تصاعدت في الآونة الأخيرة حدة التوتر في فنزويلا، بعد إعلان رئيس الجمعية الوطنية- البرلمان- خوان جوايدو نفسه رئيسًا للبلاد، أمس الأربعاء، حيث أصبحت فنزويلا على صفيح ساخن بين رئيسين، يحظى كل منهما بدعم دولي، إلا أنَّ مراكز النفوذ في كاراكاس والممثلة في الجيش وبعض المؤسسات السيادية تدعم الرئيس مادورو، وتصف خطوة جوايدو بالانقلاب. الشرعية أمام الانقلاب وأثار إعلان جوايدو نفسه رئيسًا بالوكالة لفنزويلا جدلًا على الساحة الدولية، بين مؤيد ومعارض؛ حيث اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، بشكل رسمي بإعلان رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) رئيسًا مؤقتًا للبلاد. وأضاف أن الجمعية الوطنية أعلنت الرئيس نيكولاس مادورو غير شرعي، كما أعلنت أن منصب الرئاسة- بالتالي- أصبح فارغًا، مردفًا: "لقد وقف شعب فنزويلا بشجاعة ضد مادورو ونظامه، وطالب بالحرية وسيادة القانون. سأستمر في استخدام كل ثقل السلطة الاقتصادية والدبلوماسية للولايات المتحدة؛ للدفع باتجاه إعادة الديمقراطية الفنزويلية". الجيش يدعم في الوقت ذاته دعا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الجيش الفنزويلي وقوات الأمن إلى دعم الديمقراطية وحماية المدنيين، مطالبًا مادورو بالتنحي لصالح الرئيس الشرعي الذي يعكس إرادة الشعب الفنزويلي"، غير أنَّ وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو، أعلن وقوف الجيش مع الشرعية. وأعلنت منظمة الدول الأمريكية، الأربعاء، اعترافها برئيس البرلمان في فنزويلا خوان جويدو رئيسًا انتقاليًا للبلاد. وهنأ لويس الماجرو، أمين عام المنظمة خوان جويدو برئاسة البلاد لفترة مؤقتة: "له منَّا كل الاعتراف من أجل إعادة فنزويلا مرة أخرى إلى الديمقراطية". الغرب ينقسم وأعلنت روسيا وقفوها بجانب مادورو، معتبرة أنه الرئيس الشرعي لبلاده، و أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرجى ريابكوف، الخميس، أنَّ روسيا ستواصل دعمها لفنزويلا، وستحمى سيادة كاراكاس. وقال في تصريحات نقلتها وكالة أنباء سبوتنيك الروسية: "بينما نراقب تطورات الوضع في فنزويلا، نرى سعى مجموعة معينة من الدول والولايات المتحدة من بينها لاستخدام المنصات والمنابر المختلفة، بما في ذلك منظمة الدول الأمريكية، لزيادة الضغط على فنزويلا الصديقة بذرائع مختلفة". مضيفًا: "متأكد تمامًا من أن الفترة المقبلة ستفرز محاولات جديدة لتشويه سياسة كراكاس، وصب الزيت على نار العمليات الداخلية الصعبة التي تحدث هناك". في السياق ذاته، دعت الصين جميع أطراف الأزمة في فنزويلا للالتزام بالهدوء والسعي للتوصل لحل سياسي، وقالت: إنها لا تتدخل في المسائل الداخلية للدول الأخرى. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا تشوينينج: "الصين تدعم جهود حكومة فنزويلا لحماية استقلال واستقرار سيادة البلاد". مضيفة أن "العقوبات الخارجية والتدخل في شؤون الدول الأخرى غالبًا ما يجعل الموقف أكثر تعقيدًا، ولا يساعد في حل المشاكل الفعلية". دعم أوروبي ومنذ إعلان جوايدو نفسه رئيسًا لفنزويلا، بادرت مجموعة من الدول إلى دعمه، منها كندا، وكولومبيا، والبرازيل، وبيرو- استدعت القائم بالأعمال من سفارتها- والإكوادور، وباراجواي، والبرازيل، وشيلي، وبنما، والأرجنتين، وكوستاريكا، وجواتيمالا. وعلى الجانب الأوروبي، أيَّد رئيس المفوضية الأوروبية دونالد تاسك الخطوة التي اتخذها جوايدو، داعيًا كافة الدول الأوروبية لدعم القوى الديمقراطية في فنزويلا، كذلك ممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موجريني. بينما أكّدت المكسيك تأييدها نيكولاس مادورو كرئيس لفنزويلا، كذلك تركيا أعلنت الخميس، أن رئيسها رجب طيب أردوغان أجرى اتصالًا هاتفيًا مع مادورو، قال له فيه: "الأخ مادورو يجب أن تبقى مرفوع الرأس وتركيا تقف إلى جانبكم". 16 قتيلًا و 200 جريح واستمرت تداعيات الأوضاع على الصعيد الميداني؛ حيث يتظاهر عشرات الآلاف من معارضي ومؤيدي الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، منذ الأربعاء في كراكاس كذلك في مناطق أخرى، في أول تحركات في الشوارع بعد عمليات التعبئة العنيفة التي شهدها عام 2017 وأودت بحياة نحو 125 شخصًا. وقالت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإسبانية: إن عدد القتلى في المصادمات بين المتظاهرين وقوات الأمن في فنزويلا وصل إلى 16 شخصًا و200 مصاب. وقالت لجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": إنَّ "اللجنة تراقب عن كثب أعمال العنف الخطيرة في فنزويلا فى سياق استمرار المظاهرات، والتي خلفت حتى الآن 16 حالة وفاة على الأقل وعشرات الجرحى والاعتقالات". وكشفت منظمة NetBlocks Group غير الحكومية، عن انقطاع الإنترنت في فنزويلا مما يؤثر على اليوتيوب وجوجل والشبكات الاجتماعية، في الوقت الذي تشهد فيه شوارع فنزويلا احتجاجات واسعة. فيما قالت صحيفة "النويبو دياريو" الإسبانية: إنه على الرغم من شعبية جوايدو الكبيرة، والتأييد الذى حظي به بسبب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنَّ هناك خبراء ومراقبين دوليين يرجِّحون أن مادورو سوف يحتفظ بالسلطة؛ لأنه لا يزال المسيطر الفعلي على المؤسسات الرئيسية في البلاد، محذرين من اتجاه كاراكاس إلى مواجهة سياسية خطيرة.
مشاركة :