صوت مجلس الأمن صباح الخميس، بالإجماع، على اعتماد قرار يهدف إلى تجفيف جميع منابع الموارد المالية التي يحصل عليها تنظيم داعش، سواء من بيع النفط أو تهريب الآثار أو الحصول على فدية لإطلاق سراح مختطفين أجانب. ويأتي القرار في ظل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بما يعني عقوبات على الدول التي لا تلتزم بالقرار، لكن القرار لا يجيز استخدام القوة العسكرية. وصوتت جميع الدول الخمس عشرة الأعضاء بمجلس الأمن لصالح القرار الذي تقدمت به روسيا والولايات المتحدة للمجلس الأمن، ودعمت مشروع القرار أكثر من 35 دولة من الدول العربية والآسيوية والأوروبية. ويدعو القرار إلى فرض عقوبات ضد الأفراد والكيانات التي تتاجر في النفط مع تنظيم داعش والتنظيمات التابعة له مثل جبهة النصرة في سوريا. ويطالب القرار الدول بإبلاغ الأمم المتحدة في حال ضبط نفط خام أو مكرر من مناطق خاضعة لسيطرة «داعش» في سوريا والعراق. ويحظر القرار المتاجرة بالآثار المسروقة من سوريا والعراق، ويدعو لتشديد المراقبة على الشاحنات والطائرات من والى المناطق الخاضعة لسيطرة «داعش» والتي يستخدمها التنظيم في نقل البضائع المسروقة، وبصفة خاصة عند الحدود التركية. ويلزم القرار الدول بتقديم تقرير عن التدابير التي تتخذها في غضون 120 يوما. ويدعو نص القرار جميع الدول الـ193 الأعضاء في الأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات مناسبة لمنع الاتجار في المقتنيات الثقافية والأثرية من لوحات فنية وآثار، والتي يتم تهريبها من العراق وسوريا، والعمل مع منظمة اليونيسكو لمنع تهريب تلك الآثار. ويشير دبلوماسيون بالأمم المتحدة إلى روابط بين تنظيم داعش والتنظيمات المناصرة له وبين عصابات الجريمة المنظمة في شرق أوروبا وتركيا. ويحث القرار جميع الحكومات في جميع أنحاء العالم على منع الإرهابيين من الاستفادة بشكل مباشر أو غير مباشر من الحصول على أموال فدية لتامين الإفراج عن الرهائن. وقد اعتمد مجلس الأمن في السابق عدة قرارات لتضييق الخناق على مصادر الدخل لتنظيم داعش، وبصفة خاصة في ما يتعلق بمنع دفع فدية لاختطاف الأجانب وتقديم تنازلات سياسية، وفي ما يتعلق بتشديد الرقابة المالية على التبرعات التي يحصل عليها «داعش»، لكن وجدت بعض الحكومات الأوروبية طرقا للتحايل على الحظر المفروض على دفع الفدية لتأمين الإفراج عن مواطنيها المختطفين لدى «داعش». ويأتي القرار الجديد تحت الفصل السابع من الأمم المتحدة بما يمكن من فرض عقوبات على الدول التي تمتنع عن تطبيق القرار أو استخدام القوة، لكنه لا يجيز استخدام القوة العسكرية. وأشاد فيتالي تشوركين، مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، بوحدة الدول الأعضاء في مجلس الأمن في التصويت لصالح القرار، مشيرا إلى أن القرار سيكون خطوة مهمة في قطع تمويل الإرهابيين ومواجهة تهديدات «داعش» في سوريا والعراق وخارج الإقليم. ودعمت سامانثا باور، مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، القرار الذي يأتي تحت الفصل السابع لتجفيف مصادر تمويل داعش وتنظيم النصرة، وقالت إن «القرار الخاص بمجلس الأمن اليوم يدعم بقوة الاستراتيجية الشاملة التي تنتهجها الولايات المتحدة لدحر وهزيمة تنظيم داعش». وأضافت أن «القرار يضع آليات تعاون أفضل لمكافحة انضمام مقاتلين أجانب لصفوف (داعش)، ويمكننا من شل قدرات (داعش) في تهريب ونقل شاحنات النفط والمعادن ومنع الاتجار بالآثار السورية». ورحب بالقرار مندوبو بريطانيا وفرنسا والأردن والصين، وأشاروا إلى أهمية القرار في توحيد الجهود لمواجهة الإرهاب وإدانة كل أشكال الاتجار بالآثار والبشر. وأكد مندوب الأردن أن استشهاد الطيار معاذ الكساسبة شدد من عزم الأردن على مواجهة الإرهاب. ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة فإن تنظيم داعش يجني ما بين 850 ألف دولار و1.65 مليون دولار يوميا من مبيعات النفط. ويقول مسؤولون أميركيون إن النفط لم يعد المصدر الرئيسي للدخل لـ«داعش» بسبب الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، إضافة إلى ضغوط أميركية على تركيا التي تعد نقطة عبور لشاحنات النفط الخام ونقطة عبور إلى العراق وسوريا لشاحنات النفط المكرر. ويأتي قرار مجلس الأمن صباح الخميس بعد يوم واحد من طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما تفويضا من الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية ضد تنظيم داعش. يذكر أن مجلس الأمن قد تبنى قرارا في أغسطس (آب) الماضي لقطع مصادر تمويل «داعش» ومنع تدفق المقاتلين الأجانب إلى العراق وسوريا. لكن منذ ذلك الحين استمر تدفق المقاتلين الأجانب للانضمام إلى «داعش». وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 20 ألف مقاتل أجنبي في صفوف «داعش».
مشاركة :