أطلقت هيئة البحرين للثقافة والآثار «نداء المنامة 1» للمحافظة على الإرث الحضاري والثقافي والتاريخي لعاصمة مملكة البحرين، والعمل على ما أسمته «حلم وطن» من أجل إعادة إحياء المكانة التاريخية والثقافية والتجارية والاقتصادية للمنامة التي كانت المقصد الخليجي الأول. جاء ذلك خلال اللقاء الذي عقد أمس بحضور الشيخة مي بنت محمد آل خليفة آل خليفة رئيسة الهيئة والشيخ هشام بن عبدالرحمن آل خليفة محافظ محافظة العاصمة وعدد من المسؤولين والإعلاميين والمهتمين وأهالي مدينة المنامة. واستهل اللقاء بكلمة للشيخة ميّ بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار رحّبت فيها بالحضور متوقّفة عند أهمية الاهتمام بالإرث المعماري والاجتماعي والثقافي لمدينة المنامة التي تدعونا إلى الاهتمام بها، مشيرةً إلى أن تسجيل المنامة على قائمة التراث الإنساني العالمي لليونسكو يمكنه أن يجذب الانتباه إليها ويزيد من أعداد الزوار والمهتمين بالسياحة الثقافية، الباحثين عن استثناء وفرادة في زيارتهم للمنطقة، كما أن الثقافة تسعى إلى تنشيطها وتفعيلها كإحدى مدن الإبداع في العالم. وأضافت في كلمتها أنه من الواجب المحافظة على المباني التاريخية وهويتها، وذلك لأن قيمة تلك المباني لا تعوض ماديا؛ لما تشكله من إرث معماري، مشيدة في الوقت ذاته بالدعم الذي تلاقيه المنامة من الجهات الخاصة، كما يسهم عدد من عائلات المنامة في التعاون مع الثقافة والجهات الأهلية للحفاظ على الإرث العمراني الفريد لبيوتهم. تلا ذلك عرض للمعمارية والمتخصصة في التراث الثقافي ميراي فوزينسكي وللمهندسة فاطمة عبدعلي، تحدثتا خلاله عن عمل الثقافة في دراسة وترميم بعض معالم المنامة، وما يصاحبه من أنشطة اقتصادية وثقافية ذات علاقة بالأمكنة، مستعرضين تفاصيل المنامة كجزء تاريخي وإبداعي وثقافي، كما توقّفتا عند أبرز الخدمات التي تقدمها هيئة البحرين للثقافة والآثار لسكان المنامة ومنها مراجعة طلبات البيوت القديمة والأثرية ومساعدة الأهالي في الحفاظ على إرثهم المعماري، وكذلك تلقي الطلبات الطارئة والتواصل المباشر واليوميّ مع الأهالي،ما يأخذ بالهيئة نحو التواصل الانساني وليس العمراني فقط. ويأتي هذا اللقاء والنداء بهدف إنقاذ تاريخِ المنامة التي تستيقظُ كلّ نهارٍ على فَقْدٍ ما، في محاولاتٍ غير واعيةٍ لمحو ملامحها، وخصوصا بعد أن تُرِكَت بعض مدارسها التّاريخيّة وأُغلِقَت العديد من الدّكاكين التي اتّكأت عليها تفاصيلُ الأجداد، وبيوت جميلة تركها أهلها وصارت غريبة، فما يميّزُ هندسَة الأحياءِ وتركيبة المنامة عمرانيًّا هو دقّة تفاصيلها، وما تستحضرُ من ثقافاتِ الشّعوب، حتّى صارت اليوم فسيفساء التّعايش الثّقافيّ والدّينيّ، الأمر الذي يُعزّزُ من قدرة الثّقافة على إدراجِ المنامة على قائمةِ التّراث الإنسانيّ العالميّ لـ(اليونسكو)، وهو ما مكّنها في العامِ الماضي من إدراجها على القائمة التّمهيديّة. وحمل نداء المنامة رؤى هيئة الثقافة، التي تحتفي بيوبيلات مملكة البحرين خلال نشاط هذا العام (بعنوان من يوبيل إلى آخر)، حيث يصادف هذا العام الاحتفاء بالمئوية الأولى لبلديّة المنامة التي تُعتَبر من أوائل البلديّات في العالم العربيّ والأولى على مستوى الخليج العربي وبالتعليم النظامي مع الإرسالية الأمريكية (120 عاما) وبمواقع لها تاريخها العريق في المنامة. الشيخة مي بنت محمد