التوسع العالمي والمخاطر المتنامية «2 من 2»

  • 1/26/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ربما تكون العوامل الدورية، التي دفعت النمو العالمي واسع النطاق منذ النصف الثاني من 2017 قد بدأت تضعف بسرعة أكبر مما كان متوقعا في أكتوبر الماضي. فقد تباطأت التجارة والاستثمار، كما تباطأ الإنتاج الصناعي خارج الولايات المتحدة، وضعفت مؤشرات مديري المشتريات، منذرة بتراجع الزخم. وبينما لا يعني هذا أننا بدأنا مرحلة من الهبوط الاقتصادي الكبير، فمن المهم أن نجري حصرا للمخاطر الكثيرة الآخذة في الارتفاع. ويمثل تصاعد التوترات التجارية وتفاقم الأوضاع المالية مصدرين أساسيين للخطر على الآفاق المتوقعة. فزيادة عدم اليقين المحيط بأوضاع التجارة تزيد من ضعف الاستثمار، وتربك سلاسل العرض العالمية. وسيكون حدوث تضييق أشد في الأوضاع المالية أمرا باهظ التكلفة بالنظر إلى ما تشهده البلدان من مستويات دين مرتفعة في القطاعين العام والخاص. ويمكن أن يتباطأ النمو في الصين بسرعة أكبر من المتوقع، خاصة إذا استمرت التوترات التجارية، ما يمكن أن يطلق موجات بيعية مفاجئة في الأسواق المالية وأسواق السلع الأولية، مثلما حدث في 2015 - 2016. وفي أوروبا، لا تزال الأحداث تتكشف في سياق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما يستمر خطر التداعيات المكلفة بين المخاطر السيادية والمالية في إيطاليا. وفي الولايات المتحدة، يشكل امتداد فترة إغلاق الحكومة الفيدرالية الأمريكية مصدرا لمخاطر التطورات السلبية. أولويات السياسات وعلى هذه الخلفية، ينبغي أن يتخذ صناع السياسات إجراءات آنية لصد التيارات المعاكسة، التي تهدد النمو، والاستعداد لنوبة الهبوط الاقتصادي المقبلة. وأهم أولوية للسياسات هي أن تبادر البلدان بالتوصل إلى حل تعاوني سريع للخلافات التجارية الراهنة، وما تسببه من عدم يقين بشأن السياسات، بدلا من زيادة الحواجز الضارة، وزعزعة استقرار الاقتصاد العالمي المتباطئ بالفعل. وفي هذا السياق، تجب تلبية الدعوة التي أطلقها قادة مجموعة العشرين في بوينس آيرس لإصلاح منظمة التجارة العالمية. وحيثما كان الحيز المالي ضيقا، ينبغي أن تتكيف سياسة المالية العامة بصورة مواتية للنمو حتى تكفل مسارا مستداما للدين العام، مع حماية الفئات الأضعف في المجتمع. وينبغي أن تستمر السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة على مسار العودة الحذرة إلى أوضاعها العادية، علما بأن البنوك المركزية الرئيسة على دراية كاملة بتباطؤ الزخم، ونحن نتوقع أن تضبط خطواتها المقبلة بما يتفق مع هذه التطورات. وينبغي استخدام أدوات السلامة الاحترازية الكلية حيثما كان هناك تراكم في مواطن الضعف المالي. وفي كل الاقتصادات، من الضروري اتخاذ إجراءات لإعطاء دفعة للنمو الممكن، وجعله أكثر شمولا للجميع. وأخيرا، نظرا لأن حيز المناورة من خلال السياسات بات أضيق مما كان عليه في 2008، فسيكتسب التعاون متعدد الأطراف أهمية أكبر إذا حدث انخفاض أشد في النمو العالمي، ويجب أن تتوافر للمؤسسات متعددة الأطراف، مثل صندوق النقد الدولي، موارد كافية للتعامل مع المخاطر المتزايدة.

مشاركة :