«قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد».أربع آيات هي كل سورة الإخلاص ورقمها في ترتيب المصحف 112 وجاء ترتيب نزولها الثاني والعشرين، وهي أول سورة نزلت كاملة للتعريف بالله سبحانه وتعالى وإثبات بعض ما يجب له من صفات الجلال والكمال والجمال، ونفي ما لا يليق به خلاف ذلك.السورة وهي عنوان التوحيد، وشارة الإسلام، يتعلمها كل مسلم في بواكير الطفولة مع سورة الفاتحة ويرددها ملايين المصلين في جميع أرجاء العالم ليل نهار، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتفي بهذه السورة الكريمة حفاوة شديدة تعكس أهمية موضوعها، وهو الإيمان بالله الواحد سبحانه وتعالى وبصفاته التي أوحاها.الآية الأولى أثبتت واحدية الله، وأثبتت الآية الثانية كمالاته عز وجل، كما أثبتت العبودية له وحده، وأثبتت الآية الثالثة التفرد، وأثبتت الآية الرابعة تنزيه الله سبحانه وتعالى عن الأنداد. سورة الأساس الإخلاص هو أهم معاني السورة، وهو خلوص الاعتقاد في الله جل جلاله من كل مظاهر الشرك والنهوض بمقتضيات الإيمان به والعلم بذاته وأسمائه وصفاته، سبحانه وتعالى، وقد سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسورة «قل هو الله أحد» اقتباساً لأول آية منها، وتسمى كذلك «سورة الأساس» لأن موضوعها هو توحيد الله سبحانه وتعالى وإثبات ما يليق بذاته من صفات ونفي ما لا ينبغي له وهما أساس الإسلام، وتسمى أيضا «سورة الصمد» إشارة إلى صفة الله الواردة في الآية الثانية، وقد ذكر المفسرون لها أسماء عديدة تدور حول موضوعها.ويؤخذ من حديث البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ما يدل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الله الواحد الصمد» ثلث القرآن، فذكر ألفاظاً تخالف ما تقرأ به، ومحمله على إرادة التسمية، وذكر ابن عاشور أنها سميت في بعض المصاحف التونسية «سورة التوحيد» لأنها تشتمل على إثبات أنه تعالى واحد.موضوع القرآن تعريف الناس بربهم عز وجل، وهداية الإنسان إلى بناء العلاقة الصحيحة مع خالقه، ومع نفسه وأسرته ومجتمعه، وقد رفض المشركون دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عبادة الله الواحد وتحيروا في إصراره على الكفر بعقائد الجاهلية ورفضه لكل صور الشرك بالله فيها، ووردت آثار تظهر اهتمام عدد من المشركين بمعرفة الإله الذي يدعو إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد ذهب المشركون من قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا محمد انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى: «قل هو الله أحد». أسئلة ساذجة وفي السيرة رواية أخرى تقول: إن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عامر: إلام تدعونا؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إلى الله»، قال عامر: صفه لنا، أمن ذهب هو، أم من فضة، أم من حديد، أم من خشب؟السؤال نفسه تكرر في المدينة المنورة من بعض اليهود ومنهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب، فقد سألا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالا: صف لنا ربك، فإن الله أنزل نعته في التوراة، فأخبرنا من أي شيء هو؟ ومن أي جنس هو؟ أذهب هو أم نحاس أم فضة؟ وهل يأكل ويشرب؟ وممن ورث الدنيا؟ ويورثها لمن؟ فتلا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد).الإجابة نفسها تكررت عن السؤال ذاته سواء الذي توجه به مشركو مكة أو يهود المدينة المنورة، وليس معنى هذا نزول السورة في المدينة إنما تمت الإجابة بها عن السؤال نفسه بالإجابة نفسها التي أنزلها الله سبحانه وتعالى في مكة.هذه النوعية من الأسئلة تعكس اعتقاد الجاهلي في الإله، حيث لا يتصور الوجود الإلهي إلا في صورة مادية، وقد نزلت «سورة الإخلاص» تنزه الله سبحانه وتعالى عن أي شرك في ألوهيته وتنزهه عن افتقاره تعالى إلى أحد أو إلى شيء، وتنزهه عن الوالدية، أو المولودية، وتنزهه سبحانه عن المكافئ له في ذاته أو صفاته.وقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال الله كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فزعم أنني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله لي ولد، فسبحاني أن أتخذ صاحبةً أو ولدًا». بيت في الجنة سورة من قصار السور، عدد آياتها أربع آيات، لكنها تعادل ثلث القرآن: كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن»، فحشد من حشد ثم خرج نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ (قل هو الله أحد)، ثم دخل، فقال بعضنا لبعض إني أرى هذا خبر جاءه من السماء فذاك الذي أدخله، ثم خرج نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إني قلت لكم سأقرأ عليكم ثلث القرآن، ألا إنها تعدل ثلث القرآن».وحب سورة الإخلاص يدخل الجنة حيث روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً كان يلزم قراءة «قل هو الله أحد» في الصلاة في كل ركعة وهو يؤم أصحابه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما يلزمك هذه السورة؟» قال: إني أحبها، قال: «حبها أدخلك الجنة»، ويبنى بيت في الجنة لمن يقرؤها كما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة بنى الله له بيتًا في الجنة»، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إذًا نستكثر يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الله أكثر وأطيب».
مشاركة :