شنت مصادر إعلامية أميركية هجوماً عنيفاً على المنظمات الدولية لإحجامها عن اتخاذ مواقف حازمةٍ حيال الدعم العسكري المتواصل الذي تقدمه قطر للحكومة التابعة لها في الصومال، خاصةً وأنه قد يشكل تسليحاً للإرهابيين الناشطين في منطقة القرن الأفريقي بشكلٍ غير مباشر. فبعد أيامٍ من إرسال «نظام الحمدين» عشرات السيارات المدرعة إلى السلطات الحاكمة في مقديشو بزعم دعم قدرتها على إرساء الاستقرار في المناطق الخاضعة لسيطرتها، انتقدت المصادر الأميركية الصمت الذي يلتزمه المجتمع الدولي إزاء التقارير التي تفيد بأن الأسلحة التي تقدمها الدوحة لحكومة مقديشو، تصل في نهاية المطاف إلى مجموعاتٍ إرهابيةٍ تشن هجماتٍ مسلحةً في الدول المجاورة. وقالت المصادر - في تقريرٍ نشره الموقع الإلكتروني لمنظمة «إنر بريس سيتي» الأميركية المعنية بحقوق الإنسان وحرية الإعلام - إن هناك صوراً تم تداولها مؤخراً تُظهر عناصر حركة «الشباب» الإرهابية في الصومال، وهم يتفاخرون بحيازتهم سياراتٍ مدرعةٍ، وذلك بعد أقل من أسبوعين على إقرار وزارة الدفاع القطرية بأنها منحت 63 سيارة من هذا النوع للحكومة الصومالية. وبالتزامن مع تسليم هذه الشحنة - التي أثارت حفيظة العديد من القوى الدولية والإقليمية - زعمت الدوحة أن إمداد مقديشو بها يستهدف «شد عضد مؤسسات الدولة (الصومالية).. وتمكينها من التغلب.. على الإرهاب وتعزيز أمن البلاد». ولكن تقرير المنظمة الأميركية المرموقة - التي تتخذ من مدينة نيويورك مقراً لها - استنكرت التغاضي عن تواصل تدفق الإمدادات القطرية من الأسلحة والأموال على حكومة فرماجو ذات العلاقات المشبوهة بالنظام الحاكم في الدوحة. وألمح التقرير إلى أن ذلك يوحي بأن مسؤولي الأمم المتحدة لا يكترثون بالدماء التي تُسفك في دولٍ مجاورة للصومال بفعل هذا الدعم القطري. وأبرزت «إنر بريس سيتي» في هذا الشأن التقارير التي تفيد بأن «الأسلحة التي تتسرب من الصومال لعبت دوراً في الهجوم الإرهابي الأخير الذي وقع في نيروبي»، وذلك في إشارةٍ إلى اعتداءٍ دمويٍ نفذه إرهابيون ينتمون لحركة «الشباب» على مجمعٍ فندقيٍ فاخرٍ في العاصمة الكينية منتصف الشهر الجاري، وأسفر عن مقتل 21 شخصاً على الأقل، وجرح عشراتٍ آخرين. واعتبرت المنظمة في تقريرها أن تجاهل تلك الشواهد يؤكد أن مثل هذه «الدماء رخيصةٌ» لدى المجتمع الدولي، لافتاً الانتباه إلى أن عدم اكتراث مسؤولي المنظمات الدولية المعنية بالأموال والأسلحة القطرية التي تصل إلى حكومة مقديشو، يتزامن مع انحياز أمين عام الأمم المتحدة جوتيريس للقرار المثير للجدل الذي اتخذته الحكومة نفسها مطلع الشهر الجاري بإبعاد مبعوث الأمم المتحدة نيكولاس هايسوم من البلاد، بعد نحو أربعة شهورٍ فحسب على اختياره لهذا المنصب. وأضاف التقرير أن الأمين العام للأمم المتحدة لم يكتف بمباركة هذه الخطوة ضمنياً، بل واتهم هايسوم - خلال اجتماعٍ مغلقٍ مع موظفي المنظمة الدولية - بأنه استخدم أسلوباً غير لائق في طلبه توضيحاتٍ من السلطات الصومالية بشأن ارتكابها لانتهاكاتٍ لحقوق الإنسان، وهو المبرر الذي تذرعت به حكومة فرماجو لطرده من الصومال. وألمح تقرير «إنر بريس سيتي» إلى أنه لا يتم إيلاء الروابط الغامضة القائمة بين قطر والحكومة الموالية لها في مقديشو الاهتمام الكافي، وأشار إلى أن ذلك تجسد كذلك في تجاهل مطالبات إقليم «أرض الصومال»، مؤخراً بضرورة أن يضطلع مجلس الأمن الدولي بدورٍ فعال على صعيد مراقبة شحنات الأسلحة التي تقدمها سلطات الدوحة إلى القوات التابعة لفرماجو. وأشار التقرير في هذا السياق إلى الرسالة التي وجهها ياسين حاج محمد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في الإقليم، الذي أعلن استقلاله عن الصومال عام 1991، إلى المجلس قبل أيام وطالب فيها بأن تخضع الأسلحة التي تُقدم للحكومة الصومالية لعمليات تحقق دقيقةٍ وشديدة الجدية، سواء كانت في شكل صفقاتٍ أو منحٍ، كتلك المنحة القطرية الأخيرة. وركزت الرسالة - التي وُجِهَتْ إلى رئيس مجلس الأمن الدولي في دورته الحالية فرانسيسكو أنطونيو كورتوريل - على الشحنة التي تسلمتها حكومة فرماجو إلى الدوحة، واعتبرت أنها - والشحنات المماثلة لها - تمثل «انتهاكاً لحظر الأسلحة المفروض حالياً على الصومال، وتشكل كذلك تهديداً لـ «أرض الصومال» ولأمن الدول المجاورة مثل كينيا». وأورد تقرير «إنر بريس سيتي» نص الرسالة شديدة اللهجة، التي أكدت أن من شأن وصول هذه المعدات العسكرية إلى الحكومة الصومالية من قطر وغيرها من الدول «تصعيد النزاع الذي طال أمده (في الصومال) جراء حدوث عواقب مدمرة في هذا البلد، وتفاقم حالة عدم الاستقرار في مختلف أنحاء المنطقة». وفي إشارة إلى الهدف الحقيقي من الدعم العسكري القطري المشبوه لحكومة فرماجو، قال وزير خارجية «أرض الصومال» إن الأسلحة التي تُقَدَم إلى هذه الحكومة «غالباً ما ينتهي بها المطاف بأيدي مسلحي حركة الشباب وتنظيم داعش» الإرهابييْن.
مشاركة :