ما كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ليضع ثقته بالأمير محمد بن سلمان لو لم يكن أهلاً لها، وجديراً بامتياز لتحمل مسؤوليتها، وما كان الملك المعروف بالحنكة والحكمة وبُعد النظر ليختاره وزيراً للدفاع، ورئيساً للديوان الملكي، وعضواً في مجلس الوزراء، ورئيساً لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وعضواً في مجلس الشؤون الأمنية والسياسية، ومستشاراً خاصاً له، لولا أنه وجد فيه من الكفاءة والمقدرة ما يؤهله لتحمل كل هذه المسؤوليات. *** فخادم الحرمين أعرف الناس بالأمير محمد، وأكثرهم قدرة على تقييم إمكاناته، وهو إذ يكل إليه كل هذه المهام، فلأنه يثق بأن متطلباتها ومواصفاتها تتوافر في هذا الأمير الشاب، وأن تعيينه ينسجم مع توجه الملك سلمان نفسه في الاعتماد على الشباب في المرحلة الراهنة؛ سواء في أعضاء مجلس الوزراء أو بالمستشارين لديه، أو ممن اختارهم لبعض المؤسسات والهيئات في مراكز قيادية، وفقاً لنظام الوزراء ونواب الوزراء ومن هم في المرتبة الممتازة. *** هذه مقدمة عن أمير شاب لا أدعي معرفتي به كثيراً، أو أنه انطباع تولد عندي من خلال تواصل مستمر معه، وإن كنت أعرف كغيري الكثير من التفاصيل الإيجابية التي تقال عنه، اعتماداً في أكثرها على رؤية الملك وتشخيصه لما يتميز به الأمير الشاب من حيوية ونشاط وتفاعل مع ما أنيط به من مسؤوليات، متدرجاً في سلم الوظائف، ما أكسبه الخبرة والفهم والاستيعاب، فضلاً عن تخصصه الجامعي بالقانون، غير أن الخبرة الأهم -بنظري- هي تلك التي اكتسبها من والده الملك سلمان بن عبدالعزيز. *** كان الملك سلمان بن عبدالعزيز ولا يزال رئيساً فخرياً لمدارس الرياض للبنين والبنات، وقد شرفني - حفظه الله - عام 1429هـ / 2008م برئاسة مجلس إدارة المدارس بعد أن أمضيت سنتين نائباً للرئيس، وقد جرت العادة أن تعقد المدارس جمعيتها العمومية سنوياً برئاسة الملك سلمان نفسه، غير أن مشاغله ومسؤولياته في إحدى السنوات أثناء رئاستي لمجلس الإدارة حالت دون رئاسته لها، فأوكل المهمة لابنه الشاب محمد بن سلمان، وكان -آنذاك- حديث التخرج في الجامعة، ما يعني أنه في بداية اكتساب الخبرة العملية والميدانية، غير أنه أذهلني، وكنت إلى جواره كما أذهل الحضور بحديثه وأفكاره وتمنياته لما ينبغي أن تكون عليه المدارس، فهو ابن هذه المدارس ومن خريجيها، وما زال يشعر بالولاء والمحبة لها، هكذا فهمت من كلمته المرتجلة التي افتتح بها ذلك اللقاء، وكان أول انطباع إيجابي ترسخ في ذهني عنه منذ ذلك الحين. *** هناك لقاءات عابرة وكثيرة جمعتني بالأمير محمد بن سلمان في الداخل والخارج، لكنها لا ترتقي إلى مستوى سبر الفكر الذي يتمتع به سموه، ومعرفة المزيد من الجوانب عن شخصيته، لكني مساء أمس كنت في لقاء منفرد معه، كان الأمير الوزير أمامي متحدثاً أو مستمعاً، وبين يدي من الوقت ما سمح لي بأن أتعرف عليه أكثر مما كنت أعرفه عن سموه، فهو في اللقاءات العابرة التي أشرت إليها لا يتحدث كثيراً، وبالتالي لا يمكّن المتابع من أخذ انطباع كامل ودقيق عن شخصيته، مهما كانت فراسة الإنسان ودقة الملاحظة عنده، لأن الأمير محمد يحتفظ بشخصية جادة لا تساعد المرء مهما كان لمّاحاً في الحكم عليه. *** في لقائي به مساء أمس، كنت -وهذه ليست مجاملة- أتحدث معه عن قرب، هو أمامي بتواضعه وأريحيته، بإصغائه وسماعه للحديث، وبالتعليق والمداخلة، مع تفكيره بصوت مرتفع عن المستقبل البهي الذي ينتظر المملكة في عهد ملكها السابع سلمان بن عبدالعزيز، وكان انطباعي وأنا أغادر القصر أنني كنت أمام شخصية مبهرة لا يعرف المواطنون عنها إلا القليل، وهو تقصير إعلامي -ربما- من وسائل إعلامنا، وربما هي فلسفة تتواءم مع شخصية الأمير الشاب الذي نأى بنفسه طيلة السنوات الماضية عن وسائل الإعلام، وآن له الآن أن يتفاعل ويتعاون معها. *** قصدت من هذا، أن الملك سلمان عندما اعتمد في تعييناته الأخيرة على رموز شابة، وبينها الأمير محمد بن سلمان في الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى، فلأنه يريد جهازاً حكومياً فاعلاً ونشطاً يعتمد على الكفاءات الشابة في خدمة المواطن، وهي تجربة جديدة وجديرة بالثناء عليها، والتجاوب معها، والأمل في أن يكون خراجها إنجازات تليق بوطن يقوده صديق المواطنين ومحبهم سلمان بن عبدالعزيز.
مشاركة :