مفاوضات واشنطن وبكين تتعثر بملفي «سرقة» التكنولوجيا والملكية الفكرية

  • 1/28/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أكَّدَ مسؤول أمريكي أن واشنطن وبكين ما زالتا بعيدتين عن التوقيع على اتفاق تجاري في وقت يُنتظر وصول وفد صيني إلى واشنطن لإجراء مزيد من المفاوضات. ويلتقي المفاوضون الأمريكيون والصينيون الأربعاء والخميس في واشنطن لمحاولة وضع الخطوط العريضة لاتفاق تجاري، قبل شهر من انتهاء الهدنة في الحرب التجارية بين القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم. ويتوجه كبير المفاوضين التجاريين الصينيين نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي إلى الولايات المتحدة برفقة وفد من ثلاثين شخصا، لإجراء محادثات مع المفاوضين الأمريكيين وعلى رأسهم الممثل التجاري روبرت لايتهايزر. وقال ويلبور روس، وزير التجارة الأمريكي، في تصريح لقناة تلفزيونية أمريكية في دافوس، ووضع المنتدى الاقتصادي العالمي نصها على موقعه: "قمنا بالكثير من العمل التمهيدي لكننا على بعد أميال وأميال من إيجاد حل". ولاحظ، روس، أنَّ الولايات المتحدة والصين ما زالتا بعيدتين عن التوصل إلى توافق في الآراء، لكنه أكد أنه "لا ينبغي أن يكون ذلك مفاجأة كبيرة، لأن المسائل الخلافية التي نوقشت حول طاولة المناقشات كثيرة جدا". وشدد على أن المفاوضات التجارية معقَّدة، وأن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، وضعت أهدافا طموحة وهي "الحصول على موافقة الصين على إجراء إصلاحات هيكلية من خلال تغيير ممارساتها التجارية التي يُحكم عليها على أنها غير عادلة مثل النقل القسري للتقنيات وسرقة الملكية الفكرية". بالنسبة لواشنطن، تحتاج بكين أيضاً إلى خفض العجز التجاري الأمريكي الهائل (أكثر من 375 مليار دولار من السلع في 2017)، وذلك بفتح أسواقها أمام المنتجات الأمريكية وإنهاء الإعانات المالية التي تقدمها لشركاتها. وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، ونظيره الصيني، شي جين بينج، اتفقا في قمة العشرين في بوينس آيرس بداية كانون الأول (ديسمبر) الماضي على منح نفسيهما مهلة 90 يوما حتى الأول من آذار (مارس) للتفاوض على اتفاق تجاري، وإلا فالصراع بين الدولتين قد يكون أكثر جمالا. والنتيجة المباشرة للمأزق في مناقشات الأسبوع المقبل هي الانتقال من 10 إلى 25 في المائة من الرسوم الجمركية على ما قيمته 200 مليار دولار من السلع الصينية. وتم بالفعل فرض ضريبة على نحو 50 مليار دولار من الواردات الصينية بمعدل 25 في المائة، من دون حساب الرسوم الإضافية على واردات الصلب والألمنيوم (25 في المائة و10 في المائة على التوالي). وفرضت الصين من جانبها ضرائب إضافية على جميع السلع الأمريكية المستوردة (نحو 110 مليار دولار في 2017). وأشار ويلبور روس، إلى أن الوفد الصيني المُهم سيضم نحو 30 شخصا سيبقون بضعة أيام في العاصمة واشنطن، ومن بينهم نائب رئيس الوزراء ليو هو، وهو كبير المفاوضين التجاريين في بكين. ورغم هذه الصعوبات، أشار الوزير الأمريكي إلى أن هناك "فرصة معقولة تسمح لنا بالتوصل إلى اتفاق لأن كِلا البلدين يرغبان في الحصول على اتفاق، شريطة أن يكون مرضيا للطرفين". وفي إشارة إلى التقلب الشديد في الأسواق، حثَّ الوزير الأمريكي على عدم التركيز على المفاوضات التي ستجري الأسبوع المقبل، وأكد "أحاول أن أُخبِر الناس بأنه لا ينبغي عليهم التفكير في أن أحداث الأسبوع القادم ستؤدي إلى حل جميع المشاكل القائمة بين الولايات المتحدة والصين.. الأسواق محمومة فهي ترتفع أو تنخفض حسب التعليقات المتفائلة أو