولي "النزاهة من أجل التنمية" لنعرف بجهود الكويت في ظل توجيهاتكم ورعايتكم في مجال النزاهة ومكافحة الفساد والاستفادة من التجارب المقارنة والشبيهة بغية تدعيم تلك الجهود وتوفير منصة عالمية لتعزيز الحوار الدولي بشأن مخاطر الفساد وسبل التصدي لها بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة للعام 2035. كلفة الفساد ثم ألقى رئيس المركز الإقليمي للدول العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي خالد عبدالشافي كلمة هنأ فيها الكويت على مبادرتها بعقد الملتقى وذلك في وقت أضحى فيه التصدي للفساد أولوية على المستوى العالمي ليس فقط بالنسبة للدول الفقيرة أو النامية بل للدول كافة حتى الغنية والمتقدمة منها؛ ذلك لأن الفساد بتكلفته العالية بات يصنف كأحد أهم معوقات التنمية المستدامة بمختلف أبعادها إذ تصل كلفته وفق تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي الى ما يزيد عن 6.2 تريليونات دولار سنويا أي حوالي 5 في المئة من مجموع الدخل الوطني الإجمالي لدول العالم وتصل كلفته في المنطقة العربية الى 90 مليار دولار سنويا وفق تقديرات المنتدى العربي للبيئة والتنمية. وقال "ان كلفة الفساد لا تقتصر على الخسائر المالية وحسب، فهي تشمل أيضا خسائر اجتماعية تتمثل في انحدار مستوى الخدمات العامة الأساسية الصحة والتعليم وتدهور البنية التحتية واهتزاز ثقة المواطنين بدولهم مما يؤثر سلبا في الاستقرار والأمن وقد يتحول الى أزمات وصراعات خطيرة". سيادة القانون واضاف "إن التصدي للفساد أصبح ضرورة ملحة قصد رفع منسوب الثقة في المؤسسات وتوفير مزيد من الموارد لاستثمارها في التنمية المستدامة اليوم وغدا وصولا إلى ضمان حق الاجيال القادمة في عيش كريم وحياة أفضل. وهذا يتطلب ترسيخ حقيقا لسيادة القانون على الجميع دون تمييز ومنع الإفلات من العقاب وتطوير التعاون القانون والقضائي بين الدول لا سيما في مجال استرداد الأموال ولكنه لا يقتصر على ذلك بل يستوجب أيضا من منظور الامم المتحدة العمل على الوقاية من الفساد من خلال تعزيز الشفافية والمشاركة المجتمعية وحماية حقوق الإنسان والحريات العامة وإشاعة ثقافة النزاهة في القطاعين العام والخاص وقيم الامانة والمواطنة في المجتمع، فدرهم الوقاية يبقى خيرا من قنطار علاج". وتابع: وتبرز في هذا السياق أهمية اللجوء الى الابتكار والتجديد في مجال الوقاية من الفساد فحملات التوعية هامة ولكنها لا تكفي ووضع القوانين أمر ضروري ولكنه لا يكفي بل المطلوب هو استكمال تلك الجهود ومواكبتها بمنهجيات وأدوات وقائية مستحدثة أثبتت جدواها في العالم ومنها على سبيل المثال استخدام التكنولوجيا الحديثة والحكومة الالكترونية أو إدماج (إدارة مخاطر الفساد) على مستوى قطاعات محددة كالجمارك أو الصحة او اللجوء الى (الاقتصاد السلوكي) لتشجيع الممارسات السليمة. أهداف التنمية وقال إن الالتزام بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد سيبقى قاصرا وغير كاف ما لم يترجم برفع مستوى الاستثمار المالي والبشري في استراتيجيات وطنية هادفة وتضمينها ما يجب من آليات لإعطاء نتائج ملموسة يشعر بها المواطنون والمستثمرون على ارض الواقع وتحقق مردودا اقتصاديا واجتماعيا واضحا على الدولة والمجتمع. وأضاف: إن التزامنا في منظمة الأمم المتحدة عموما وفي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خصوصا ينصب على مواكبة مثل هذه الحوارات المثمرة التي نحن بصددها في هذين اليومين وتنمية قدرات كافة الأطراف المعنيين في القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني كي يسهموا في إعداد وتنفيذ سياسات وتشريعات وإجراءات وممارسات محددة انطلاقا من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تشكل المرجع القانوني الدولي الملزم الأساسي في هذا المجال مع بلوغ عدد الدول الأعضاء في الاتفاقية 186 دولة. وتابع: وينعكس التزامنا هذا أيضا في الخطة العالمية للتنمية المستدامة لعام 2030 بأهدافها السبعة عشر وتحديدا الهدف 16 الذي يدعو الى الحد من الفساد والرشوة وإرساء الحق في الوصول الى المعلومات واسترداد الاموال المتحصلة عن الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في المؤسسات على كافة المستويات. مردود الاستراتيجية وختم بقوله: أغتنم هذه الفرصة لتهنئة الكويت بوضع اول استراتيجية وطنية لها في هذا الشأن وذلك في إطار شراكة مميزة جمعت الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) والأمانة العامة للمجلس الاعلى للتخطيط والتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة. فهذه الاستراتيجية تمثل نموذجا متقدما في مضمونها وطريقة إعدادها التي شارك فيها ممثلون عن أبرز الجهات المعنية في القطاع العام إضافة الى ممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني ونحن على يقين ان إيلاءها الدعم والمتابعة اللازمين لتنفيذها سيكون له مردود إيجابي على جهود دولة الكويت في تحقيق "رؤية كويت جديدة 2035" وتحسين موقعها على المؤشرات الدولية المتعلقة بالنزاهة ومكافحة الفساد. ونجدد الالتزام بشراكتنا مع الكويت واستعدادنا لدعم جهودها في تنفيذ الاستراتيجية مع تطلعنا الى تعميق التعاون أيضا مع كافة الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة وتيسير تبادل الخبرات والتجارب فيما بينها. وفي ختام جلسة الافتتاح تم عرض فيلم حول أهداف المؤتمر، ثم تفضل صاحب السمو بافتتاح فعاليات المؤتمر وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد والتوقيع عليها. كما تم تقديم هدية تذكارية لسموه بهذه المناسبة قبل ان يغادر مكان الحفل بمثل ما استقبل به من حفاوة وترحيب.
مشاركة :