الناسخ والمنسوخ وآية السيف والتطرف

  • 1/19/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

الناسخ والمنسوخ لهما شأن في القرآن، هناك أحكام وأفعال وأوامر بحسن الخلق وأقوال تم نسخها بأحكام وأفعال وأقوال أخرى، مثلا هناك آيات أتت بأفعال لا يطيقها الإنسان، فأتى الله بأخرى تنسخها وتخفف علينا ما لا نطيق، فعندما يقول الحق سبحانه وتعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ» (آل عمران-102) تأتي آية أخرى وتنسخها «فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (التغابن-16)»، ولكن عندما قرأت بعض الكتب عن الناسخ والمنسوخ وجدت شيئا يحتاج إلى وقفة للتفكر والتدبر، فكما في عنوان المقال توجد علاقة بين الناسخ والمنسوخ وآية السيف، فمثلا كتاب الناسخ والمنسوخ لابن حزم الظاهري ذكر السور والآيات التي بها ناسخ ومنسوخ، وتقريبا لا تخلو سورة من السور التي بها آيات منسوخة إلا وكانت آية السيف هي الناسخة، وهذا شيء عجيب يحتاج من أهل التخصص إلى أن يراجعوه، فهل يعقل أن تكون كل هذه الآيات وقد نسختها آية السيف، وهذا مثال من سورة (الزمر–39). كما ذكر في كتاب ابن حزم-مكية وجميعها محكم غير سبع آيات أولاهن قوله تعالى إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون الآية 3 الزمر 39 نسخت بآية السيف. الآية الثانية قوله تعالى «قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم»الآية 13 الزمر39. نسخت بقوله تعالى «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر» الآية 2 الفتح 48 الآية الثالثة، قوله تعالى «فاعبدوا ما شئتم من دونه» 15 الزمر 39 نسخت بآية السيف. الآية الرابعة قوله تعالى «ومن يضلل الله فما له من هاد» الآية 22 الزمر 39 نسخ معناها بآية السيف. الآية الخامسة قوله تعالى «قل يا قوم اعملوا على مكانتكم» الآية 39 الزمر 39. نسخت بآية السيف. الآية السادسة قوله تعالى «أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون» الآية 46 الزمر 39 نسخ معناها بآية السيف. الآية السابعة قوله تعالى فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها الآية 15 الإسراء 17. نسخها الله عز وجل بآية السيف (انتهى). فكما نرى ذكر ابن حزم سبع آيات من سورة الزمر بها سبع آيات نسخت، ستة من تلك الآيات نسخت بآية السيف. وكل السور التي بها ناسخ ومنسوخ مثل ذلك، ونسأل ما علاقة آية السيف بكل تلك الآيات؟ سؤال أطرحه لأهل الاختصاص، فآية السيف وهي الآية الخامسة من سورة التوبة، يقول الحق فيها «فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فإن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (التوبة-5)». فقد عدد ابن حزم أكثر من سبعين آية نسختها آية السيف، فهل هذا شيء يستوعبه العقل؟ فمثلا في سورة المؤمنون، الحق سبحانه يأمر رسوله والأمر للرسول هو أمر لنا، حيث يقول الحق «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ» (المؤمنون-97) نسخت بآية السيف. هذا أمر أخلاقي، والرسول الكريم يقول «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، أيضا نسأل ما علاقة آية السيف بهذا الأمر الأخلاقي الطيب الذي به تحل مشاكل كثيرة، والعجيب أن القرآن لم ترد به كلمة السيف، ولكن أخذت هذا اللقب ولا ندري من أطلق عليها هذا الاسم، فمن قام مثلا بعمل أحاديث موضوعة لغرض في نفسه حتى يشوه الإسلام ويتقول على رسوله ما لم يقله، يمكنه أن يضع لقبا مسيئا لآية من آيات الله، ليقرر أمرا وهو أن الإسلام انتشر بالسيف وهى فرية الإسلام بريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب، فمنذ أن اشتعلت نار الفتنة لم تنطفئ حتى اليوم. كل ذلك يحتاج إلى تمحيص من أهل العلم والاختصاص، لأن هذه الآية هي المصدر الرئيسي للجماعات المتطرفة، فعندما تتعدد الآيات المنسوخة والتي نسختها آية السيف، فسوف يكون السيف هو الآمر الناهي، وسوف تلتصق بالإسلام فرية القتل والترهيب والإرهاب، وعدد ما شئت من صفات التنفير والحض على الكره للإسلام وأهله، وما أتى الإسلام إلا بالسلام للبشرية كلها، وما أتى إلا بالرحمة للبشرية كلها، وهذا ما أقره الحق سبحانه وذكره في كتابه الكريم، فقال لرسوله «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» فلو كان للسيف مكان ما جاءت هذه الآية، فالإكراه لا يكون بشيء قوي ومنفر مثل القتل مثلا وما الشيء الذي يستخدم في القتل، طبعا السيف من هذه الأشياء، ثم حدث ولا حرج على ما بعد ذلك من كره للإسلام وأهله. وأختم برحمة الإسلام حيث يقول الحق للرسول وللبشرية كلها «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، فالإسلام هو الرحمة والتسامح والعدل ولا مكان للسيف على الإطلاق.

مشاركة :