في وقت يعول لبنان على القمة الاقتصادية العربية التي يستضيفها غداً لاستعادة ثقة الدول العربية بعد مرحلة من شبه المقاطعة سواء السياحية أو الاقتصادية، وخصوصاً أنها المرة الأولى التي تستضيف فيها بيروت هذه القمة بعدما كانت استضافت عام 2002 القمة العربية، توالت المفاجآت غير السارة للبنان، بعد اعتذار عدد من الرؤساء والأمراء عن المشاركة في القمة. بانتظار افتتاح القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت غداً، والتي كان لبنان يعوّل عليها لاستعادة ثقة الدول العربية بعد مرحلة من شبه المقاطعة سواء السياحية أو الاقتصادية، كانت الأنظار شاخصة نحو وصول القادة العرب إلى مطار رفيق الحريري الدولي للمشاركة فيها، ولكن المفاجآت توالت، إذ بدأت اعتذارات الرؤساء والأمراء عن عدم المشاركة، بعدما جرى تأكيد حضور 7 قادة عرب. فقد اعتذر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي أُبلغ لبنان، أنّه لن يحضر، وسيمثّل رئيس وزراء مصر بلاده في القمة، كما اعتذر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد عن عدم الحضور، وكذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وسيمثّله رئيس الحكومة رامي الحمدالله. وبذلك يكون رؤساء الدول العربية المؤكّد حضورهم حتى الآن، الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، والموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، والعراقي برهم صالح. وأكدت مصادر سياسية متابعة أن «الأزمة الداخلية التي نتجت من ذلك، لا سيّما حرق العلم الليبي، أثّرت كثيراً في مشاركة الرؤساء العرب»، لافتة إلى أن «السفراء العرب في بيروت بحثوا موضوع مشاركة دولهم في القمة الاقتصادية، وخلصوا إلى أنه في غياب حكومة دستورية في لبنان لا يمكن لدولهم أن تشارك في قمة بيروت على مستوى الملوك والأمراء والرؤساء». وأشارت المصادر إلى أنّ «مشاركة بعض الدول العربية ستكون على مستوى الوزراء وليس على مستوى رؤساء الحكومات». سورية وأكد السفير السوري في بيروت علي عبدالكريم أنّ «دمشق تلقت دعوة من الرئاسة اللبنانية للمشاركة في القمة الاقتصادية المرتقبة في بيروت»، مشيراً إلى أن بلاده «اعتذرت عن عدم المشاركة». وقال عبدالكريم، أمس: «كان من الطبيعي أن نعتذر عن عدم المشاركة في القمة الاقتصادية؛ لأنّ جامعة الدول العربية لم تتراجع عن الخطيئة التي ارتكبتها بحق دمشق». وكان بروتوكول وزارة الخارجية اللبنانية أرسل إلى السفير علي دعوة إلى حضور افتتاح القمّة، من ضمن الدعوات للسفراء المعتمدين في لبنان وشخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية. وأوضحت السفارة السورية في لبنان أن «السفير علي اعتذر عن حضور مراسم افتتاح القمة الاقتصادية المرتقبة في بيروت، وأن الدعوة موجهة لحضور مراسم الافتتاح وليست لحضور القمة». ومن المقرر أن تُفتتح القمة في الواجهة البحرية لبيروت، وتلي الجلسة الافتتاحية جلستان علنيتان، وجلسة مغلقة للتداول في البيان الختامي، وأخرى علنية لإعلان القرارات، ثم يعقد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل والأمين العام لجامعة الدول العربية مؤتمراً صحافياً لـلإفصاح عن «إعلان بيروت» في ختام أعمال القمة. ويتألف مشروع جدول أعمال القمة من 27 بنداً تغطي جميع المواضيع العربية المشتركة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، ومن أبرز الملفات المتوقع أن تبحثها القمة: إطلاق إطار عربي استراتيجي للقضاء على الفقر متعدد الأبعاد 2020 و2030، ومنهاج العمل للأسرة في المنطقة العربية ضمن تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، والإعلان العربي حول الانتماء والهوية، واستراتيجية إنشاء منطقة تجارة حرة عربية كبرى، والسوق العربية المشتركة للكهرباء، وإدارة النفايات الصلبة في العالم العربي، ودعم الاقتصاد الفلسطيني، ووضع خطة محكمة للتنمية في القدس «2018-2022»، والتمويل من أجل التنمية، ويتضمن كيفية تمويل مشروعات التنمية وتحقيق التكامل الاقتصادي العربي. عون في موازاة ذلك، لفت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى أن «عالمنا العربي يعاني اليوم صعوبات كبرى أبعدت المسافات بين الدول العربية، وأن هذه المرحلة لم تنته بعد»، آملا أن «يحافظ القطاع الخاص العربي على الوعي الذي لديه ويعيد لمّ شمل الجميع». وأشار عون، خلال استقباله أمس في قصر بعبدا وفد اتحاد الغرف العربية، إلى أن «دولنا العربية كافة في حاجة إلى مثل هذا الحضور الجماعي الموحَّد، كي نتكاتف ونساهم في تذليل جميع الصعوبات». موقف واشنطن في سياق منفصل، كشفت صحيفة «الأخبار» في عددها أمس، عن نسخة من برقية سرية بعثت بها السفارة اللبنانية في واشنطن إلى بيروت، تتضمّن موقف الولايات المتحدة الرافض لدعوة سورية إلى القمّة الاقتصادية، والمهدّد بالعقوبات على لبنان في حال مشاركته في إعادة إعمار سورية. وقالت البرقية إن «واشنطن أبلغت البعثة اللبنانية في الولايات المتحدة أنها تحثّ لبنان وجميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية على الإحجام عن توجيه الدعوة إلى سورية»، مضيفة: «كما تحثّ واشنطن لبنان على عدم اتخاذ أي خطوات تُساهم في تأمين الموارد المالية للنظام السوري، وعلى سبيل المثال إجراء استثمارات أو إرسال تمويل لإعادة البناء، وإنّ أي دعم مالي أو مادي لنظام الأسد أو الداعمين له قد يكون خاضعاً للعقوبات الأميركية».
مشاركة :