أعاد منتخب تايلاند عقارب الزمن 47 عاماً، بعدما نجحت للمرة الأولى في تجاوز دور المجموعات منذ النسخة التي استضافتها عام 1972، وحققت وقتها المركز الثالث، حيث لم تنجح بعد ذلك في 5 نسخ متتالية من تجاوز الدور الأول واكتفت بتحقيق فوز يتيم في 15 مباراة، ليفتح صفحة جديدة في هذه النسخة، بعدما احتل المركز الثاني في ترتيب المجموعة الأولى خلف منتخبنا الوطني بعد التعادل معه بهدف لكل منتخب مساء أمس الأول، وحصده أربع نقاط. ونجح منتخب تايلاند في هذه النسخة من تحقيق انتصاره الثاني في آخر ست نسخ، علماً بأنه لم يعرف الفوز في أربع نسخ متتالية، أعوام 1992 و1996 و2000 و2004، فيما حقق فوزاً يتيماً عام 2007، ليعود بعد طول غياب ويترك بصمته، علماً بأن «أفيال الحرب» اعتاد على عرقلة أصحاب الأرض بعدما فرض التعادل على لبنان في عام 2000 وتعادل مع الصين عام 2004، وتعادل مع «الأبيض» في 2019. وكان لافتاً أن النقلة التي تشهدها الكرة التايلاندية مرتبطة بالبحث عن المواهب خارج العاصمة بانكوك، حيث ينحدر 21 لاعباً من أصل 23 لاعباً من المقاطعات البعيدة عن العاصمة، وفي مدن لا تنال شهرة سياحية كمثيلاتها المعتادة للزيارة، وذلك بعدما تحرك اتحاد الكرة هناك لنشر اللعبة وجذب لاعبي بمثابة أبناء القرى وغيرها من المناطق التي تتواجد فيها مواهب لا تنال الأضواء الكافية، لينعكس ذلك بعد مرور هذه السنوات على المنتخب الذي تحول لفريق قادر على المنافسة آسيوياً بعد سنوات الغياب الطويلة، خصوصاً أنه وُجد في الدور النهائي للتصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم الماضية في روسيا. وينحدر القائد تيرسيل دانجيدا وبوكلو أنان من بانكوك، فيما يأتي بقية اللاعبون مقاطعات مختلفة وبعيدة عن العاصمة الشهيرة، فمنهم بوانجشان الذي سجل في مرمى «الأبيض»، فهو قادم من مقاطعة سوبان بيري، فيما ينحدر شاناثيب سونجكراسين الملقب بـ«ميسي تايلاند» من منطقة سام بران الواقعة جنوب البلاد والتي تضم 16 قرية لا يزيد أكبر تعداد فيها عن 22 ألف نسمة فقط. ويعود الكثير من الفضل في تألق منتخب تايلاند إلى الإجراء السريع الذي تم اتخاذه بتعيين المدرب المحلي سيرساك لتولي زمام الأمور منذ الجولة الثانية، وهو الرجل الذي ضحى كثيراً خلال حياته حتى يحقق النجاح. وسطع نجم سيرساك على الساحة التايلاندية عام 2016، بعدما قاد فريق تاي هوندا لدوري الدرجة الأولى قادماً من دوريات الهواة، وذلك بعدما انتظر فرصة طويلة لتولي زمام الأمور هناك، حيث عمل في أكاديمية أسوتسبا الكروية كعامل مهمات من خلال حمله لمعدات التدريبات وتحضير الطعام، كما عمل أيضاً سائقاً للحافلة في النادي في بعض الأوقات، وواصل تطوير مستواه التدريبي والحصول على الشهادات المتخصصة، وعمل مساعداً للمدربين الذين تعاقبوا على فريق الأكاديمية لمدة 17 عاماً قبل أن ينال فرصته الكاملة مع فريق تاي هوندا عام 2015، وانطلق في رحلة تبدو كالحلم له بعد مرور 4 سنوات حيث عمل مساعداً لمدرب تايلاند منذ عام 2017، ثم أصبح هو الرجل الأول بداية من الشهر الجاري، ليؤكد أن التفاني بإمكانه قهر المستحيل، وأصبح بمثابة «بطل قومي».
مشاركة :