الأكاذيب هي سيدة الموقف، كما أنها المتداولة بكثافة في أغلب وسائل الإعلام، وكأنَّ المتابعين بلا وعي، أو معرفة بحقائق الأمور، أو أن تداولها سوف يعطيها الفرصة لملامسة إقناع العقلاء من الناس بها، دون أن يفكر مروِّجوها بأنها مع كل هذا الضجيج مآلها الفشل في تحقيق أهداف من يكون وراء صناعتها. * * ومع هذا فمن المؤسف حقاً أن تُقدَّم الحقائق للجمهور في قالب لا يغري على متابعتها، ولا يشجع للإمعان والنظر إليها، ودعمها بما يبطل هذه الأكاذيب، ويهمشها ويحاصرها، لتكون هي الأضعف أمام الحقائق المعتبرة، وعند المواجهة أمام مصداقية الرأي الصحيح. * * ولا شك أن الضجيج، والصوت العالي، واستنفار حشد من المسوِّقين لإضفاء ما قد يفهم عن أكاذيبهم على أنها لا تدور في حلقة مفرغة، هي من باب تبني المواقف المضادة للحقائق، فضلاً عن أنه أسلوب رخيص لا يعوَّل عليه، ولا يُعتدُّ به إلا لمن يحاول أن يحسِّن الصورة من الكذَّابين، ويجعل ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، أو أن ما خفي منها هو السم الزعاف. * * ولا أعتقد أنني بحاجة لإعطاء نماذج، أو دلائل، أو أمثلة، عن هزيمة الإعلام العربي - تحديداً - إثر استسلامه لسياسة ممنهجة تقوم وتعتمد على أشكال وألوان وصور مختلفة من الأكاذيب، فيما كان عليه أن يتقوى ويستقوي بما لديه من حقائق، ورسائل تعتمد على الصدق والموضوعية والنزاهة والاعتدال، حتى تكون الحقائق لا الأكاذيب هي المتسيِّدة للمواقف، والمسيطرة على الأجواء، والقادرة على تنظيف الإعلام من هذه الدمامل، وهؤلاء المرتزقة الذين باعوا ضمائرهم للشيطان. * * ومن المؤكد أن سيطرة الحقائق على المشهد الإعلامي، في ظل تكاثر الكذَّابين والمرتزقة، وإرخاص المال لملء جيوب هؤلاء، كأبواق لتوجيه بوصلة الإعلام ضد الحقائق، وتسييسه بما يعزِّز تفشي الإرهاب، لن تكون هزيمته إلا من خلال كشف أكاذيبه بالدليل والبرهان والحقائق الساطعة. * * هناك قادة ورؤساء دول، يدفعون وسائل الإعلام إلى تبني المواقف المضادة للأمن والسلام والاستقرار، ولكن هؤلاء أضعف من أن يواجهوا ويتصدوا بجيوشهم الإعلامية الفاسدة، الإعلام القوي الذي يتسم بالصدق والنزاهة متى حضر، وكانت رسالته مباشرة من أجل المصلحة، لا من أجل قلب الحقائق، بشرط أن تكون حاضرة لا أن تكون خارج التغطية كما هي الآن.
مشاركة :