اقتربت أثينا ومنطقة اليورو من التوصل إلى تسوية بشأن أزمة الديون اليونانية وذلك خلال قمة عقدها الاتحاد الأوروبي أمس في بروكسل عرض خلالها ألكسيس تسيبراس رئيس الوزراء اليوناني وجهة نظره أمام شركائه في التكتل الذي يضم 28 دولة وفي مقدمهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وغداة فشل اجتماع لمجموعة اليورو حول هذه المسألة، اتفقت اليونان ومنطقة اليورو على أن تباشرا اعتبارا من الأمس مباحثات تقنية تمهد للاجتماع المقبل الذي ستعقده مجموعة اليورو في بروكسل الإثنين المقبل. ونقلت "الفرنسية"، عن تسيبراس قوله في ختام أول قمة أوروبية له "لقد أحرزنا خطوات مهمة. لم نجتز المسافة كلها لكن قسما كبيرا منها. لقد استفدنا خصوصا من واقع أن أوروبا قائمة على خلافات ولكن أيضا على تسويات". وتسعى اليونان إلى إقناع شركائها، وفي مقدمهم ألمانيا التي ينظر إليها اليونانيون على أنها حاملة لواء إجراءات التقشف الصارمة المفروضة عليهم، بتخفيف هذه الإجراءات. وكان وزراء المالية في دول منطقة اليورو عقدوا أول أمس اجتماعا صاخبا حول هذه المسألة فشلوا خلاله في كسر الهوة مع أثينا، ويحاول الأوروبيون إقناع اليونان بطلب تمديد برنامج القروض الحالي قبل التفكير في حلول لتخفيف الدين الذي يشكل أكثر من 175 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي اليوناني، وهو ما ترفضه أثينا التي تريد أيضا التخلص من ترويكا الجهات الدائنة وإجراءاتها التقشفية الصارمة. وفي معرض تعليقه على اجتماع منطقة اليورو قال تسيبراس: إن اليونان لا تمارس الابتزاز ولا تقبل أن تتعرض لابتزاز، مضيفا أننا لم نوقع، ولم تحدث أي كارثة، مؤكداً أن الانتقال نحو برنامج جديد بات الموضوع الوحيد للمباحثات وللاجتماع المقبل لمجموعة اليورو الذي سيعقد بعد غد في بروكسل. ويفترض أن يتم الاتفاق بشأن الأزمة اليونانية بحلول الإثنين المقبل على أبعد تقدير لإفساح المجال أمام عديد من البرلمانات الأوروبية لاسيما البرلمانان الألماني والفنلندي لإقرار الاتفاق قبل نهاية الشهر ونهاية أجل برنامج القروض المعمول به حاليا. وذكر جابريل ساكلاريديس المتحدث باسم الحكومة اليونانية، أن بلاده ستبذل قصارى جهدها للتوصل إلى اتفاق بشأن حزمة الإنقاذ المالي خلال اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو المقبل. وقال ساكلاريديس إن الحكومة اليونانية ستفعل ما بوسعها حتى تتوصل إلى اتفاق ولكن ليس باتخاذ إجراءات تمس سيادة الأمة والشعب، لأننا مازلنا نعارض التقشف، مشيراً إلى أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول الإثنين فإننا نعتقد دائما أن لدينا بعض الوقت، وبالتالي لن تكون هناك مشكلة. ومن جهته، التقى رئيس الوزراء اليوناني في بروكسل يورون ديسلبلوم رئيس مجموعة يورو جروب، اتفقا خلاله على أن يباشرا مباحثات ترمي لإيجاد قاعدة مشتركة بين برنامج القروض الحالي والاقتراحات التي تقدمت بها أثينا. ويشارك في هذه المباحثات مختصون يونانيون وممثلون عن الجهات الدائنة لأثينا وتشمل المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي التي لم يعد أحد يطلق عليها تسمية "ترويكا"، وفي هذا السياق أكد تسيبراس أن الترويكا لم تعد موجودة. غير أن جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية حذر من أنه رغم التقدم الذي تم إحرازه فإن كثيرا من الأمور ما زالت بحاجة إلى إنجازها، معربا عن قلقه من الوضع الراهن وداعيا إلى العودة إلى مقاربة عقلانية للأمور. واقترح يونكر أن تستبدل أثينا الثلث الذي تعتبره "ساما" و"غير اجتماعي" من الإجراءات التقشفية المفروضة عليها بإجراءات أخرى تعود على الخزينة بالوفر المالي نفسه، مؤكدا أن هذه هي الأرضية التي سنحاول على أساسها التوصل إلى اتفاق خلال الأيام المقبلة. وعلى إثر ذلك، سرت حالة من التفاؤل في الأسواق بشأن إمكانية إبرام اتفاق بين اليونان ومنطقة اليورو حول تمويل قصير الأمد في البلاد، حيث سجلت بورصة أثينا ارتفاعا كبيرا تجاوزت نسبته الـ 7 في المائة في المبادلات الأولى صباح أمس ما يعكس حالة التفاؤل تلك. فيما تقدم مؤشر "أتيكس" بنسبة 6.24 في المائة قبل استئناف اجتماعات تقنية في بروكسل بين اليونان ودائنيها تبشر بإمكانية التوصل إلى اتفاق خلال لقاء مجموعة اليورو الإثنين المقبل. إلى ذلك، أظهرت تقديرات أولية لمعهد إحصاءات الاتحاد الأوروبي "يوروستات" أمس أن الاقتصاد اليوناني سجل انكماشا طفيفا في الربع الأخير من 2014 مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة. وأشارت تقديرات الناتج المحلي الإجمالي التي استندت لبيانات معدلة في ضوء العوامل الموسمية إلى أن الاقتصاد البالغة قيمته 182 مليار يورو انكمش بنسبة 0.2 في المائة في الفترة من أيلول (سبتمبر) إلى كانون الأول (ديسمبر) من 0.7 في المائة على أساس فصلي في الربع الثالث. وأظهرت تقديرات أولية لهيئة الإحصاء اليونانية نمو الاقتصاد بنسبة 1.5 في المائة على أساس سنوي في الربع الأخير وفقا لبيانات غير معدلة موسميا من 0.2 في المائة بعد التعديل بالزيادة في الربع الثالث بما يقل عن متوسط توقعات اقتصاديين البالغة 2.2 في المائة. وبينما كانت توقعات أثينا والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد نموا نسبته 0.6 في المائة خلال 2014 بأكمله، أشارت أحدث تقديرات رسمية من وزير المالية في الحكومة السابقة إلى نمو نسبته 0.7 في المائة.
مشاركة :