استقالة من «الإخوان» أم مناورة؟

  • 1/29/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

اهتاجت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا مؤخراً بخبر إعلان رئيس مجلس الدولة السيد خالد المشري، الاستقالة من عضوية جماعة «الإخوان المسلمين»، وتأكيده الاستمرار في العمل الحزبي والسياسي. الاستقالة من عضوية الجماعة وليس التخلي عن فكرها وراء ذلك الاهتياج الجماعي، حيث رأى العديد من الليبيين أن إعلان السيد رئيس مجلس الدولة ليس إلا مجرد مناورة سياسية هدفها التظاهر بالابتعاد عن جماعة «الإخوان» لكي تزداد فرص ترشحه ووصوله إلى كرسي رئاسة الدولة مستقبلاً في انتخابات رئاسية صُممت أن تُعقد في زمن قيل إنه قريب.وفي رأيي الشخصي فإن الضجة المثارة كحمّى المتنبي لا أعرف كيف وجدت لها طريقاً نحو رؤوس متشظية ألف قطعة من كثرة ما ألمّ بها من مشكلات وما أحاط بها من صعوبات وما أرَّقها من مصائب طيلة السنوات الثماني الأخيرة، وأن استقالة السيد رئيس مجلس الدولة سواء كانت حقيقية أم مجرد مناورة سياسية لا معنى ولا فحوى لها ولا تختلف عن أي فقاعة صابون رخيص لا تستحقّ أن تحظى بأي اهتمام من شأنه العمل على تحييد العيون عن الكرة، وأعني بذلك إشكالية الميليشيات المسلحة المستحوذة على مناحي الحياة في ليبيا بأيادٍ من حديد، وارتباطاتها الخارجية، واحترابها في ما بينها، ونهبها المال العام، ووقوفها ضد أي محاولة لوضع القطار الليبي على سكة تخرج بليبيا من النفق المظلم الذي أُدخلت إليه عنوة منذ سنوات.السيد خالد المشري واحد من وجوه نخبة سياسية ميكيافيلية «تقيأتها» الأحداث على سطح الواقع الليبي وانتشرت منتفخة كطفح جلدي إثر انتفاضة فبراير (شباط) 2011، ضد نظام العقيد معمر القذافي العسكري، وكل صراعاتها تتمحور في مَن ينجح منها أولاً في الوصول إلى تأسيس «باب عزيزية» آخر بقلاع ذات أسوار حصينة وسراديب سرّية كافية للتخلص من المعارضين والخصوم، والاستحواذ على خزائن الثروة والاستمتاع بما لذّ وطاب من نعيم موائد النفوذ. الديمقراطية والحرية والدستور والمؤسسات وإقامة دولة العدل والقانون والمساواة ليست سوى شعارات تُرفع عالياً لتكون وسائل تقود إلى تحقيق ما دُبِّر وصُمِّم من خطط وسياسات في عواصم دول عربية يقال إنها «شقيقة»، وأخرى أجنبية ذات مصالح وأطماع في ليبيا.وأن يبقي السيد المشري على عضويته في جماعة «الإخوان» أو يستقيل من دون التخلي عن فكرها ويحرص على الاستمرار، حسب قوله، في العمل الحزبي والسياسي، أمر شخصي جداً نابع من حسابات شخصية جداً جداً ولا تأثير له مطلقاً على ما يجري وينفَّذ على أرض واقعٍ حياتيٍّ مأزوم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، في بلد ضاق به سوء الحال حتى صار كمركب بربابنة عدة من دون خبرة، تتجاذبه أنواء عواصف شديدة، ولا أمل له في الوصول إلى مرفأ برٍّ آمن ومستقر.

مشاركة :