اعتاد الأمير محمد بن سلمان على الصراحة والوضوح في كل أحاديثه الصحفية، وعلى المكاشفة عن كل ما يمس مصلحة المملكة، مما جعله موضع استقطاب لكبريات الصحف العالمية ووسائل الإعلام الأخرى لإجراء حوارات معه، بل وأصبح ما يقوله ذا أثر وردود فعل لوقت غير قصير عبر وسائل الإعلام العالمية، بالتحليل والقراءة وتفسير الأبعاد، فالمملكة دولة مهمة وكبيرة ومؤثرة، ومحمد بن سلمان مسؤول كبير يحترم مسؤولياته، وبالتالي تأخذ وسائل الإعلام بما يقوله على محمل الجد، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو غيرها. * * ولا جدال في أن حديث الأمير الأخير لمجلة Foreign Affairs الأمريكية، قد ترك انطباعات إيجابية، وأنه (إعلامياً) قد اخترق كل البرامج والأقوال المسيئة للمملكة بالمعلومة والحقيقة والنظرة المتفائلة، بشكل يمكن أن نقول بأن ولي ولي العهد في حديثه قد هزم كل هؤلاء، بما لا حيلة لهم في التصدي لما قاله بنفي أو تكذيب، أو محاولة للالتفاف على ما تحدث به من رؤى وحقائق ومواقف واضحة، لأن ما بني على باطل فهو باطل، وقد كشف الأمير المستور من باطل هؤلاء، كما أن ما بني على أكاذيب فهي أكاذيب وقد ارتدت هذه الأكاذيب على قائليها دولاً أو مؤسسات إعلامية مشبوهة. * * في حوار المجلة الأمريكية مع الأمير هناك مضامين ورؤى في إعلانه عن سياسات وإفصاحه عن معلومات يقولها لأول مرة، وبعضها يستعيد به ما سبق قوله، ولكن بتفاصيل أكثر، أو بإضافة معلومات استجدت، لكنه يظل محافظاً على الخط السياسي والفكري الذي اعتاد أن يتعاطى به إعلامياً، حيث الصراحة والشفافية والوضوح، واللغة الدبلوماسية الهادئة المتسمة بالمفردة الرصينة التي تجعل من أحاديثه موضع احترام وتقدير. * * ومن الواضح أن ولي ولي العهد يتميز بذاكرة قوية، وأنه يمتلك مخزوناً غير عادي من المعلومات عن المملكة، ونظرة مستقبلية متفائلة رغم شراسة التحديات، بناء على التخطيط الذي يتم الآن، والتوظيف الصحيح لإمكانات المملكة في رسم مستقبلها وفق المتاح، مع شيء كثير من التجديد في البرامج والخطط والأفكار والتحركات الاستباقية المبكرة سياسياً واقتصادياً. * * تقول المجلة: إن محمد بن سلمان مهد الطريق نحو ثقافة الكفاءة والمسؤولية في بيئة عمل تتسم بالبيروقراطية وضعف الإنتاج، ومفسحاً المجال للقطاع الخاص للقيام بدور أكبر في الاقتصاد، بحكم كونه المشرف على النفط، وصندوق الاستثمار الوطني، وملف الشؤون الاقتصادية، ووزارة الدفاع، وهو لهذا - تقول المجلة- يستحق الإشادة، لأنه استخدم صلاحياته لقيادة الإصلاحات الصعبة، والتعامل مع ما يترتب عليها من وجهات نظر متباينة لدى الآخرين. * * هذا الكلام المنطقي والإيجابي من المجلة لم يخل أيضاً من موقف آخر للمجلة يتسم بشيء من السلبية بإثارتها لبعض التصورات وإن شئت فقل التخيلات المبنية على الإشاعات في إثارتها موضوعات عن الموقف من الأمير محمد بشكل لا يمكن أن ينظر إلى المجلة على أنها بريئة في طرحه، أو أنها ذات موقف إيجابي في تناولها لذلك، وهذا التناول الصحفي هو ما اعتدنا عليه في صحافة الغرب، رغبة من القائمين عليها في التسويق لمطبوعاتهم. * * المهم أن الأمير يقرأ مع من هو مع سياسة المملكة وضدها دون تبرم، مع من يُقر لولي ولي العهد بأنه يقود تغييراً اقتصادياً مبنياً على التحول إلى ما هو أفضل، ومن يرى من التقليديين ضرورة الثبات على ما هو قائم، رغم التغير الكبير في أسعار النفط، والركود العالمي اقتصادياً، وما يمثله التباطؤ والانكماش في النمو الاقتصادي من تأثير كبير على اقتصاديات المملكة، ما استدعى بسموه على رأس فريق من الخبراء السعوديين لأن يأخذ بالقرارات التصحيحية المناسبة بعد موافقة خادم الحرمين الشريفين عليها، ومن الطبيعي أن يصاحب ذلك جدل كبير بين المدرسة القديمة، وتلك التي يقودها الأمير الشاب محمد بن سلمان. يتبع
مشاركة :