مبارك المهدي لـ«الشرق الأوسط»: الثورة انتصرت والقوات الأمنية ستنهار

  • 1/19/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

توقع مبارك الفاضل المهدي، نائب رئيس الوزراء السابق، ورئيس حزب «الأمة الإصلاح والتجديد»، ما اعتبره {انتصار الثورة السودانية}، والانتقال إلى مرحلة العصيان المدني والإضراب العام، و{انهيار القوات الأمنية في وقت قريب إذا ما تواصلت الاحتجاجات}. وقال المهدي في مقابلة مع «الشرق الأوسط» بالخرطوم إن القوات المسلحة ستنحاز للمحتجين إذا بلغت الأوضاع مرحلة تهدد أمن البلاد واستقرارها، بغض النظر عن توجهاتها السياسية. محذرا من حدوث سيناريوهات متعددة، من بينها «انقلاب قصر» يجعل من الرئيس البشير «كبش فداء» ليستمر حكم الإسلاميين، وسيناريو آخر يتمثل في انقلاب يقوم به الرئيس نفسه بعسكرة الأوضاع في البلاد. وأوضح الزعيم السياسي السوداني البارز أنه كان يتوقع حدوث ثورة وانفجار الأوضاع في البلاد مبكراً، نتيجة لما سماه «الغبن التراكمي من ممارسات النظام»، والقمع المنهجي الذي مارسه تجاه القيم المجتمعية، والتضييق على حياة الناس الخاصة، والنساء على وجه الخصوص. كما ندد المهدي، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء في الحكومة المنحلة، بالمضايقات التي يوجهها النظام للمواطنين، ووصفها بأنها «تخويف، ورفع العصا بوجوه الناس لجعلهم يرضخون... لكنها أتت بنتائج عكسية، وضاعفت من كراهية المجتمع للنظام، وزادها تزايد البطالة، وتعثر الاقتصاد، فجاءت الثورة». وبخصوص الأزمة الاقتصادية التي تعرفها البلاد، أوضح المهدي أن تفاقمها أدى لاتساع الفجوة في النقد الأجنبي، ونتج عنها انخفاض سعر الجنيه وزيادة الأسعار، وشح في النقد المحلي، وتنامي معدلات التضخم، ما جعل الحياة خارج متناول أي شخص، بما في ذلك الميسورون، و«سارت الأشياء باتجاه الكارثة والانفجار، وتقديراتي كانت صحيحة... فقد حدثت الثورة». ورأى المهدي أن تلقائية الثورة هي سبب قوتها واعتبرها «مصدر قوتها لأنها غير مصنوعة، بل تعبير تلقائي عن الأزمة، ولهذا ستستمر ولن تخبو... والحكومة لم تخاطب الأزمة، بل كان رد فعلها هو رفض الاحتجاجات، والإصرار على الاستمرار في الحكم، والتهديد واستخدام القوة المفرطة، وقتل المتظاهرين»، ما أدى لنتائج عكسية استفزت الشعب ومست كرامته ورجولته. وحول تقييمه لنتائج الاحتجاجات المستمرة قال المهدي «كثير من الناس يرون أن الثورة انتصرت لأنها دخلت كل بيت، وتحولت لحالة اجتماعية... وأنا أرى أن الأوضاع في البلاد لن تعود إلى ما كانت عليه قبل الثورة، التي انتصرت معنويا وستنتصر ماديا». معتبرا في هذا السياق أن الثورة شكلت «هزيمة نفسية للحكومة... هزيمة كسرت قناعاتها، ودفعت إسلاميين كثيرين للانضمام للثورة، بما في ذلك أبناء مسؤولين رفيعي المستوى في الحزب الحاكم اعتقلوا بسبب مشاركتهم في المظاهرات... وهذا يعد في نظري أكبر هزيمة للنظام». وبخصوص السيناريوهات المحتملة توقع المهدي عدة احتمالات، من بينهما «انحياز الجيش للشعب». بيد أنه اشترط لحدوث هذا الأمر ترجيح الكفة لصالح الشارع والمحتجين، وتطورها لعصيان مدني وإضراب عام حتى تستطيع القوات المسلحة عبور الشارع لتنحاز