الشاهد يُحصّن مستقبله السياسي بحزب جديد

  • 1/28/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - أعلن عشرات من نواب البرلمان التونسي والوزراء اليوم الأحد تشكيل حزب جديد يحمل اسم "تحيا تونس" من المتوقع أن يتزعمه رئيس الوزراء يوسف الشاهد لخوض الانتخابات المقرر إجراؤها بحلول نهاية العام الحالي. وبحضور آلاف الأنصار في مدينة المنستير الساحلية معقل الحبيب بورقيبة أول رئيس تونسي وأب الحداثة في تونس، تم الإعلان عن الحزب الجديد الذي صوت أنصاره لاختيار اسمه "تحيا تونس". وقالت النائب في البرلمان عن كتلة الائتلاف الوطنية صابرين قوبنطيني في تدوينة لها على صفحتها الرسمية على فايسبوك، إن 64 بالمائة من الحاضرين في اجتماع بالمنستير صوتوا مع إطلاق اسم "تحيا" تونس على هذا المشروع السياسي الجديد. وأثارت التسمية وإعلان تأسيس هذا الحزب موجة سخرية وانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرين إلى أن الحكومات تنبثق عادة من الأحزاب لكنها المرة الأولى التي ينبثق فيها حزب من رحم الحكومة. ويأتي إعلان الحزب الجديد بعد أشهر من خلافات محتدمة بين قيادات حزب نداء تونس الذي يقوده حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي. وخلال الاجتماع، قال مصطفى بن أحمد رئيس كتلة الائتلاف الوطني (ثاني أكبر كتلة برلمانية بـ44 نائبا من أصل 217) "اتفقنا أن يتم تكليف سليم العزابي (مدير الديوان الرئاسي السابق) بتسيير الأمور القانونية والسياسية للحزب حتى تتم الانتخابات القاعدية". وأضاف "تم تبني هذا المشروع من طرف طيف واسع من النخب على أساس المشروع العصري الحداثي ويجمع القوى الوسطية الحداثية ويسهر على الحفاظ على مكتسبات الدولة العصرية الوفية للحركة الوطنية". ويقول مراقبون، إن الشاهد يقف خلف تأسيس الحزب بعد أن تعمق الخلاف بينه وبين المدير التنفيذي لحزب نداء تونس حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي. وقررت الهيئة السياسية لنداء تونس في منتصف سبتمبر/أيلول من العام الماضي، تجميد عضوية الشاهد في الحزب وعرض ملفه على لجنة النظام (الانضباط)، تمهيدا لفصله بدعوى محاولته شق صفوف الحزب الذي يقود الائتلاف الحاكم. وقال بن أحمد، إن "يوسف الشاهد هو ركيزة من ركائز تكوين هذا الحزب"، موضحا أنه "ليس للشاهد مسؤولية مباشرة فيه (الحزب)، وهو متفرغ للعمل الحكومي". وخلال كلمة ألقاها في الاجتماع، قال سليم العزابي، إن "الدساترة هم جزء من عملية البناء، وليسوا مجرد رصيد انتخابي". والدساترة هم منتسبو الحزب الدستوري الديمقراطي (تم حله في 2011) وهو حزب الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (1956/1987) والرئيس الأسبق زين العابدين بن علي (1987/2011)، الذي أطاحت به ثورة شعبية في يناير /كانون الثاني 2011. وشدّد على ضرورة "استرجاع التوازن السياسي والهدف هو توحيد الدساترة والوطنيين الديمقراطيين في قوة سياسية موحدة". وأضاف العزابي أن "القوة السياسية الجديدة لا تنبني على الزعامات وتهدف إلى بناء مؤسسات ديمقراطية على عقلية تشاركية وسيتواصل المسار اعتمادا على قوة القواعد ولا تتعامل مع السلطة كغنيمة وستكون كقوة حكم مستمدة من تجارب الكفاءات". ويذهب مراقبون إلى أن هذا الحزب سيلعب دورا محوريا في الانتخابات التشريعية والرئاسية المتوقعة في الخريف المقبل. وكان حزب نداء تونس قد طالب برحيل الشاهد وحكومته، في حملة شكلت منعطفا آخر في سياق الأزمة التي لم تهدأ والشروخ التي أضعفت النداء وحولته إلى مجموعات متصارعة. وشكّل أنصار الشاهد من الندائيين كتلة في البرلمان التونسي هي كتلة الائتلاف الوطني وهي التي تقف أساسا وراء تأسيس حزب "تحيا