كون الشخص مؤهلا للتوظيف - "أي يمتلك المهارات المكتسبة والقدرات والشهادات الأكاديمية والمؤهلات المهنية اللازمة لأدائه الوظيفي" - ليس كافيا لكثير من الشباب - "وكل من هم خارج سوق العمل عامة"؛ للحصول على وظيفة؛ بسبب "عدم الاعتداد بالجدارة" - السائد في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ولا يعني هذا أن ممارسات التوظيف لا تتسم بالاعتداد بالجدارة، ولا تتوافر لدى أرباب العمل المحفزات و/أو المعلومات الكافية لاختيار أفضل الخريجين، ومن ثم ينتهي بهم المطاف إلى اتخاذ قراراتهم بناء على معايير لا علاقة لها برأس المال البشري، أو "بالتأهل للتوظيف" التي يبديها المرشحون. ويفضي عدم الاعتداد بالجدارة إلى تقويض عملية بناء رأس المال البشري برمتها، والقضاء على زيادة التأهيل للتوظيف، ما يؤدي إلى الانتقاص من قيمة المؤهلات العلمية. إذن؛ كيف يتم توظيف الناس في المنطقة؟ طالما سمع الشباب المتعلمون رسالة واضحة من سوق العمل، وهي: للحصول على وظيفة من الوظائف القليلة داخل مؤسسة ما، عليك أن تنتظر دورك، أو أن تكون لديك واسطة. والعبارة التالية منقولة عن شاب في المغرب: "إذا لم تكن لديهم معرفة بك أو بعائلتك، فلن يعهدوا إليك أبدا بالوظيفة". إن أغلب الشباب في معظم بلدان المنطقة يعتقدون أن العقبة الرئيسة أمام التوظيف هي إما انعدام الوظائف المتاحة، وإما أن الوظائف المتاحة لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال الواسطة. وعلى الجانب الآخر، يشير إلى نقص التدريب باعتباره عائقا رئيسا في المغرب فقط "28 في المائة"، وجيبوتي "23 في المائة"، ودول مجلس التعاون الخليجي "من 7 إلى 16 في المائة". ليست هناك بيانات يمكن مقارنتها تتعلق بمدى اعتماد عمليات التوظيف معايير الشفافية والجدارة. ومع هذا، فإن ما يمكن النظر إليه هو التقارير التي تعدها الشركات نفسها حول المدى الذي يعتمدون فيه على الإدارة المهنية في اتخاذ قرارات التوظيف مقابل اعتمادها على الأسر والأصدقاء. ويكشف استعراض هذا النوع من البيانات أن بلدان المنطقة - بخلاف دول مجلس التعاون الخليجي - تأتي في ذيل الترتيب بين مناطق العالم من حيث التوظيف على أساس الجدارة. وإذا كان هناك دليل على كون الشخص مؤهلا للتوظيف، لا يكفي على الإطلاق للحصول على وظيفة، فعندها يمكن الدفع إذن بأن هناك "انتقالا مزدوجا" من التعليم إلى التوظيف. فالخطوة الأولى هي أن يصبح مؤهلا للعمل "باكتساب المهارات والقدرات والشهادات العلمية"، التي تعقبها بعد ذلك عقبات إضافية تواجه التأهل لدخول سوق العمل التي تؤدي فيها الجدارة دورا محدودا. وتظهر البيانات أن شباب المنطقة يعربون عن مخاوف كبيرة إزاء الإخفاق في الانتقال الآخر، وهي مخاوف يشعرون بأنها تعود إلى عوامل خارجة عن إرادتهم، ويرون أن نقص الوظائف وعدم الاعتداد بالجدارة يشكلان عقبتين أكبر من نقص التدريب. وحتى الآن، أنحينا باللائمة فقط في الفشل في الانتقال الأول بأن افترضنا أن الخريجين لم يكونوا مؤهلين للعمل؛ نظرا لضعف جودة أنظمة التعليم وعدم ملاءمتها للسوق. بيد أن هناك إخفاقات أيضا في الانتقال الآخر؛ أي إن عديدا من الخريجين المؤهلين للتوظيف لا يمكنهم أن يغنموا من وراء رأسمال أهليتهم للتوظيف؛ بسبب عدم الاعتداد بالجدارة. ومع هذا، فإن أهليتك للتوظيف - "أي إجادتك الانتقال الأول بنجاح" - تزيد بوضوح من توقعات الحصول على وظيفة جيدة. والنتيجة ليست فقط التفاوت بين العرض والطلب على المهارات، بل أيضا بين التطلع للوظائف والحصول عليها. والتفاوت الأول يقصي الشباب، بينما يصيب التفاوت الآخر الشباب الذين تم إقصاؤهم بالإحباط والغضب
مشاركة :