يضرب المنتخب الإيراني موعداً ساخناً اليوم (الأربعاء)، ضد المنتخب العراقي في الجولة الأخيرة من دور المجموعات في منافسات كأس آسيا 2019 لكرة القدم. ولطالما حظيت مواجهة المنتخبين بحساسية بالنسبة لكل من اللاعبين والجماهير، تحت تأثير القضايا السياسية بين البلدين، واتسمت بردود فعل لا تمت لكرة القدم بصلة. حساسية المباراة تبلغ مستويات يكون المنتخب العراقي بمثابة «عقدة» لمنتخب إيران، والذي ينهي مشوار إيران في معظم المناسبات الكروية ويحول دون تأهلها إلى الأدوار الثانية. تقابل المنتخبان حتى الآن 27 مرة، 16 انتصاراً لإيران مقابل 5 للعراق و6 مباريات انتهت بالتعادل. نجحت إيران بالوصول إلى مرمى العراق 38 مرة، بينما هز العراقيون شباك إيران 20 مرة. وتلعب وسائل الإعلام دورا أساسيا في زیادة حساسية المباراة وتدفع باتجاهات غير رياضية. وركّزت الصحف والمواقع الإيرانية بشكل خاص على مواجهة العراق قبل أسبوع من موعد المباراة، وربما يمكن القول إن «الثأر» كان كلمة السر بين كل ما نشر حول مواجهة العراق. ففي المقام الأول، يعني الثأر من هزيمة إيران في كأس 2015 وتأهل العراق على حساب الإيرانيين، لكن يعتقد المراقبون أنه نظرا لخلفية وسائل الإعلام الإيرانية في تعاملها مع المنتخبات العربية، فإن دلالات الكلمة أبعد من الرياضة وتحمل في طياتها معاني سياسية. وكالة أنباء «إرنا» الرسمية، تحت عنوان «منافسة الثأر بين إيران والعراق في كأس الـ17»، قالت إن مباراة المنتخبين الإيراني والعراقي تكتسب أهمية لعدة أسباب وهي نوع من الثأر لنمور إيران. بلا ريب مواجهة المنتخب العراقي في ملعب آل مكتوم في دبي لا تحمل ذكريات سعيدة للمنتخب الإيراني الذي خسر قبل 21 عاما أمام العراق بهدفين مقابل هدف. إلى جانب هذا، فإن المنتخب العراقي كان قد أقصى إيران في الدور الثمانية من كأس آسيا 2015 في أستراليا». صحيفة «إيران الرياضية» التابعة للحكومة الإيرانية كتبت تحت عنوان «12 متبقي للثأر من العراق»: العراق وإيران سيتقابلان الأربعاء للمرة الخامسة في كأس آسيا، وهذه المباراة رغم كونها شرفية نظرا لتأهل الفريقين لكنها مهمة لتحديد مسار المنتخب في الدور الإقصائي وللرد على خسارة أربع سنوات مضت. فالعراق لا يملك إنجازات إيران لكنه يبقى فريقا خطرا على إيران، والآن منتخب إيران في ذروة الجاهزية يمكنه أن يلقن العراق درساً». بدورها، عنونت وكالة «فارس» الناطقة باسم «الحرس الثوري»: «إيران والعراق، حرب الصدارة مع رفاق طارق وبشار- منافسة الجنرالات الإيرانية من دون جنود هاربين»، ورأت أن فوز إيران على العراق «يثلج صدور مشجعي المنتخب الإيراني لأنهم لم ينسوا ذكريات طرد مهرداد بولادي الهارب من الخدمة العسكرية. الحكم الأسترالي أقصى إيران بأخطائه، حيث يعتقد المشجعون أن هذه المباراة ثأرية». وتحت عنوان «العراق جنة وجحيم الكرة الإيرانية»، كتبت صحيفة «خبر ورزشي» المقربة من رئيس البرلمان علي لاريجاني تحليلاً قالت فيه إن الخسارة قبل أربع سنوات «تحولت إلى جحيم للكرة الإيرانية لأن التوقعات كانت