شكوك الداخل ترخي بظلالها على الاتفاق السياسي في السودان

  • 12/6/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الخرطوم - ترخي شكوك داخلية بظلالها على الاتفاق المبدئي بين الجيش السوداني وقادة من قوى مدنية والذي يفترض أن يشكل نواة للمرحلة الانتقالية وينهي أزمة ما بعد انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021 الذي استبعد فيه قائد مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان الشركاء المدنيين من الحكم. ولاقى توقيع الاتفاق المبدئي الذي يشكل اختراقا لحالة الجمود السياسي ولجدار أزمة مستعصية بين الجيش والقوى المدنية، ترحيبا واسعا من قبل المجتمع الدولي، لكن كثيرين في الداخل ينظرون بريبة شديدة لنوايا العسكريين. وحذر محللون سودانيون ووزير رفيع المستوى وحاكم إقليمي من أن الاتفاق ينطوي على مخاطر، بينما يعتبره آخرون مجرد خطوة رمزية لا تقدم ولا تؤخر في سياقاتها وضعا متأزما. وتشير خلود خير من مؤسسة 'كونفليونس ادفيزوري' وهي مؤسسة فكرية مقرها في الخرطوم، إلى أن الاتفاق يحسن صورة البرهان لدى المجتمع الدولي، لكنه "لن يكون بالأمر السهل بالنسبة للمدنيين وسيتعين عليهم القيام بعمل شاق وإقناع الرأي العام بالاتفاق"، مضيفة "لا يوحي بالثقة وبأنه سيؤدي إلى تنفيذ الإصلاحات التي يطمح لها الشعب". وأعرب الناشطون المؤيدون للديمقراطية عن معارضتهم الشديدة للاتفاق. وخرجت حشود غاضبة إلى الشارع الاثنين مرددين "الاتفاق خيانة". وقال المحلل السوداني عثمان ميرغني "إنها مجرد خطوة رمزية ينبغي تطويرها بشكل أكبر من أجل اتفاق أكثر واقعية وإلا فستكون خطوة لا جدوى منها". ويحدد اتفاق الاثنين الخطوط العريضة لعملية انتقالية بقيادة مدنية دون التطرق إلى التفاصيل والمهل الزمنية. ويتعهد بالمساءلة وإصلاح قطاع الأمن ويمنع الجيش من التدخل في شؤون لا تتعلق بالمؤسسة العسكرية التي لديها مصالح تجارية واسعة النطاق في البلد. وتعهد محمد حمدان دقلو نائب قائد القوات شبه العسكرية الذي أقر بأن الانقلاب كان "خطأ سياسيا"، بتحقيق العدالة لعائلات الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن على مر السنين وهو مطلب رئيسي للناشطين. وتعهد الموقعون على الاتفاق بوضع تفاصيل العدالة الانتقالية والمحاسبة والإصلاح الأمني "في غضون أسابيع"، لكن ميرغني يقول إن مثل هذه القضايا المعقدة قد تستغرق شهورا لتذليلها. وقالت خير إن الاتفاق "رهن أيضا بثقة الرأي العام فيه والأطراف المعنيين"، مضيفة "بصراحة الثقة غير موجودة". وقوبل الاتفاق بمعارضة قوية من قادة التمرد السابقين الذين وقعوا قبل عامين اتفاق سلام تم التوصل إليه مع الحكومة الانتقالية التي لم تبق في السلطة سوى لفترة قصيرة. ووصف زعيم المتمردين السابق ميني ميناوي وهو أيضا حاكم منطقة دارفور المضطربة، الاتفاق بأنه "غير شمولي". وقال وزير المال والمعارض السابق جبريل إبراهيم إن الاتفاق "بعيد كل البعد عن وفاق وطني ولا يؤدي إلى انتخابات حرة ونزيهة". وقال ميرغني "سيكون من الصعب المضي في صفقة شاملة دون الاتفاق مع الجماعات المسلحة وعلى الأخص تلك التابعة لإبراهيم وميناوي". والسودان أحد أفقر بلدان العالم، غارق في اضطرابات عميقة منذ أن نفذ قائد الجيش عبدالفتاح البرهان انقلابا عسكريا في العام الماضي، مما أدى إلى عرقلة نقل السلطات إلى المدنيين. وجاء الانقلاب بعد عامين ونصف من الاحتجاجات الشعبية الضخمة التي دفعت بالجيش للإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير التي ظن كثيرون بعدها أن الترتيبات لتقاسم السلطة ستضمن الحريات وتوفر العدالة، لكن الانقلاب أطاح بتلك الآمال ودفع بالمانحين إلى تعليق التمويل ما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية طويلة الأمد. كما أدت أحداث العام الماضي إلى تفاقم الأزمات الأمنية في المناطق النائية. والاثنين رحبت الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والرياض وأبوظبي وغيرها من دول العالم، بتوصل ضباط كبار وتشكيلات مدنية إلى اتفاق يمهد الطريق لإعادة تشكيل سلطة مدنية. والاتفاق هو الشق الأول من عملية سياسية على مرحلتين ترتكز على مسودة الدستور التي أعدتها نقابة المحامين السودانيين أخيرا، بحسب قوى الحرية والتغيير الموقعة عليه. وبموجب الاتفاق، سيتفق الموقعون على رئيس وزراء مدني يتولى السلطة في البلاد لمرحلة انتقالية جديدة تستمر عامين. ووعد البرهان خلال مراسم التوقيع وسط تصفيق حاد بعودة الجيش للثكنات والأحزاب للانتخابات.

مشاركة :