ليبيا تشعل فتيل التوتر بين فرنسا وإيطاليا..صراع محموم على الهيمنة والنفط

  • 1/22/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو واضحا أن قطار الصراع الفرنسي- الإيطالي على ليبيا، لم ولن يصل محطة «ترتيب الأوراق»، بعد أن أصبح الصراع محموما لبسط النفوذ والسيطرة على منابع النفط.. ويرى مراقبون، أن المشاحنات بين باريس وروما، ليست لعبة «عض أصابع» بينهما، ولكنها أكثر من ذلك، صراع وسباق مفتوح بين دولتين على الهيمنة على ليبيا، كل طرف يعتبر أنه الأحق، بل وكل منهما تبرره وفق أسبابها الخاصة. ويؤكد سياسيون ليبيون، أن هذا ليس إلا تنافس القوى الكبرى على خيرات ليبيا ومكانتها الجيواستراتيجية، و«هذا بالطبع، ما كان ليكون بهذا الشكل التنافسي الوقح، لو أن ليبيا كانت معافاة وموحدة، لأنه لو كان الأمر كذلك، فإنها ما كانت لتستطيع أن تستحضر تلك الدول سياسة «فرق تسد» بين الليبيين من أجل تنفيذ مآربها وخدمة مصالحها أولا، لأن القلعة الحصينة لا تسمح باختراقها، وهو ما يجب أن يتنبه الليبيون له». باريس وروما تتبعان أهدافا استراتيجية مختلفة في ليبيا الأكاديمية والباحثة الإيطالية، ميكيلا ميركوري، أستاذة التاريخ المعاصر في جامعة ماتشيراتا الإيطالية، ومؤلفة كتاب «ليبيا المجهولة»، تؤكد أن النزاع المتصاعد بين فرنسا وإيطاليا حول ليبيا، يرجع إلى محاولة باريس الاستفادة من ضعف روما السياسي في الوقت الراهن، فيما يسعى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن يصبح «قائد أوروبا» الجديد. وقالت ميركوري، إن كلا من باريس وروما تتبعان أهدافا استراتيجية مختلفة في ليبيا، والسبب في ذلك هو النفط الليبي، ومصالح الدولتين في ليبيا لم تتطابق في العام 2011 مع انفلات تظاهرات الثورة ضد نظام العقيد القذافي، عندما  قفزت فرنسا لاستغلال الفرصة والتدخل في ليبيا بسبب النفط، ولايزال هذا الاتجاه فعالاً حتى الآن. وأوضحت الباحثة الإيطالية، أن هناك اختلافا بين سياستي فرنسا وإيطاليا بالنسبة إلى ليبيا، وبينما تدعم روما صراحة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، تدعم باريس قائد الجيش المشير خليفة حفتر، وعبر دعم حفتر، فإن فرنسا تريد إنشاء موطئ قدم لها في منطق برقة الغنية بالنفط، للبدء في التنقيب والبحث عن احتياطات النفط هناك، كما أن أزمة الهجرة تظل أيضا من أسباب الخلاف بين روما وباريس. جوهر الخلاف يكمن في المصالح الجيوسياسية وتشير تقايرير إيطالية إلى  أن جوهر الخلاف بين إيطاليا وفرنسا حول ليبيا يكمن في المصالح الجيوسياسية لإيطاليا، لأن ليبيا كانت ذات يوم مستعمرة إيطالية وتعتبر «المنطقة ضمن نطاق نفوذها»، وهناك اعتقاد قوي في المؤسسة الإيطالية بأن فرنسا خطفت ليبيا من روما، إذ كانت فرنسا سريعة للغاية في اتخاذ قرار بالذهاب لقصف القذافي وجذب الجميع إلى هذه العملية، وكان الإيطاليون ينظرون إلى ذلك باعتباره صفعة على الوجه. وداخل الساحة السياسية الليبية، تكشفت صور الصراع المعلن بين فرنسا وإيطاليا، بحسب تعبير الكاتب الليبي محمد بن رجب، وهو صراع ظاهره اختلاف بشأن إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية الليبية وتأجيلها إلى ربيع 2019، وباطنه «حرب» على النفط الليبي والوضع الهش في «الهلال النفطي» ومن سيضمن الوجود بقوة من خلال شركات النفط الفرنسية والإيطالية، وقد بلغت درجة التنافس العلني بين فرنسا وإيطاليا أن أشار الناطق الرسمي للقيادة العامة للجيش الليبي، العميد أحمد المسماري، في مؤتمر صحفي، إلى أن: «الصراع الإيطالي الفرنسي يجب أن يبقى في أوروبا بعيدا عن ليبيا». قطار الصراع الفرنسي- الإيطالي على ليبيا انطلق إلى المجهول وتصاعد التلاسن بين فرنسا وإيطاليا أخيرًا حول الملف الليبي، بالتزامن مع تطورات ميدانية أمنية وسياسية تجعل الرؤية السياسية التي تتبناها الأمم المتحدة بعيدة عن التحقق في ظل تباين لا يزال طاغيًا على المقاربات الدولية بشأن ليبيا، لكنّ الجديد أنّ التصريحات المتبادلة بين الدولتين الأوروبيتين انتقل من الحديث عن البنود السياسية إلى تلك الأمنيّة في ظل اتهامات متبادلة بعلاقة كلٍ منهما بالميليشيات والوقوف وراء أحداث طرابلس الأخيرة. وفي خطوة تنذر بتصعيد الخلاف الدبلوماسي بين روما وباريس، صرح نائب رئيس وزراء إيطاليا، ماتيو سالفيني، بأن «فرنسا لا ترغب في استقرار الوضع في ليبيا، ربما بسبب تضارب مصالحها النفطية مع مصالح إيطاليا». وجاء هذا التصريح بعد قيام وزارة الخارجية الفرنسية، أمس الإثنين، باستدعاء السفيرة الإيطالية لدى باريس، تيريزا كاستالدو، على خلفية تصريحات لنائب رئيس الوزراء الإيطالي ووزير التنمية الاقتصادية، لويجي دي مايو، الأحد الماضي، قال فيها إن حزبه (حركة خمس نجوم) سيقترح إجراءات جزائية ضد الدول التي لا تغادر إفريقيا وتواصل استعمارها، ووفقا له، فإن فرنسا من بين إحدى تلك الدول الاستعمارية في إفريقيا، حيث (لا تزال عشرات الدول الإفريقية تقوم فيها فرنسا «بسك عملتها المعدنية»، الفرنك الاستعماري، وبالتالي تمول ديونها الخارجية من خلال استغلال هذه الدول). التصريحات الساخنة بين روما وباريس، تشعل فتيل التوتر، وتشير إلى أن قطار الصراع الفرنسي- الإيطالي على ليبيا، انطلق إلى المجهول، ما يرفع من سقف التوقعات بشأن الخلافات بين الدولتين الأوربيتين على ضفاف البحر المتوسط في مواجهة الجغرافية الليبية.

مشاركة :