“وقف إطلاق النار في محافظة إدلب يواجه مخاطر بعد سيطرة المتشددين” عنوان تقرير كتبته فيفيان يي في صحيفة “نيويورك تايمز” قالت فيه إن الحكومة السورية لبشار الأسد والحكومة الروسية اقترحتا أن وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه منذ أشهر في آخر معقل للمعارضة أصبح عرضة للتهديد بعد سيطرة جماعة موالية لتنظيم القاعدة على المحافظة. وتقول الصحيفة إن حوالي مليون من ثلاثة ملايين يعيشون في المحافظة فروا منها. ويتكون معظم سكان المحافظة من السوريين الذين نقلوا بالحافلات بعد سيطرة نظام بشار الأسد على مناطقهم المحاصرة فيما يعرف باتفاقيات المصالحة. وهؤلاء هم الذين رفضوا العيش تحت ظل النظام. وتعلق أن تحطم إطلاق النار في إدلب يعني حملة عسكرية قد تؤدي إلى موجة لجوء جديدة باتجاه تركيا الواقعة شمال المحافظة. ويرى عدد من المحللين أن هجوما للنظام بدعم الطيران الروسي هو مسألة وقت ولم يكن يوما مدعاة للشك. فمن ناحية يرغب الأسد بالسيطرة على كامل سوريا أما الروس فهم قلقون من وجود مقاتلين أجانب خاصة من دول وسط آسيا. ولهذا تظهر ملامح من نفاذ الصبر على الروس. وقالت المتحدثة باسم الخارجية ماريا زخاروفا الأسبوع الماضي قائلة إن “الوضع في إدلب “يتدهور بسرعة”. والتقى الرئيس فلاديمير بوتين مع الرئيس رجب طيب أردوغان الذي زار مؤسكو يوم الأربعاء، حيث أكد بوتين على ضرورة اتخاذ خطوات إضافية لمواجهة الإرهاب في إدلب. ولم يكشف بوتين عن الخطوات هذه إلا أنه لم يستبعد خرق وقف إطلاق النار حيث قال إن “دعم وقف إطلاق النار يجب أن لا يأتي على حساب الكفاح ضد الإرهاب الذي يجب أن يستمر”. وأي هجوم سوري- روسي سيكون كارثيا على السكان الذين يعتمد معظهم على الدعم الخارجي. فقد أدى الشتاء القارس والمطر إلى غمر مخيمات كاملة بالمياه وتدمير 3.600 خيمة حسب الأمم المتحدة وتشريد عائلات بكاملها التي تعيش حالة من البؤس. وظلت إدلب حتى وقت قريب تعيش حالة من الإستقرار حيث كانت تدار من خلال مجموعة من الجماعات بعضها متطرف وآخر معتدل وهناك مناطق تدار من خلال مجالس محلية منتخبة. وحسب اتفاقية وقعتها تركيا وروسيا وضعت الإقليم تحت الحماية التركية مقابل التخلص من المتطرفين فيه ودفعهم على تسليم أسلحتهم. وبدورها تعهد روسيا بمنع هجوم للنظام على المنطقة. وعوضا عن ذلك سيطر تنظيم القاعدة وبشكل تدريجي على المحافظة وقام هذا الشهر بهزيمة الجماعات المعتدلة وأكد سيطرته على المحافظة كاملة. وتدير المنطقة هيئة تحرير الشام أو جبهة النصرة سابقا. وبحسب المواطنين فالهيئة لم تظهر ميولا لإدارة مناطقهم بيد من حديد ويبدو أنها دمجت نفسها في المدنيين وتتعاون معهم. وتزوج بعض المقاتلين الأجانب من سوريات وافتتحوا مطاعم ومخابز في المحافظة. ولم تقم الشرطة الدينية بالفصل بين الجنسين في الحياة العامة ولم تفرض قيودا على الزي كما في مناطق أخرى وقعت تحت حكم الجهاديين. وقال أبو محمد الجولاني لوكالة أنباء محلية إن هيئة تحرير الشام “لا تحاول حكم المناطق المحررة بالسيف”. وقال سام هيللر من مجموعة الأزمات الدولية إن هيئة تحرير الشام ربما كانت مسؤولة عن سلسلة من الإختطافات والعنف لكن هذه الممارسات قد تخفت بعدما سيطرت على المحافظة. وقال إن هيئة تحرير الشام لم تكن تعسفية أو مخيفة مثل تنظيم الدولة. وليست مهتمة بالتخطيط لعمليات إرهابية في الخارج. وتقول هدي خياطي، المدرسة التي جاءت إلى إدلب من منطقة أخرى في سوريا إنها لا تشعر نفسها مضطرة لكي ترتدي زيا غير الزي العادي المحتشم و “لم تضايقني أبدا هيئة تحرير الشام” و “هناك شيء يتغير في داخلهم” أي الهيئة. ولم يتخيل المتشددون في مركزها الذي يدرس الخياطة والإنكليزية. وتقول الصحيفة إن التغيير هذا جعل مقاتلا أجنبيا في الكتيبة الشيشانيين يندرباييف ترك القتال وفتح تجارة مع أصدقائه. وقال “لم تعد الجماعة التي أعرفها” و “لم يعد جهادا”. إلا أن السكان يخافون من الخروج ليلا خوفا من القتل أو الإختطاف كما يقول مصطفى الكردي الذي يعمل في مستشفى و “أصبحت الحياة صعبة يوما بعد يوم”. وبالإضافة للوضع المتغير في إدلب تريد روسيا الحفاظ على العلاقات مع تركيا في ضوء الإنسحاب الأمريكي. وأدى قرار الولايات المتحدة سحب ألفي جندي من شمال- شرق سوريا إلى محادثات معقدة بين روسيا وتركيا والأكراد والنظام في دمشق. ويقول هيللر “لدى روسيا مخاوف حقيقية تتعلق بمكافحة الإرهاب في إدلب إلا أن مدى هذه غير واضح”. مضيفا أنه لا يمكن النظر لإدلب كحالة معزولة عن مجمل الأولويات الروسية في سوريا. وتشير الصحيفة إلى الآثر الذي تركه قرار دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية على الوضع في شمال سوريا والذي أجبر الاكراد للبحث عن طرق للتفاوض مع النظام لحماية أنفسهم من تركيا التي تهدد بضربهم لأنهم يمثلون تهديدا أمنيا عليها. وفي الوقت نفسه طالب أردوغان أمريكا بدعم إقامة منطقة أمنية طولها 20 ميلا. ويرى إسماعيل حقي بيكين، مدير المخابرات العسكرية التركية سابقا إن تركيز تركيا على الأكراد ربما سمح لهيئة تحرير الشام السيطرة على إدلب. وقال بيكين إن القوات التركية نقلت المقاتلين الذين تدعمهم من مناطق إدلب إلى شمال- شرق سوريا لمواجهة التهديد الكردي. ولم تستطع والحالة هذه الجماعات المعتدلة مواجهة هيئة تحرير الشام لوحدها. وأضاف” قد تقنع روسيا تركيا السماح لها بدخول إدلب”و”سيقتلون الكثير من الناس ويتسببون بموجات جديدة من اللاجئين”.
مشاركة :