المتشائمة بشأن المفاوضات التجارية.. أرى أنه ستكون هناك مخاطر بالغة إذا تم الحكم مسبقا على نتائج المفاوضات المقبلة". من جانبه، يرى الرئيس الأمريكي أن "المفاوضات مع الصين تسير على ما يرام.. مهما كانت النتيجة، فإنها ستكون جيدة بالنسبة لنا، الصين تريد حقا التوصل إلى اتفاق". ويعتقد الرئيس الجمهوري أن الولايات المتحدة في موقف قوي في هذه المفاوضات، لأن الاقتصاد الصيني يُظهِر علامات ضيق في التنفس نتيجة للتعريفات الأمريكية بشكل خاص. وأكد نائب الرئيس الصيني، وانج تشي شان، أنَّ الاقتصادَين مترابطان وأي مواجهة تضرّ بمصالح الطرفين، وفي أيار (مايو) 2017، توصل البلدان إلى هدنة قصيرة الأجل قبل أن يغرقا في حرب تجارية. واستهدفت المناقشات، على وجه الخصوص، مطالب الرئيس ترمب بتخفيض العجز التجاري مع الصين البالغ 200 مليار دولار. وباتت التدابير الحمائية الأمريكية تنعكس على الاقتصاد الصيني، ما يجعل ترمب يؤكد أن الولايات المتحدة في موقع قوة في هذه المفاوضات لأن "الصين تريد فعلا اتفاقا". غير أن ويلبور روس وزير التجارة الأمريكي المعني هو أيضا بالمفاوضات، خفف أخيرا من تفاؤل الرئيس، معتبرا أن الطرفين "على مسافة أميال من التوصل إلى حل" على الرغم من العمل التمهيدي الهائل الذي تم إنجازه حتى الآن. وفي مؤشر على أهمية المحادثات، ستبقى الأسواق المالية شديدة الحساسية حيال أي تصريحات تتعلق بالتجارة، ودعا وزير التجارة الأمريكي إلى الحذر بشأن نتيجة هذه المفاوضات الجديدة مستبعدا أن تأتي بالحل لجميع المشاكل القائمة بين الولايات المتحدة والصين. لكن إدوارد آلدن الخبير في التجارة الدولية في "مجلس العلاقات الخارجية" أشار إلى أن "المفاوضات الأسبوع المقبل ستكون جوهرية لتحديد ما إذا كان الصينيون على استعداد لبحث المشكلات البنيوية" الواقعة في قلب الخلاف. وأبدى الطرف الصيني خلال جلسة مفاوضات مطلع كانون الثاني (يناير) في بكين، انفتاحا حول مسألة تقليص العجز التجاري الأمريكي، غير أنه لم يتم تحقيق أي تقدم في اتجاه الحصول على تعهدات من الصين بتبديل ممارساتها التجارية. وقال آلدن: "سيكون في غاية الصعوبة التوصل إلى اتفاق إذا لم يعالج الصينيون المشكلات البنيوية" التي باتت هدفا لإدارة ترمب. ومما يزيد من صعوبة التوصل إلى تسوية أن السلطات الصينية ستلتزم على الأرجح بموقفها المتصلب حيال بعض المسائل مثل دعم شركاتها العامة، وهي مسألة تقع في صلب الرؤية الاقتصادية للرئيس الصيني المصمم على الدفع في اتجاه قيام شركات وطنية كبرى. ويتوقع آلدن أن ترفض الصين أي مطلب أمريكي قد يعتبر بمنزلة عائق أمام خطة "صنع في الصين 2025". وتهدف هذه الخطة التي بدأ تنفيذها عام 2015 إلى جعل الصين رائدة عالمية في التكنولوجيا، سواء على صعيد علم الروبوتات أو الاتصالات أو السيارات العاملة بواسطة الطاقات المتجددة. وترى بيتي وانج الخبيرة الاقتصادية لدى مصرف "إيه إن زد بانكينج غروب"، أن خطة "صنع في الصين 2025 استراتيجية ضرورية للصين حتى تتوصل إلى تنمية مستدامة"، مشيرة إلى أن الجميع يتفق على أنه لم يعد بوسع الاقتصاد الصيني الاعتماد حصرا على الاستثمارات وعلى صنع منتجات متدنية الأسعار. وتابعت أن "تحوّل الصين إلى صناعة عالية المواصفات وخدمات ذات قيمة مضافة أمر لا بدّ منه لنموها الداخلي مستقبلا". ويبقى بإمكان المفاوضين الصينيين الاستناد إلى حسن نوايا حكومتهم، بعدما أفادت وسائل الإعلام الرسمية نهاية الشهر الماضي أن البرلمان الصيني ينوي إصدار قانون جديد للاستثمارات الأجنبية، يمنع النقل القسري للتكنولوجيا، وهو ما يستجيب لمطلب أمريكي أساسي.

مشاركة :