تشير إلى تأهل إيران للمباراة النهائية». وتابعت: «تأهلنا كفريق ثان من دور المجموعات يعني مواجهة فريق أقوى في دور الثمانية. مباراة العراق ثأرية بالنسبة لنا وسترسل هذا الفريق إلى البرزخ وسيكون الطريق سهلا للمباراة النهائية. المباراة مع العراق ستكون جنة وجحيما لكرة القدم الإيرانية، ويجب أن نلعب بطريق نركع فيها الفريق العراقي». وكتب موقع «90» الرياضي وهو من المواقع المعروفة في إيران، تحليلاً بعنوان «العراق وإيران، المشهد السابع - البحث عن الثأر في دبي»، وقال فيه إن «للعراق وجهين معنا، في زمن ما كانت مواجهة العراق في دور المجموعات تعني التأهل والتتويج بالبطولة لكن منذ فترة فقدنا التفاؤل وفي النهاية أقصونا من المباريات». من جهته، لجأ موقع «الرياضة 11» إلى أدبيات الحرب، وقال في تحليل تحت عنوان «الخندق الأخير، من الحرب غير المتكافئة إلى صناعة الأصنام من قوة لا يملكها العراق»، وبحسب التحليل فإن المنتخب العراقي أصبح تنينا ضخما لمنتخب إيران وسبب الكثير من التوتر بين الفريقين هذا في حين لم يكن العراق أبدا منافسا كبيرا لإيران!». ويتابع الموقع أن «مباراة العراق لم تكتسب هذا القدر من الحساسية التي هي عليها اليوم. ظروف الفريقين اليوم تستدعي لأذهان كثيرين ذكريات سبتمبر (أيلول) 1980 وأحقاد منتهية من حرب تاريخية ومكلفة دامت ثمانية أعوام. لكن هذه المرة بعيدا عن الرشاشات والصواريخ وقذائف الهاون، يصطف الطرفان على ساحة دولية تحت أنظار الملايين. متى امتلك العراق ما يقوله في كرة القدم حتى نصنع منه اليوم صنما بسبب خطأ ارتكبه مدرب المنتخب سابقا. يجب هدم هذا الصنم لكي يكون عبرة لكل من يريد أن يركب موجة الانتهازيين الذين يتلاعبون بالكرة الإيرانية، ومن أجل البقاء يتخيلون الخصوم على هيئة الملوك، أي ملوك. الرجاء لا تأخذوا العراق على محمل الجد، إنه لم يكن سوى خطأ في زمن الأخطاء، لم ولن يكونوا شيئا». ولم يذهب لاعبو كرة القدم ومحللو الكرة في إيران بعيدا عن هذا التوجه. مدرب الفريق الأولمبي الإيراني ولاعب المنتخب الإيراني سابقا رضا شاهرودي قال لموقع «الرياضة 3»: «إننا نهزم هذه الفرق بسهولة. تتطلب مباراة العراق تركيزا أكثر لتفادي الأحداث السابقة ونثأر من المباراة في كأس آسيا 2015». وحاول لاعبو منتخب إيران تجنب كلمة «الثأر»، وقال كل من مهدي طارمي وسردار آزمون: «لا نفكر بالثأر وقضايا كهذه. نريد أن نلعب كرة القدم». في المقابل، أثارت تصريحات السلوفيني سريتشكو كاتانيتش مدرب المنتخب العراقي بأنه سيدفع بالبدلاء في مباراة اليوم، ردود أفعال كثيرة في إيران. ويضم المنتخب العراقي لاعبين من أبرز الأندية الإيرانية، بينهم بشار رسن وطارق همام اللذين يلعبان لفريقي بيروزي واستقلال طهران وكانا ضمن القائمة الأساسية في أغلب منافسات الدوري الإيراني هذا العام. وفي السنوات الأخيرة، أثارت تغطية وسائل الإعلام الإيرانية بعيدا عن القواعد الاحترافية واستخدام عبارات مهينة لخصوم إيران في المنافسات الرياضية، انزعاجا بين بعض فئات المجتمع الإيراني.
مشاركة :