المليفي: حكم «الدستورية» في إشكال الطبطبائي قد يُفضي إلى «إسقاط ...

  • 1/23/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أكد الوزير والنائب السابق أحمد المليفي أن «الرفض» مصير الإشكال الذي قدمه النائب وليد الطبطبائي أمام المحكمة الدستورية، لتفسير حكمها القاضي بعدم دستورية المادة 16 من اللائحة الداخلية لمجلس الامة، لأن طبيعة عمل المحكمة الدستورية لا يسمح بقبول الطعن في أحكامها، فهي نهائية. وقال المليفي، في دراسة له عن «سحب الإشكال المقدم من الدكتور وليد الطبطبائي وأثره على مسار الإجراءات الدستورية»، إن للمحكمة الدستورية ولأحكامها طبيعة خاصة وأحكامها نهائية حاسمة للخصومة الدستورية، وملزمة للكافة وليس فقط للخصوم في الدعوى، ومتى ما أصدرت حكمها تكون قد استنفدت ولايتها في ما قضت به، ويمتنع عليها بعد ذلك أن تجري عليه أي تعديل أو تغيير.وعن سحب الاستشكال، رأى أن طبيعة المحكمة الدستورية وعملها على تحقيق المشروعية يسمح لها بالاستمرار في نظر الدعوى وما ارتبط بها من دفوع حتى لو انسحب أطراف الخصومة لتحقيق مصالحهما الخاصة، فالهدف هو تحقيق المشروعية العامة وليس المصالح الشخصية للخصوم، وعليه فان سحب أو ترك الإشكال لن يمنع المحكمة الدستورية من التصدي له والبحث في مشروعيته، وقد يوفر لها ذلك مناسبة للحديث أكثر تفصيلاً عن إلزامية وحجية حكمها الدستوري ونفاذ إسقاط العضوية من تاريخه دون حاجة إلى تصويت من المجلس. وجاء في الدراسة أنه بناء على الحكم الصادر من المحكمة الدستورية المقيد برقم 6/‏‏ 2018 الصادر بتاريخ 19 /‏‏12 /‏‏2018 في الطعن المباشر بعدم دستورية المادة 16 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الذي قضى «بعدم دستورية المادة 16 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة مع ما يترتب على ذلك من آثار». وجاء في حيثياته أن أهم آثار الحكم إنفاذ حكم المادة (84) من الدستور - إجراء الانتخابات التكميلية خلال شهرين من تاريخ إعلان المجلس خلو محل أحد أعضاء مجلس الأمة قبل نهاية مدته - لزوماً دون أي تراخٍ أو إبطاءٍ أو ترخص أو تقدير نزولا على حكم الدستور. وقبل نظر مجلس الأمة تطبيق هذه المادة تقدم الدكتور وليد الطبطبائي بإشكال في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية قيد برقم 1/‏‏ 2019، مما اضطر المجلس إلى تأخير الإعلان عن خلو مقعد النائبين السابقين الدكتور وليد الطبطبائي، والدكتور جمعان الحربش إلى جلسة ما بعد الحكم في الإشكال، أعلن محامي الطبطبائي عن تقديم طلب سحب الإشكال الذي سبق أن تم تقديمه للمحكمة الدستورية، قائلاً بأن «هذا الطلب يأتي بعد قيام موكله بالتشاور مع عدد من النواب باعتبار أن سقوط عضوية أي عضو من أعضاء مجلس الأمة هو اختصاص أصيل للمجلس، وباعتبار أن المجلس قد سبق في 30 /‏‏10 /‏‏2018 أن رفض إسقاط عضوية موكله مع زميله د.جمعان الحربش». كما أضاف حسب ما نقلت الصحف بأن «ذلك يبقى اختصاصاً ومنفرداً للمجلس وفقاً لأحكام الدستور ونصوص اللائحة الداخلية». وهذه الحالة تثير عدة أسئلة حول تعريف الإشكال، وهل يجوز تقديم استشكال في المحكمة الدستورية؟ وسحب الاستشكال بعد تقديمه وموقف المحكمة الدستورية منه. وسنبحث هذه الاسئلة على الوجه التالي: الإشكال وجواز تقديمهالإشكال في التنفيذ هو منازعة وقتية يقدم لوقف تنفيذ الحكم لوجود أدلة جديدة أو وقائع لاحقة على صدور الحكم تحول دون جريان تنفيذه وترجح تغيير الحكم وستقدم لقاضي الموضوع. فهدف الإشكال هو وقف التنفيذ بصورة موقتة لما قد يترتب على تنفيذ الحكم من ضرر جسيم على الشخص المحكوم عليه لوجود أدلة ترجح تعديل الحكم أو إلغاءه سيتم تقديمها لقاضي الموضوع. ومن هنا يتضح أنه ولكي يكون للإشكال أثر، ونتيجة أن تكون الدعوى الموضوعية متداولة وأحكامها غير نهائية فالإشكال عمل موقت لحين عرض الأدلة على محكمة الموضوع. وقد عالجت المواد (210 الى 214 ) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الأوضاع الخاصة بإشكالات التنفيذ من حيث المحكمة التي تنظر فيه وضوابط قبوله وغيرها من إجراءات تنظيمية. وحول جواز تقديم إشكال أمام المحكمة الدستورية، فتنص المادة الثامنة من قانون المحكمة الدستورية 14/‏‏ 1973 على أن «تضع المحكمة لائحة تتضمن القواعد الخاصة بإجراءات التقاضي أمامها وبنظام سير العمل فيها وتنفيذ أحكامها، وتصدر هذه اللائحة بمرسوم، بناء على عرض وزير العدل، وتحدد بمرسوم كذلك رسوم التقاضي. وتطبق في كل ما لم يرد بشأنه نص خاص في تلك اللائحة الأحكام المقررة لدى دائرة التمييز وذلك في ما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون أو مع طبيعة العمل في المحكمة الدستورية». وحيث إن مرسوم إصدار لائحة المحكمة الدستورية الصادر بتاريخ 6/‏‏5/‏‏ 1974 قد خلا من نصوص تنظم اجراءات تقديم الإشكال، لذلك وجب الرجوع إلى أحكام قانون المرافعات في شأنه، وقد نظمت المواد (من 211 الى 214) من قانون المرافعات إجراءات تقديم الإشكال حيث أجازت رفع الإشكال قبل التنفيذ، وبينت إجراءات رفعه والآثار المترتبة عليه.ولكن يبقى القيد الذي وضعته المادة الثامنة في فقرتها الأخيرة «وتطبق في كل ما يرد بشأنه نص خاص في تلك اللائحة الأحكام المقررة لدى دائرة التمييز، وذلك في ما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون أو مع طبيعة العمل في المحكمة الدستورية». وحيث إن قانون انشاء المحكمة الدستورية رقم 14 /‏‏1973 قد نص في مادته الأولى على أن «تنشأ محكمة دستورية تختص دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح، وفي الطعون الخاصة بانتخابات أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم، ويكون حكم المحكمة الدستورية ملزما للكافة ولسائر المحاكم». كما نص في مادته السادسة من ذات القانون على أنه «إذا قررت المحكمة الدستورية عدم دستورية قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة أو عدم شرعية لائحة من اللوائح الإدارية لمخالفتها لقانون نافذ، وجب على السلطات المختصة أن تبادر إلى اتخاذ ما يلزم من تدابير لتصحيح هذه المخالفات، وتسوية آثارها بالنسبة للماضي». كما نصت المادة (19) من مرسوم اللائحة الداخلية للمحكمة الدستورية على أن «تنشر في الجريدة الرسمية جميع الأحكام والقرارات التي تصدر من المحكمة مشتملة على أسبابها ومرفقاتها خلال أسبوعين من تاريخ صدورها». ونصت المادة (13) من لائحة المحكمة الدستورية على أن «تختم صورة الحكم التي يكون التنفيذ بموجبها بخاتم المحكمة ويوقعها الكاتب المختص بعد أن يذيلها بالصيغة التنفيذية الآتية (على الجهة التي يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى طُلب منها وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة متى طُلب منها ذلك)». من جماع ما تقدم يتضح أن للمحكمة الدستورية ولأحكامها طبيعة خاصة وأحكامها نهائية حاسمة للخصومة الدستورية ملزمة للكافة وليس فقط للخصوم في الدعوى. ومتى ما أصدرت حكمها تكون قد استنفدت ولايتها في ما قضت به، ويمتنع عليها بعد ذلك أن تجري عليه أي تعديل أو تغيير. وعلى ذلك فان طبيعة عمل هذه المحكمة لا تسمح بقبول الطعن في أحكامها فهي نهائية، ومن ثم فان الإشكال المقدم سيكون مصيره الرفض. سحب الاستشكال وموقف المحكمةوفي ما يتعلق بسحب الاستشكال بعد تقديمه وموقف المحكمة الدستورية منه، سنتطرق في هذا البند الى سؤالين هما:هل يجوز لمقدم الإشكال سحب إشكاله؟ الجواب: نعم في كل وقت وفي أي مرحلة من مراحل الدعوى يحق لمقدم الدعوى أو الإشكال أو أي إجراء قانوني آخر، مثل التماس إعادة النظر أن يطلب سحب أو ما يسمى ترك الخصومة، ويكون ذلك بإعلان خصمه أو ببيان صريح في مذكرة موقع عليها منه أو من وكيله، مع اطلاع خصمه عليها أو بإبداء الطلب شفوياً في الجلسة وإثباته في المحضر، المادة (99) من قانون المرافعات. ولكن ما هو الموقف الذي يمكن أن تتخذه المحكمة في هذا الوضع وهذا ما سنجيب عنه في السؤال التالي.ما موقف المحكمة من طلب السحب أو الترك؟ وهل المحكمة ملزمة بتنفيذ هذا الطلب؟ ومتى؟ هناك حالات لا يقبل فيها ترك المدعي للخصومة إلا بموافقة المدعى عليه إذا كان قد أبدى دفاعه لتعلق حق المدعي في ذلك. كما أن المحكمة الدستورية في الطعن رقم 1/‏‏81 دستوري الصادر بجلسة 11/‏‏7/‏‏1981 قد قررت بأنه «ليس للخصوم بعد ذلك - أي بعد أن تصل الدعوى إلى المحكمة الدستورية - أي دور في توجيه الدعوى الدستورية، لما لهذه الدعوى من طبيعة خاصة مردها إقرار المشروعية وتحقيق الصالح العام بصرف النظر عن مصالح الخصوم، ومتى رفعت الدعوى وأخذت مسارها دون اشتراط لحضور أطرافها أو من يمثلهم فيها بطبيعة الحال». لذلك فان طبيعة المحكمة الدستورية وعملها على تحقيق المشروعية يسمح لها بالاستمرار في نظر الدعوى وما ارتبط بها من دفوع، حتى لو انسحب أطراف الخصومة لتحقيق مصالحهما الخاصة، فالهدف هو تحقيق المشروعية العامة وليس المصالح الشخصية للخصوم. وعليه فان سحب أو ترك الإشكال لن يمنع المحكمة الدستورية من التصدي له والبحث في مشروعيته، وقد يوفر لها ذلك مناسبة للحديث أكثر تفصيلاً عن إلزامية وحجية حكمها الدستوري ونفاذ إسقاط العضوية من تاريخه دون حاجة إلى تصويت من المجلس.الخلاصةوخلص المليفي من دراسته إلى نتائج تتلخص في التالي: 1- ليس للخصوم أي دور في توجيه الدعوى الدستورية، لما لهذه الدعوى من طبيعة خاصة مردها إقرار المشروعية وتحقيق الصالح العام، بصرف النظر عن مصالح الخصوم، ومتى رفعت الدعوى وأخذت مسارها فإن المحكمة الدستورية تستمر في نظر الدعوى دون اشتراط لحضور أطرافها أو من يمثلهم فيها، وعلى ذلك فإن سحب الإشكال المقدم من الدكتور وليد الطبطبائي لا يمنع المحكمة الدستورية من التصدي له. 2- إن الدستور الكويتي قد منح المحكمة الدستورية وأحكامها طبيعة خاصة تتمثل في نهائية أحكامها وحجيتها مطلقة في مواجهة الكافة، لا يجوز تعديلها أو تغييرها أو الطعن في أحكامها بأي طريق من طرق الطعن، كما لا يجوز طرح أي منازعة تتعلق بتنفيذ حكمها. 3- وعلى ذلك فإن مصير الاشكال هو الرفض.

مشاركة :