أتمنى بعد قراءة هذا المقال أن يذهب معالي وزير التعليم إلى أقرب مدرسة من مكتبه ليراقب فوضى السيارات حول مدارسنا وقت الانصراف التي تشكل خطرا كبيرا على الصغار لا أحد يكترث له، ويخلق سلوكيات رديئة لا تنمحي على مر التاريخ، هذه الفوضى الضاربة أطنابها في مشهدنا التعليمي التربوي ولا أحد يحرك ساكنا تجاهها. الفوضى المرعبة عند انصراف المدارس لا تقل رعبا عن حوادث المعلمات، والأدهى والأمر أن هذه الفوضى يتشربها صغارنا طلابا وطالبات في عمر مبكر وتعلم الفوضى في الصغر كالنقش في الحجر، دروس مجانية نوزعها للفوضى في مدارسنا وهي التي تبقى في سلوكهم، أما الدروس الكثيرة فتتبخر ولا يتبقى منها ولا حبرها. في مدينة الظهران حيث تقع أفضل مدرسة أهلية في المملكة، الفوضى المرورية عند الانصراف والاختناق حاضرة هناك، أعترف بعد أن كتبت سلسلة مقالات في هذا الشأن اتبعت المدرسة تشغيل طابور من القائمين على تنظيم السير وقت الانصراف على غرار المدارس الأميركية ولكن ضيق المداخل والمخارج وتكدس السيارات وانعدام مواقف السيارات عند مدارسنا تخلق الفوضى والاختناق. أتمنى من معاليه أن يخصص من وقته لبحث هذه المشكلة وإلزام المدارس الحكومية والأهلية بوضع فريق ينظم السير عند الانصراف، وفي الصباح على أقل تقدير لحماية أطفالنا من الحوادث المرورية ولنشر رسائل مرورية مبكرة ضرورية في أذهان الناشئة، والأخذ في الاعتبار تصاميم المدارس الجديدة وتزويدها بمواقف سيارات ومراعاة مداخل ومخارج المدارس وأن الذين سيخرجون منها فلذات أكبادنا وليسوا قطيعا من الأغنام. قام أحمد الشقيري مشكورا في برنامجه الشهير "خواطر" بفتح ملف هذه الفوضى عند مدارسنا مصورة والمقارنة بين ما يحدث في مدارس اليابان ومدارسنا، وبدلا من أن نسمع كلامه ونغير شيئا من الحال "زعلنا عليه" لأنه فشلنا! والفشيلة أن نستمر على هذه الأوضاع الفوضوية. هذه الفوضى ليس مصدرها الفوضى المرورية وقت الانصراف فقط، ولكن زحمة المقصف الأسطورية في مدارسنا هي مدرسة أخرى في فوضى السلوك تضاف إلى سابقتها. حينما يعاقب مراقب المدرسة طلابه على سلوكيات أخرى ولكنه يمر أمام المقصف المزدحم مرور الكرام، هذا يعطي شرعية للفوضى وعدم احترام النظام، وعدم احترام الآخرين دون أن نعي ذلك. احترام النظام هو سلسلة من سلوكيات مترابطة لا نراها ولكن تُزرع في الداخل وتتكاثر وتكبر مثل الأشجار ثم تصبح شجرة فوضى أو شجرة احترام عروقها متجذرة في النفس يصعب اجتثاثها. نحن نلهى في أزمة المناهج ونتجادل حولها بينما هناك أمور سلوكية رديئة تنشرها مدارسنا لا نلقي لها بالا. أنا أتمنى أن نضمن جيلا يتعلم احترام "سرا" المقصف حتى يتخرج من الثانوية فينتقل هذا السلوك مع الطلاب عند "سروات" الخدمات العامة وعند قيادتهم سياراتهم. في المناهج مثلا معلقة عمرو بن كلثوم الذي يشرب إذا ورد الماء صفوا ويشرب غيره كدرا وطينا هي الأخرى مصدر سلوكي مرعب للتعالي ومصادرة الآخر كنا نقرأها في المرحلة المتوسطة ويصفق لنا مدرسونا، أتمنى ألا تكون باقية في مناهجنا. تنظيف مناهجنا من الشوائب السلوكية المماثلة مصدر ملح لإنتاج جيل واع يحترم الآخر ويحترم النظام ويستجيب للتعليمات. تمنياتي لمعالي الوزير الجديد المتحمس "أبومحمد" بالتوفيق في تطوير التعليم في المملكة، هذه المهمة الصعبة التي تعاني منها دول كبيرة أولاها أميركا، يضاف إلى أعباء معاليه ضم التعليم الجامعي للتعليم العام، وحيث إن جامعاتنا كثير منها "يرقل" أتمنى من معاليه أن يخرج لنا عشر جامعات في المملكة على طريقة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وفق الله بلادنا لكل خير.
مشاركة :