يحقق المشهد العام للمملكة العربية السعودية تحسنًا ملحوظًا يومًا بعد آخر بفعل جني ثمار رؤية 2030، وما صاحبها من نجاحات، سوف يسجِّلها التاريخ الحديث لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، مهندس الرؤية، وما تضمنته من برامج وخطط شاملة ووافية، لم تترك أمرًا في البلاد إلا وشملته برعايتها. برامج الرؤية عديدة، وخططها لا تعد لا تحصى، ولكن ما لفت نظري تلك البرامج التي تستهدف التأسيس لعالم من التقنيات الحديثة التي ستدخل في كل القطاعات بلا استثناء، وبخاصة الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز الذكاء الاصطناعي وصناعة الروبوتات التي تدخل في تصنيع السيارات الذكية، واستخدامها في مجالات عدة، مثل المستشفيات الذكية، والمدارس والمنازل الذكية، والمجالات الأمنية، مثل الكشف عن المخدرات، وفي البصمة الوراثية، أيضًا خدمات البريد الإلكتروني، والبحث عن الصور، والبحث بالصوت، وغير ذلك كثير من مجالات الحياة. تأسيس عالم من التقنية، وتعزيز الذكاء الاصطناعي في بلاد ما، ليس بالأمر السهل، وهو لن يتحقق من تلقاء نفسه، وإنما يحتاجإلى جهد كبير من مؤسسات الدولة بلا استثناء، وأخص بالذكر هنا قطاع التعليم في جميع مراحله، هذا القطاع نراه أمام مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة لتأسيسأجيال متعلمة وواعية ومثقفة وقادرة على الدخول في مجال التقنيات الحديثة، والتعامل معها بحرفية ومهنية عاليتَيْن. أقول وأؤكد أن السعودية لديها كل المقومات والإمكانات التي تدفعها لاقتحام هذا المجال بقوة، وبلوغ قمته في وقت قياسي؛ فمدارس التعليم العام مليئة بفئة النابغين الذين لا ينقصهم إلا الدعم والتشجيع واستثمار طاقاتهم بشكل بنَّاء، والجامعات لا تخلو من فئة المبتكرين الذين نجحوا بالفعل في الوصولإلى حزمة من الاختراعات المسجلة بأسمائهم، ولا ينقص هؤلاء سوى تبني اختراعاتهم، وتحويلها من رسومات وكتابات على الورق إلى منتجات تُباع في الأسواق؛ فتدر على أصحابها وعلى البلاد العملة الصعبة. وقد هالني أن وادي السيلكون في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي يختزن بين جنباته كبرى الشركات العملاقة، مثل ميكروسوفت وأبل وجوجل وغيرها، يمثل نحو 40 % من حجم الاقتصاد الأمريكي؛ وهو ما يشير إلى أهمية التقنية في المعيشة اليومية، وفي دعم الاقتصاد، وفي كل شيء نتخيله.. وأعتقد أن لدينا أودية علمية عدة تابعة لجامعاتنا، يمكنها أن تخطو خطوات نحو المستقبل الحقيقي، وأن تؤسس لمشاريع عملاقة، يديرها جيل سعودي من المخترعين؛ لذا ننتظر من جامعاتنا طرح المبادرات، ووضع الخطط والبرامج التي تحول هذه الجامعات إلى مراكز بحث وتطوير، وإلى منارات علمية، تؤسس لاقتصاد المعرفة الذي لطالما حلمنا به.
مشاركة :