رسالة إلى وزير التعليم مع التحية

  • 3/8/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم : أ.د. فدوى بنت سلامة أبو مريفة مكتب الرياض سفراء  نهنئ د. عزام الدخيل بالثقة الملكية الكريمة لتعيينه وزيراً للتعليم وذلك بعد دمج طموحات وزارتي التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي في وزارة واحدة بناء على الأمر الملكي الكريم الذي استبشرنا به حيث جاء مستشرفاً للمستقبل ومطوراً للواقع، متمنين أن ينقل التعليم بجميع مراحله بما يتفق مع تطلعات القيادة لأبنائها. وفي هذا المقام نشكر حكومتنا تبنيها سياسة الابتعاث وإقرار ميزانيته بسخاء إيماناً منها بأن الاستثمار في الإنسان أسمى وأغلى أنواع الاستثمار الذي يأتي مردوده خيراً عميماً على الوطن. لا شك أننا نتفق بأن هناك العديد من المغانم والمكاسب التي سيجنيها الوطن من الابتعاث الذي لا يجيء لعدم ثقتنا بجامعاتنا ومخرجاتها، بل لأن الابتعاث يعني الاستزادة من مخزون غيرنا العلمي، ونقل خبرات جديدة وبالتالي المساهمة في نقل المعرفة بطرق مختلفة عند العودة للوطن، بالإضافة إلى التأهيل والتأسيس لتخصصات جديدة ليست متوفرة محلياً، وتخصصات نادرة يحتاجها سوق العمل وتفي باحتياجات خطة التنمية. كما أننا نتفق أيضاً بأن هناك جيلاً من الرعيل الأول من بناتنا تخرجن من كليات البنات، درسن و تخرجن من جامعاتنا وحصلن على أعلى الرتب العلمية بتميز ابحاثهن ونشرها في المجلات العلمية العالمية، حيث حملن شعلة الدراسات العليا والاشراف على الرسائل الجامعية وتوج عطاؤهن بثقة ملكية كريمة، كاتبة السطور إحداهن وأجيال سبقنها تخرجن من ذات الصرح كن قدوتها في التميز العلمي، ومع ذلك أتمنى الآن لو كان الابتعاث مسموحاً لنا حينها لما ادخرت جهدا في الاستزادة من معين العلم من الجامعات العالمية العريقة ليس لعدم ثقتي في جودة جامعاتنا بل لإيماني بالتلاقح الثقافي والعلمي وامتزاج الثقافة السعودية مع ثقافات الدول الأخرى وحضاراتها، والانفتاح المحمود على الآخرين. ما دعاني أن أكتب اليوم، هو ما يظهر بين الحين والآخر من مناشدات ممن تضررن من المعيدات والمحاضرات من الإجبار على الابتعاث بالمطالبة بإعادة النظر في هذا الأمر، فالإجبار على الابتعاث كان إحدى الشكاوى التي تقدم بها بعضهن الى بعض عضوات مجلس الشورى، ثم تجددت هذه المطالب بعد حادثة مقتل المبتعثة ابنة الوطن ناهد الزيد وعاودت المناشدة الظهور حالياً مع تقلد وزير جديد للتعليم. وقد جاءت هذه المناشدات على خلفية إجبار بعض الجامعات المعيدات والمحاضرات على الابتعاث كشرط لمواصلة الدراسات العليا، وقد أدى التعنت في هذا القرار الى تأخر حصول بعضهن على الدرجة المستحقة رغم تميزهن وتفوقهن، علماً أن هناك تخصصات لا تحتمل التأخير أو التأجيل وقد يتعرض الطالب فيها للنسيان وعدم مواكبة الجديد في التخصص مثل التخصصات الصحية والعلمية. نعلم جميعاً أن للطالبة ظروفاً اجتماعية خاصة بها، فهي مرتبطة بأسرتها، وأحياناً يكون عدم تفرغ المحرم للسفر معها عائقاً للابتعاث. وقد سبق أن صدر تصريح لمعالي وزير التعليم العالي السابق بأنه وجه الجامعات إلى عدم