تحية حب وتقدير لزملائي في جريدة «الراي» على افتتاحيتهم المنشورة في 15 يناير الماضي بعنوان «قانون الأحزاب ومسؤولية نواب الأمة»، التي لامست تطلعات وآمال المتمسكين في استمرار ونجاح التجربة الديموقراطية في الكويت! فرغم مرور أكثر من خمسين عاماً على الحياة النيابية، إلا أنها ما زالت من وجهة نظري الشخصية لم تصل إلى ما يتمناه الجميع، مقارنة بالتجارب المختلفة في دول العالم المتقدمة، التي تبنت هذا النظام الديموقراطي منذ عقود طويلة مضت مقارنة بالكويت!إنني متيقن تماماً أن الغالبية العظمى من المواطنين غير راضين عن أداء المجلس أو نوابه على حد سواء، وأن الأحداث السياسية الداخلية والخارجية، وفرت المناخ المناسب لعدد لا بأس به من الملفات الشائكة والمعقدة، التي ما زالت - حتى هذه اللحظة - معلقة بسبب السجالات النيابية والتردد، أو ربما أحياناً، التعنت الحكومي من دون أن نستطيع إلقاء اللوم ومحاسبة المخطئ والمقصر والمهمل!إن الوضع السياسي القائم يحتم - وبما لا يدعو مجالاً للشك - ضرورة السعي نحو إشهار قانون الأحزاب السياسية وتنظيمه، لأنه يمثل إحدى الدعامات الأساسية لقيام نظام ديموقراطي متكامل، ووسيلة مناسبة ومهمة في عملية المحاسبة النيابية، في ظل الضعف الواضح في أداء المجلس الحالي، ومن سبقه في مواجهة فساد وزارات ومؤسسات الدولة، وقبل كل ذلك إنجاز وإقرار القوانين التي تواكب آمال وتطلعات الشارع، وفوق كل ذلك أيضاً أنه سيقضي، ومع مرور الوقت والتجربة، على الفروقات الطائفية والقبلية والمجتمعية، التي باتت تنهش في المجتمع الكويتي الذي عرف عنه وعلى مر السنين تماسكه!لقد ذكرت سابقاً - وأؤكد - أن إشهار الأحزاب السياسية في الكويت بات أمراً مهماً وملحاً، فالأحزاب السياسية هي - في واقع الأمر - تجمعات سياسية ذات أهداف ومبادئ واضحة المعالم، تجمعها قيم ورؤى محددة تسعى من خلالها إلى تطوير الدولة من خلال برنامج انتخابي واضح، يستطيع من خلاله الناخب محاسبة ومتابعة أداء أي حزب، ويسهل عليه عملية التصويت عند كل انتخابات. كما أن إشهار الأحزاب سيساهم في تواجد كتل نيابية ذات قوة وقدرة على المحاسبة والتشريع وسن القوانين، بدلاً من التشتت والتناقض الواضح في دور وأداء النواب في كل قضية برلمانية تواجه المجلس، فالعمل البرلماني لا يمكن أن يصل إلى درجة الإتقان إلا وفق العمل الجماعي الذي يبنى على أساس حزبي بحت.فإشهار الأحزاب السياسية يعني أن يتم تحويل التجمعات السياسية الحالية إلى مؤسسات ذات صفة قانونية يتم إشهارها وفقا لقوانين الدولة، ولها الحق في التعامل مع الجهات والمؤسسات الحكومية المختلفة، ويكون لها مقر قانوني وميزانية واضحة تبين الإيرادات والمصاريف ما قد يساهم في زيادة أدوات المراقبة عليها، ويقلل من حجم الفساد السياسي الذي استشرى في البلد، وطال عدداً لا بأس به من النواب.ختاماً، فإن القوانين المنظمة للأحزاب من السهل عليها أن تتلافى كل المخاوف التي يطلقها الشارع من إمكانية تحول هذه الاحزاب إلى أحزاب طائفية وقبلية وعائلية، من خلال إصدار قانون واضح ومتقن يحدد ملامح العمل السياسي الحزبي في الكويت، ويتجاوز أي ثغرات أو عيوب يمكن أن تشوه هذه التجربة! فمتى سترى التجربة الديموقراطية ظهور الأحزاب فيها؟ والله من وراء القصد!
مشاركة :