تونس" لخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية وأساسا لمواجهة حزب النداء. تسمية الحزب الجديد تثير موجة سخرية وانتقادات تسمية الحزب الجديد تثير موجة سخرية وانتقادات وانضم إلى الحزب الجديد عشرات النواب المستقيلين من حزب النداء والمستشارين في البلديات متهمين حافظ قائد السبسي بأنه يسعى لخدمة مشروعه الشخصي. ولم يحضر يوسف الشاهد الاجتماع الأول، لكن قيادات في الحزب قالوا إنه سيكون زعيم الحزب الجديد. ومن بين قادة الحزب الجديد سليم العزبي المدير السابق لديوان السبسي. وقالت النائبة في البرلمان زهرة ادريس "هدفنا سيكون تأسيس حزب قوي يقود الإصلاحات الاقتصادية ويعيد الأمل للتونسيين المحبطين ونتطلع لأغلبية برلمانية مريحة لقيادة البلاد ومنافسة الإسلاميين". وأضافت أنه من المتوقع أن يكون الشاهد في قيادة الحزب الجديد، لكنها أكدت أنه "لن يكون قائما على الأشخاص مثلما حصل في حزب نداء تونس". وتابعت "المشروع لن يكون لصالح شخص عكس نداء تونس بل سيكون حزب لصالح تونس". لكن المعارضة تتهم الشاهد باستعمال نفوذه في تأسيس حزب يتكون من وزراء وبرلمانيين ومئات المستشارين في البلديات وسمته "حزب الحكومة". وقال زهير المغزاوي أمين عام حزب الشعب المعارض "الشاهد يتحيل على التونسيين ويركز منذ أشهر اهتمامه على تأسيس حزبه وليس إنقاذ البلاد من وضعها الصعب". وأضاف "لقد فشل منذ ثلاث سنوات في إنقاذ اقتصاد البلاد وتحسين وضع التونسيين. كيف له أن يصنع بديلا وهو الذي فشل في تغيير الوضع وهو في الحكم". ويقود الحكومة ائتلاف من العلمانيين وحركة النهضة الإسلامية المعتدلة، لكن الائتلاف أصبح هشا ويواجه العديد من الصعوبات في تمرير إصلاحات يطالب بها المقرضون. وقال الباحث والأكاديمي أمين بن مسعود يبدو أن جماعة الشاهد، لا يفرقون بين "اسم الحزب" و"شعاره السياسيّ"، موضحا في تدوينة على صفحته بفايسبوك أن "الاسم يقوم على الفكرة والمقاربة والرؤية الخاصة بهذا الفريق حيال واقع البلاد ومستقبلها"، مضيفا "في العادة يكون على شكل اسم أو تركيب إضافيّ، يعبّر عن مشروع وتطلّع مستقبليّ، أما الشعار فهو الخيط الناظم الذي يربط بين أعضاء الحزب من القيادة إلى القاعدة ويجسّد في نفس الوقت الشفرة الاتصالية التي على أساسها يعرّف الحزب نفسه ويتواصل مع خزانه الانتخابيّ". وأشار أيضا إلى أن الشعار قد يتغير بتغير الاستحقاقات الاقتراعية والمؤتمرات وغيرها من الأحداث ويكون في العادة "عبارة تحتوي على فعل في المضارع" للدليل على الديمومة والاستمرار والمحايثة. وخلص إلى القول بأن عبارة تحيا تونس (اسم الحزب الجديد), هي شعار اتصاليّ جيّد للحزب كثيرا ما أتمّ بها يوسف الشاهد خطاباته السياسية وحواراته الصحفية ولذلك فهي شعار وعنوان وبوصلة سياسية تحدد الخيارات وتبني التصورات ليست اسما لتجمع سياسي". وحظيت تونس بإشادة واسعة من الغرب باعتبارها النجاح الديمقراطي الوحيد الذي حققه الربيع العربي بعد أن أطاحت الاحتجاجات بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في عام 2011 دون إثارة اضطرابات عنيفة مثل التي شهدتها سوريا وليبيا. لكن منذ العام 2011 أخفقت تسع حكومات في حل المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها تونس والتي تشمل ارتفاع معدلات التضخم والبطالة فضلا عن نفاد صبر المقرضين مثل صندوق النقد الدولي الذي يحث تونس على تسريع إصلاحاتها لخفض العجز. ومن المتوقع أن تجري الانتخابات البرلمانية والرئاسية بنهاية العام الحالي، لكن لم يتم تحديد موعد رسمي حتى الآن. وتسعى القوى العلمانية إلى تكوين جبهة قوية لمنافسة حزب النهضة الإسلامي وهو أقوى حزب وترشحه استطلاعات الرأي المحلية للفوز في الانتخابات المقبلة.

مشاركة :