شيماء المرزوقي منذ الوهلة الأولى التي وقع فيها بين يديّ، كتاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «قصتي» الذي احتوى على خمسين قصة محملة بالخبرات والمعارف في شتى المجالات منذ أن بدأت مسيرة سموه، في خدمة بلاده ومجتمعه وشعبه في عام 1968 حتى نهاية عام 2018م، بدأت في القراءة. والآن أقوم بالقراءة للمرة الثانية، وأعتقد أن هذا المنجز يحتاج لمثل هذه الممارسة القرائية المتكررة، بمعنى أنك تحتاج أن يكون هذا الكتاب قريباً منك، تعود له كل مرة لتصفّحه والتنقل بين معلوماته المختلفة. الثراء المعلوماتي الشديد في الكتاب، يجعلك أمام مسؤولية التعلم، وواقعية الكتاب التي لا يمكن تجاهلها تجعل منه حتمية معرفية للتطبيق والاقتداء. ما يختزله الكتاب بين دفتيه من مواقف متعددة وقصص متنوعة يجعل منه منجزاً متفرداً بالحِكَم والدروس ولكنها حية متنفسة تنبض بالواقع الماثل الذي نعيشه ونشاهده. لقد قرأنا مقولات وحِكَماً للكثير من حكماء الأرض، والبعض من تلك الحكم قيلت قبل أعوام وأعوام، وقرأنا لفلاسفة وما يرونه للمجتمعات وللإنسانية، لكنها كانت دوماً كلمات متجردة فيها مثالية وتنظير، بمعنى أن تلك الحكم والأقوال كانت من أفواه أناس لا يملكون إلا التبشير بما يرونه من الخير أو للمستقبل، لكننا اليوم أمام منجز عظيم بكل ما تعني الكلمة، لأنك ستجد فيه الحكم البليغة والمعاني الفريدة والقصص المذهلة والمسيرة المضنية المتعبة، ولكنها جاءت من روح الواقع، من مسيرة تنمية امتدت لخمسة عقود من الزمن، حتى تحولت تلك الصحراء إلى واحة من الأمن والسعادة، ومجتمع متوثب واعٍ مثقف، وأمة صاعدة تنافس في ركب الحضارات وتسابق الأمم. ستجد في هذا الكتاب قصة دبي والإمارات، ستجد حِكماً ومثلاً متنوعة عن الصبر والتأمل والذكاء وبُعد النظر، ستجد فلسفة محمد بن راشد، في السياسة والمجتمع، وكيف تعامل مع الناس وكيف قام بتغيير أحوالهم نحو الأفضل، ستجد مقولاته أو ما يشبه خريطة الطريق عن كيفية النهوض والابتكار، وأنت وسط رمال صحراء قاحلة قاسية وبحر مالح شديد الريبة، كيفية بناء الإنسان ليتوجه نحو التحدي الحياتي بقوة وتمكين، والأجمل من هذا جميعه، أنه جاء متصلاً بالواقع، غير منفك عما نشاهده ونلمسه. نحن أمام كتاب مفعم بالدروس والمنجزات، والشواهد من الحياة التي نعيشها، في رؤية كل هذا الوهج الذي يحيط بنا.. كتاب حكمة لكنها حكمة ماثلة يمكن ملامستها. وهذا مكمن قوة وتفرّد هذا الكتاب، ومَن خطّ كلماته. Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com
مشاركة :