اجبار المعيدات والمحاضرات على الابتعاث وأن تشكل لجان داخلية لدراسة أوضاعهن، وعلى الرغم من ذلك الا أن بعض الجامعات مازالت تصر على ذلك دون النظر لظروف الطالبة وللأسف يتم الابتعاث في تخصصات متوفرة الدراسات العليا فيها في جامعاتنا وفي الوقت الذي تفاخر فيه جامعاتنا بحصولها على مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية. علينا ألا نربط الابتعاث بتطوير التعليم لدينا وازدهار المعرفة، بل هو أحد الطرق، وعلينا أن نثق في مخرجات جامعاتنا، وهي التي يخصص لها كل عام ميزانية تفوق العام الذي يسبقه فقد أنفقت الدولة رعاها الله على تجهيز البنية التحتية للجامعات بسخاء ودعمت الجامعات بأعضاء هيئة التدريس من جميع دول العالم. إن وزارة التعليم أمامها عدة سبل وطرق للسير فيها لدعم الدراسات العليا والنهوض بالتعليم الجامعي وتجويد مخرجات جامعاتنا، وأقترح هنا بعض الحلول التي تساهم في حل مشكلة هذه الفئة من المعيدات والمحاضرات والتي قد تساعد على تحقيق أحلامهن وتطلعاتهن. يمكن للجامعات تفعيل الاشراف المشترك، وذلك عبر الاتفاق مع بعض الجامعات الأجنبية المتميزة للإشراف على طالبات الدراسات العليا، فبرامج الاشراف المشترك اضافة الى انها حل مثالي لمشكلة الكثير من النساء غير القادرات على السفر بفعل ظروفهن فإنها تحقق الكثير من الفوائد العلمية والأكاديمية والمالية لجميع الجهات المعنية، وبرامج الإشراف المشترك ليس فقط لمنح الطالبات فرصة لإنهاء دراستهن بما يتناسب مع ظروفهن الشخصية بل هي طريقة مناسبة وقليلة التكلفة لتدريب أعضاء هيئة التدريس على الاساليب المختلفة للأشراف وفتح مجال للتعاون المشترك بين الأعضاء المحليين وبين المؤسسات الخارجية كما أنها فرصة ممتازة لتعريفهم بما يحدث من برامج بحثية تجري في تلك الجامعات إضافة الى كونها فرصة لتعريف المؤسسات الخارجية بهم ولعل أقرب تجربة محلية هي تجربة جامعة الملك عبدالعزيز بجدة والتي بدأت منذ عام 1992م وهي تجربة رائدة لإعداد أعضاء هيئة التدريس من خلال برنامج مشترك للدراسات العليا مع بعض الجامعات البريطانية العريقة المشهود لها بالكفاءة العلمية، وذلك كبديل عن الابتعاث للدراسة في الخارج للمعيدات والمحاضرات في الجامعة اللاتي لا تسمح لهن ظروفهن بالابتعاث الى الخارج واللاتي بلغ عددهن حينئذ 250 معيدة و محاضرة. أيضاً أقترح أن يفعل دور عمادة شؤون أعضاء هيئة التدريس بالجامعات وذلك بالتعاقد مع اعضاء هيئة تدريس متميزين ومن جامعات مرموقة وبدرجات علمية لا تقل عن استاذ مشارك، كما أقترح أن توجه الوزارة الجامعات بعدم الاجبار على الابتعاث وجعله اختيارياً للطالبات فكلنا نتفق أن التحصيل العلمي والتميز يحتاجان إلى راحة نفسية واستقرار اسري، وعلى الجامعات دراسة أحوال كل طالبة على حدة، وأرى أن يتم قصر الابتعاث على التخصصات الفرعية النادرة فلا ننسى أن الابتعاث غير المدروس يكلف ميزانية الدولة. آمل أن يكون هناك حرص على مواصلة الفتاة السعودية تعليمها العالي دون تعثر والتشجيع على الابتعاث ولكن دون إلحاق الضرر بالأسرة التي هي المكون الأساسي للمجتمع. *عضو مجلس الشورى

مشاركة :