العقلياتالإقصائيَّةفيالمجتمعاتالقبليَّةعبدالمحسنمحمدالحارثي بدون المواطنة الفاضلة لا يمكن أن يكون لدينا مجتمع فاضل ، هذا على مستوى الدول ، يقول الفارابي:( لا دولة دون مواطن فاضل ).وصدق الشاعر إذْ يقول:لعمرُكَ ما ضاقت بِلادٌ بأهلها ❄ولكن أخلاف الرِّجال تضيقُ . نعم الرِّجال يختلفون ، فلكُلٍّ مذهبهُ وشربه الذي يستقي منه ، ولكن سياسة الإقصاء التي تقوم على تقسيم الناس إلى طبقات مخمليَّة ، وأُخرى كرتونيَّة ، فذاك ضربٌ من الخُبال ، ونوعٌ من الجنون ؛ لأنَّ هذا التهميش أقرب للعُنصريَّة منه إلى السواسية والاعتدال بين بني البشر ، وقد يُلصِقون التُّهم والفساد بمن يُريدون إقصاءهم ، حُبَّاً في الزعامة ، أو التفرُّد ، أو الانتقام. يقول أنو بكومار:( إنَّ آثار الإقصاء كبيرة ، إذْ يُعاني المُهمَّشُون من أزمة هويَّة ، إذْ يُنظر إليهم أنَّهُم أشخاص سيئون). التهميش يعني الموت ، هذا ما أكدهُ الروائي عبدُه خال ، حينما قال:( كارثتنا أننا نموت أحياء ؛ بسبب أنْ وُضِعْنا داخل سجن التهميش ، إذْ تكوَّنَ من سوء الظَّن والزيف والكذب).وهذا بالتحديد ما عناه أيضاً الدكتور العيسى في كلمته ، فهو يرى ( أنَّ أغلب هذا الصنف قام على آيدولوجيَّة كارهة إقصائيّة ، لا تُريد لأحد أنْ يُشاركها الحياة ، إلَّا إذا كان يُؤمن بعقيدتها وأفكارها). إنَّها مُشكلة أصبحتْ ورماً اجتماعيَّاً وأخلاقيَّاً ، تدفع ضحاياها إلى السُّقُوط في العُزلة ، التي هي إحدى البيئات الخصبة للكراهيَّة والانغلاق والعُنف !يقول أنوبكومار:( من الأمثلة على التهميش : التوظيف الانتقائي) ، أو التفرقة بين بني القبيلة الواحدة ؛ بناءً على مجاملات ومحسوبيات ، وقد تكون حُكم القوي على الضعيف. العقليَّة الإقصائيَّة ، هي آفةُ المجتمع القبلي على وجه الخُصوص ، وآفة المجتمعات بشكل عام.إنَّ الثقافة الإقصائيَّة ، هي نوع من التفكير الشخصي ، التي يتم من خلاله تشويه صُورة الآخر ، بِقصد إقصائهِ أوتهميشه. إنَّ صاحب العقلية الإقصائية ، يُحاول باستماتة ؛ التقليل من شأنْ الأشخاص الذين لا تتطابق وجهات نظرهم مع وجهات نظره ، والذين لديهم مواقف تختلف مع آراءه ومواقفه. الإنسان الإقصائي ، هو شخص أحادي التفكير ، يتَّصف بالأنانيَّة ومن مُحبي الذات ، ولذلك .. نرى تدريس ثقافة قبول الاختلاف في الرأي والفِكْر والدين والمُعتقد ، وجعلها مادَّة تُدرَّس في كل مراحل التعليم ، حتّى المرحلة الجامعيَّة. الكاتب الأمريكي المُناهض للعُبُوديَّة ، هنري ديفيد ثورو، يقول:( يستلقي الناسُ على ظُهُورِهم ، ويتحدَّثُون عن سُقُوط الإنسان ، دُون بذل أيْ جُهد لِلْنُهُوض).هذا فعلاً هو الحال فيما يتعلَّق بالكثير من الشكاوى بشأنْ ظاهرتي { التهميش والإقصاء}.وللأسف.. يُعتبر المجتمع القبلي من أكثر المُجتمعات التي تحتضن ثقافة الإقصاء والتهميش بحق الآخرين من أبناء القبيلة الواحدة ؛ وذلك لتراجع الوعي ، وتدهور الثقافة ، الذي يُعزى إلى سببين:الأوّل/ التدخلات الخارجيَّة .. ما بين متنفذين ومحسوبيات ، وتراكمات سابقة.الثاني / العامل الداخلي المتمثِّل بِحُب الأنا ، والتي تتملّك الإنسان العربي .والذي يُتابع المشهد الاجتماعي القبلي ، يلْحظ مثل تلك التدابير السُلطويَّة ،التي تكاد تُفسِد اللُّحمة ، وتُسقِط أي حِراك للتطوير والتغيير والتجديد.
مشاركة :