للشعب، وقال بهذا الخصوص إنه من طبيعة القوات المسلحة، «ألا تتخذ مواقف إلاّ إذا حدث شلل تام، وعندها تهب لانتشال البلاد من الأوضاع التي تعيشها، وتتدخل لحماية الأمن القومي وحفظ الاستقرار وترتيب الأوضاع مع الشارع». في السياق ذاته، حذر المهدي من سيناريوهات أخرى تجري في الظل، مستشهدا بحديث عن اجتماع بين الرئيس وقادة القوات النظامية، يحتمل أن تتشكل بموجبه حكومة عسكرية، بيد أنه استدرك قائلا «لكن هذا السيناريو هو مرحلة قبل الاتفاق على وضع انتقالي»، كما تحدث عن سيناريو «انقلاب القصر» الذي ينفذه إسلاميون ضد الرئيس البشير، وتحويله لـ«كبش فداء»، والإتيان بعسكري بديل يتولى المسؤولية ليواصلوا معه المشوار. وانتقد المهدي تهديدات أطلقها قياديون في الحزب الحاكم، أمثال علي عثمان محمد طه، والفاتح عز الدين، باللجوء للقوة وقطع رؤوس المحتجين، وقال إنها تؤكد ضعفهم، وتكشف حالة التشظي داخل الحركة التي أتت بالانقلاب. كما وصف المهدي «الإسلاميين» بأنهم «مصابون باكتئاب نفسي بسبب فشل مشروعهم، والثمن الغالي الذي دفعوه من أجل الانقلاب، وتحولوا بسببه إلى شراذم متصارعة، غارقة في مستنقع الفساد والعنف، وقال بهذا الخصوص إن «نماذج كثيرة من الإسلاميين نادت بالخروج والانضمام للشعب والتكفير عما حدث... لكن رغم كل المكابرة ورغم التهديدات هم في أضعف حالاتهم، فالقوي لا يهدد، بل يفعل». وحول احتمالات توحد «الإسلاميين» في السودان، نفى المهدي بشكل قاطع هذا الاحتمال بقوله «لقد حاولوا التوحد... لكن هذا لم يحدث، والآن هم أنفسهم يشهدون انتفاضة داخلية... فيما ينحاز عدد كبير منهم للثورة». وبخصوص مدى نجاح قوات الأمن في وقف الاحتجاجات، توقع المهدي انهيار الأجهزة الأمنية حال توسع الإضرابات، وقال «سنشهد انهيار هذه القوات لأن وجودها في الشارع يزيد شعورها بالعزلة، كما أن فشل الإسلاميين في توفير الإسناد لهم يعجل بانهيارهم... وهناك تقارير بأن بعضهم تردد في ضرب الناس، وأن الشرطة تلقي الغاز على غير المتظاهرين، وأنهم رفعوا علامة النصر للمحتجين في بعض المناطق». كما أرجع المهدي لجوء السلطات للملثمين لاعتقال وتعذيب النساء والرجال إلى «تفاقم الشكوك حول الأجهزة الأمنية... وقد اضطر النظام لإنزال الأمن الشعبي. لكنه خائف من العزلة والعقاب الاجتماعي، لذلك تلثموا حتى لا يعرفوا... وهذا بحد ذاته هزيمة». وندد المهدي برفض بعض المنسلخين عن النظام الانضمام للثورة، بقوله «في الحركة السياسية هناك غيرة، وهي من مساوئ الحركة السياسية السودانية... لقد خيل لبعض اليساريين والحزب الشيوعي أنهم انفردوا بالثورة، ويريدون قطف ثمارها، وأن أي تدخل يضعف حظوظهم»، مضيفا أن «النضال لا يحتاج لترخيص، فهذه قضايا وطنية، ولكل أبناء السودان الحق في النضال والتعبير، كل بطريقته». أما بخصوص احتمالات تدخل دولي في السودان، فقد استبعد المهدي ذلك بقوله «لا أرى أن الوضع الدولي يسمح بتدخل إلاّ في إطار قرارات مجلس الأمن، وإدانات الأشخاص وتقديمهم لمحكمة الجنايات الدولية، ووقف التطبيع مع أميركا أوروبا... وربما يأتي في وقت لاحق التفكير في تدخل إقليمي حال انفلات الأمور في السودان باتجاه يشكل خطرا على الأمن والسلام الدوليين».

مشاركة :