مجموعة القرارات الملكية الأخيرة كانت حافلة بفكر التغيير والاصلاح الجذري، وأخص قرار إنهاء المجالس العليا للوزارات التي تجاوزت فترة انعقاد بعض اجتماعاتها الستة أشهر وتعطلت بناء على ذلك الكثير من الأمور الحيوية، وتحولت من مجالس تنظيمية الى مجالس تعطيلية، مجالس أرهقت الدولة وميزانية الوزارات بمستشارين لا يستشارون، وخبراء تصدير واستيراد للأفكار، أيعقل أن يحب ويخطط للوطن من لا يعني له الوطن أكثر من شيك مفتوح يزيد حبه وولاؤه له بارتفاع وانخفاض بورصة أرباحه السنوية؟! (القاعدة لا تشمل الجميع بالطبع). القرار الأجمل كان قرار التحدي الذي تمت صياغته على أنه دمج لوزارة التعليم العالي، وهي الوزارة الأم للقياديين والقياديات والخبراء السعوديين والسعوديات بوزارة التربية والتعليم بمسمى (وزارة التعليم) لأنه القرار الأصعب، ولنقرأه بالصحة والدقة المطلوبتين فهو قرار إلغاء وزارة التعليم العالي والإبقاء على وزارة التربية والتعليم. وقد يكون القرار مفاجأة لمن لم يقرأ أهداف وسياسات خطة التنمية العاشرة التي صدرت واعتمدت في مجلس الوزراء قبل خمسة أشهر ونصت المادة ( 11-15 ) على إعطاء الجامعات الحكومية الاستقلالية الادارية والمالية، والعمل على إقرار نظام الجامعات الجديد. وهذا يعني أن هناك نظاما مستحدثا غير مكتمل وأن الجامعات في مرحلة انتقالية للاستقلالية التي قد تنظمها وتحكمها متطلبات ولوائح الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي ومجلس الأمناء في الجامعات. هذا القرار التاريخي لو قيد الله له اللجان الجيدة من الخبرات المحلية من أبناء وبنات الوطن وبدأ الحراك من بيت القرار الأم وهو (الجامعات) ووضعت له المراحل الانتقالية الفكرية المناسبة للتوسع والتمايز بعيداً عن الفكر القديم الذي يركز على (الاضبارة) وانتقاص خبرات الشباب وامكاناتهم فسنستطيع - بحول الله - بناء جامعات شابة وفتية قادرة على قراءة نقاط ضعفنا ومعالجتها وفق أسس ومعايير التحول لمجتمع اقتصاد المعرفة. طبعا مع مرور الوقت سنكتشف أن قرار الاستقلالية هذا لم يكن منصفاً لجميع الجامعات لا سيما النائية لأسباب يصعب حصرها وُيحرج ذكرها. فترة الحراك المقبلة بحاجة لتنظيمات أفقية وهرمية من داخل الجامعات ومن الوزارة لتتحقق رؤية الوطن ولنحتفل بدور جديد غير مسبوق للجميع، مع الابقاء على اللوائح التنفيذية والتنظيمية السابقة. باختصار ستكون فترة التحدي والاختبار الحقيقي لقيادات الجامعات في المملكة. (صباحكم وطن يحبكم أكثر).
مشاركة :