آل خليفة لـ«أخبار الخليج»: المنامة غنية بمعالمها التاريخية وبإرثها من التعايش والتسامح الديني النادر أكدت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار أن «نداء المنامة» هو فرصة لاستعراض ما تحمله «الثقافة» من برامج لإدراج مدينة المنامة التاريخية في قائمة التراث الإنساني العالمي، مشيرة إلى أن أي موقع يدرج في هذه القائمة يسهم في زيادة عدد الزوار الذين يزورن هذه المنطقة. وقالت لـ«أخبار الخليج» إننا نحاول أن نقدم البحرين كوجهة جذب لسياحة ثقافية متميزة، والمنامة غنية بمعالمها وما يميزها من تعايش وتسامح ديني والذي قل أن يوجد في رقعة جغرافية صغيرة، حيث تجد في هذه البقعة المميزة المآذن وإلى جوارها الكنائس والمعابد والكثير من الشواهد التاريخية التي تأتي لتدل على أن البدايات كانت هنا في قلب المنامة. وتابعت: حينما نتحدث عن التعليم ونحن نحتفل هذا العام بمئوية التعليم النظامي في مدرسة الهداية الخليفية، نحتفل أيضا بأول مدرسة افتتحت في المنامة قبل 120 عاما مع تأسيس الإرسالية الأمريكية التي جاءت لتقدم الطب والتعليم فأصبحت البحرين وجهة لهذين الأمرين بالتحديد، حيث جاءت إلى البحرين من أجل التعليم والطب. وكذا فإن المنامة كانت المقصد للتجارة، لأن أسواقها كانت عامرة بالبضائع وانتقلت هذه البضائع إلى مجمعات تجارية، ونحن نتمنى أن تعود مرة أخرى إلى سابق عهدها حيث المتاجر والشخصيات والرموز. وأردفت قائلة: نتمنى أن يلبي الجميع النداء، ومن الجميل أن نرى جميع الوجوه المتحمسة لهذا اللقاء لكي تأتي لكي تكون معنا. وعن الجهة المعنية بهذا النداء، أوضحت رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار أن موجه للمواطن البحريني قبل أي جهة أخرى، ونقول له: «انتبه من يملك ارثا تاريخيا اليوم، وتوظيفه بشكل صحيح، فسوف يستفيد بالعائد الأكبر، ونحن نحارب الهدم، ونواجه معول الهدم الذي يقضي على ملامح كثيرة من أوطاننا، لذا فإننا نحاول أن نسترجع هويتها، ونحافظ على البقية الباقية منها». وأشارت إلى أن نداء المنامة الأول حمل عرضا قدمته مختصتان إحداهما مسؤولة بالتراث العالمي والأخرى هي إحدى بناتنا المهندسات التي أصبحت المنامة هاجسها من خلال الحرص على جمع المعلومات التاريخية عن هذه المدينة، والتواصل مع أهالي المنامة هو هدفها. وبشأن اللقاءات المكثفة التي تمت بين الثقافة والجهات الحكومية المختلفة خلال الفترة الماضية، أشارت رئيسة هيئة الثقافة إلى أن كل هذه اللقاءات تصب في هذه الغاية، لأننا نريد أن نقول إن هناك مشروعا أكبر من أجل المنامة، وهو يضم ما تقدمت به الثقافة قبل سنوات وهو مشروع «بحيرة المنامة» الذي يهدف إلى إعادة ربط المنامة التاريخية بالتطوير الحديث ويعيد إليها ما كان يميزها من اطلالة على البحر. وحول حجم التحديات التي تواجه الطموحات الكبيرة للمنامة، قالت الشيخة مي إن حجم التحديات قد يبدو كبيرا بسبب عدم اتضاح الهدف المقصود من هذه المشاريع للجميع، وأتمنى أن تكون الثقافة عنوانا نقدم به وطننا، وأن تستفيد البحرين من خبرات المختصين والخبراء في هذا القطاع والتي تستفيد منها المنطقة بأجمعها، والمتمثلة في المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي الذي يضم قامات وخبرات عالمية، معربة عن تطلعها إلى الاستفادة من هذه الخبرات حتى تصل المنامة إلى المكانة التي تليق بها.
مشاركة :