في جو حميمي ضارب في الجدور وبين عبق التراث الشعبي القديم المحدث؛ اختارت «منصة الشارقة للأفلام السينمائية» منطقة المريجة ليوم افتتاح عروضها، ضمن مبان تابعة لمؤسسة الشارقة للفنون خلف الكورنيش المزين بالبواخر. استهلت المنصة بعرض أول فيلمين في الهواء الطلق، بطريقة مبتكرة ضمن ساحة واسعة مفتوحة على الهواء، حملت عنوان «سينما سراب المدينة»، اجتمع من خلالها صُناع الأفلام، من مخرجيين وكتاب، وإعلاميين وحضور خاص لعشاق السينما والفكر والإبداع. حماس شديد خيم صاحب أجواء اليوم الأول للافتتاح، بحضور الداعم الأول للحدث رئيس «مؤسسة الشارقة للفنون» الشيخة حور القاسمي، التي بدت مساهماً بارزاً في نجاح الحدث من خلال اهتمامها ومشاركتها، وحضورها وتفاعلها مع كل لحظة فيه. لماذا «ليمون»؟ سؤال قد يتباذر إلى ذهن المشاهد عن سر تسمية أحد الأفلام السينمائية القصيرة التي عرضت في يوم افتتاح المنصة، عن سبب اختيار هذا الفيلم القصير الذي يحمل اسم المخرج الإماراتي عبدالرحمن المدني، تبين أن هناك سراً بين الإبداع في التشويق ودمجه بالفكرة، إذ ناقش في دقائق سريعة مشكلة اجتماعية كبيرة، صنعها في قالب كوميدي تشويقي مؤثر للغاية، وهي انشغال الرجل عن زوجته بموقع التواصل الاجتماعي الأشهر «سناب تشات»، ذلك ما فتح أبواب من التكهنات للنهاية التي وصفها المخرج وكاتب السيناريو بـ«مشهد فريد من نوعه» يكاد يضع مئة سؤال وليس سؤالاً واحداً. ولم يكن هو الفيلم الوحيد الذي عرض في يوم الافتتاح، إذ شاركه فيلم إماراتي آخر بعنوان «مريم» للمخرج محمد الحمادي، ولم يقل الثاني عن الأول لناحية جمال العرض وزخم المادة المقدمة، إذ طرح مشكلة اجتماعية أخرى لها علاقة في قرار الأبناء حين يختلف الأبوين على رأي واحد. وأضاءت الجلسات الحوارية التي تقدمها المنصة بالتزامن مع عروض الأفلام على مواضيع متعلقة في صناعة الأفلام، وتناولت جلسة «الصورة المتحركة والتقنيات الجديدة» إمكانات الواقع الافتراضي والمعزز والمختلط ودراسة الآثار الأخلاقية لهذه التكنولوجيا. وفي سياق متصل؛ استضاف البرنامج التعليمي المصاحب للمنصة خلال الأيام الأولى من الفعاليات ورش عمل متخصصة شاركت فيها مجموعات من محبي السينما والمهتمين في صناعة الأفلام. وتناولت الورش مواضيع تدور حول الرسوم المتحركة والمؤثرات البصرية، وقواعد وتصميم اللقطات، وأساسات كتابة السيناريو، وآليات البحث والتوثيق ضمن الأفلام الوثائقية. ويستمر البرنامج في تقديم ورش أخرى في الأيام المقبلة، تسلط الضوء على تاريخ السينما وأبرز الكتاب والمخرجين، وتقنيات الإضاءة الملائمة لإنتاج الأفلام والفيديو، إضافة إلى ورشة نقدية للأفلام الوثائقية. وقدمت «منصة الشارقة للأفلام السينمائية» خلال دورتها الافتتاحية جلسات حوارية ثقافية عدة، وعقدت لقاءات مع مخرجين سينمائيين من الإمارات وخارجها، منهم الإماراتي عبدالله الكعبي، الذي روى مسيرته في الإخراج السينمائي وناقش فيلمه الذي لاقى ترحيباً نقدياً واسعاً «للرجال فقط عند الدفن» 2016، فضلاً عن رؤيته لصناعة السينما الناشئة في بلاده. وقال الكعبي لـ«الحياة»: «مدة الفيلم 90 دقيقة، ونال جائزة أول فيلم في مهرجان دبي 2019 ويحكي قصة عائلة، تكتشف أسراراً كثيرة عن والدتهم المتوفاة خلال فترة عزائها، يسردها المعزون والضيوف». وضمن حضور الافتتاح المخرجة الباكستانية شازيا علي خان، صاحبة فيلم «بينكي ميمساب» الذي تم تصويره في مجموعة من معالم دبي، وبدأت عروضه التجارية في صالات السينما في الإمارات، وقال لــ«الحياة»: «حضوري الافتتاح للاستمتاع، وتعزيز الفكر، لما تحمله الشارقة من ثقافات وأفكار ومضامين رائعة وثرية تستحق الاهتمام». وحول فيلمها قالت: «قصة شاب باكستاني انتقل إلى دبي للعمل، وواجه صعوبات البعد عن العائلة، ويناقش الفيلم مشكلات عدة، من ضمنها كيف تغير المشكلات تجارب الآخرين، ويضم الفيلم الذي يستغرق عرضه 120 دقيقة ممثلين من جنسيات عدة». وأضافت: «يؤسفني أنني عرفت عن منصة الشارقة للأفلام في وقت متأخر، وذلك ما منعني من فرصة التسجيل والدخول ضمن المشاركين، لكنني اتمنى مستقبلاً أن أكون جزءاً من هذا الحدث المميز، واكتفيت بالحضور والاستمتاع لصناع الأفلام، وعشاق السينما بما يطرح، واتمنى أن يحظى فيلمي بالعرض مستقبلاً في منصات عدة، ويزور السعودية أيضاً، خصوصاً أنها افتتحت دور سينمائية أخيراً، وأصبحت ذات مكانة واسعة في مجال السينما».
مشاركة :