أحد أهم الأمور التي تدرسها كباحث أو مهتم بالبحث العلمي هي ألا تخلط بين رأيك الشخصي وبين الفرضية التي تبحث عنها أو بين النتائج التي تتوصل لها. بمعنى أن تتجرد من كل آرائك وتنظر للنتائج والمعطيات التي أمامك كما هي لا كما تريدها أن تكون، وهناك فرق بين الرأي الشخصي والفرضية العلمية. فحين تنتظم لإكمال دراستك العليا التي تستوجب أن تقوم ببحث معين حتى تحصل على الدرجة العلمية عليك أن تفهم قوانين النشر البحثي وتدرس أخلاقيات البحث العلمي وتعرف حدود الاقتباس ومعنى السرقة العلمية أو التزوير العلمي. ونحن حين نطالع هذه المفاهيم فإننا نفترض انها مفاهيم واضحة "فالسرقة العلمية أو الأدبية" معروفة وطرق التزوير في النتائج العلمية أو البحثية أيضا معروفة ويمكن لأي شخص يحكم البحث أن يتعرف عليها. لذلك على سبيل المثال حين يعتمد البحث العلمي على دراسات مسحية أو إحصائية مبنية على استمارات أو مقابلات شخصية فإن تصميم الدراسة يعتمد على وجود علامات معينة توضح ما إذا كان هناك تزوير في تعبئة الاستمارة بحيث تحسب هذه النسبة وتستبعد هذه النتائج باعتبارية الخطأ أو افتراضية أنها لم تنجح في "فحص الجودة" إن صحت التسمية، واستبعاد النتائج هنا لا يعد من التضليل العلمي لكنه متطلب للجودة العلمية. والتضليل العلمي له أوجه كثيرة، منها لوي عنق النتائج لدعم فرضية معينة، أو إخفاء أو عدم توثيق جزء منها لإثبات او نفي فرضية معينة أو تعمد عدم مناقشة أو الإشارة إلى دراسات سابقة تعزز أو تناقض الفرضية. لذلك حين تكون رأيا بناء على دراسة علمية فإن عليك ان تقرأ هذه الدراسة جيدا وأن تعرف تفاصيلها وتوثقها عند عرض رأيك كما أن عليك أن تعرف الدراسات التي تناقضها أو تختلف معها حتى تكون الفكرة واضحة وبدون انحياز. علينا أن لا نخلط بين الحكايات وبين وجهات النظر وبين الدراسات الموثقة وعلينا أن لا نتصور جهلا أو غرورا أن آراءنا الشخصية هي دراسة علمية. يلجأ الكثيرون لتدعيم آرائهم بمقولة "ذكر في دراسة" لكن لا تجد توثيقا لهذه الدراسة ولا مصدرا لها، وهذا يضعف من مصداقية القائل. فمحركات البحث العلمي موجودة وتصنيف المجلات العلمية معروف ويمكن بسهولة لأي إنسان أن يحصل على المعلومة ويتحقق منها.
مشاركة :