تخطو المملكة خطوات واثقة نحو تعزيز الاقتصاد الوطني، وإعادة اكتشاف نقاط القوة فيه، وتعزيزها بالمزيد من الخطط والبرامج الفاعلة، التي ستسفر -إن شاء الله- عن بلد يتمتع باقتصاد قوي ومتنامٍ، يرتكن على قطاعات اقتصادية متنوعة، تساهم مجتمعة في الدخل القومي للمملكة، وهذا هو أحد أهم مستهدفات رؤية 2030. فبالأمس، شهدنا عرساً اقتصادياً جديداً، دشن فيه الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، الذي يستهدف تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة، ومنصة لوجستية عالمية، وهي خطوة تؤكد لمن يهمه الأمر، أن برامج رؤية 2030 وبنودها تسير على قدم وساق، وفق جدول زمني محدد، لا مجال لتأجيله أو التراجع عنه، هذه الرؤية تستهدف تنويع مصادر الدخل، واستحداث قطاعات جديدة، تساهم في الناتج الوطني للبلاد، بعيداً عن دخل النفط، الذي أثبت أنه متذبذب، ومن الخطأ الاعتماد عليه وحده. ولا شك أن حرص سمو ولي العهد على تدشين البرنامج ورعايته توقيع 37 اتفاقية متنوعة بقيمة 235 مليار ريال، بين شركات وهيئات سعودية وعالمية، من ضمنها أرامكو ومعادن ووزارة الطاقة والجمارك، يعكس اهتمام الدولة بالقطاع الصناعي، وهنا علينا أن نتخيل المردود المالي الذي ستحققه المملكة من هذه الاتفاقيات مجتمعة، وتعزز الخدمات اللوجستية في المملكة، بحكم موقعها الاستراتيجي الذي يساعد على ذلك. ضخامة البرنامج، وما حفل به من تنوع كبير في الفكر والرؤية العامة، تبشر بالخير الوفير، إذ يكفي أنه احتوى على أكثر من 330 مبادرة، ستحقق أكثر من ثلث مستهدفات رؤية 2030، ليس هذا فحسب، وإنما سيتم طرح مشروعات جاهزة للتفاوض من خلال صفقات تفوق قيمتها 70 مليار ريال، ويطمح البرنامج إلى استقطاب استثمارات بقيمة 1.6 تريليون ريال. إن اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بقطاع الصناعة والخدمات اللوجستية، فيه من الذكاء القدر الكبير، خاصة إذا عرفنا أن قطاع الصناعة وحده، يمكن أن يساههم بما نسبته 20 في المئة من الناتج القومي للمملكة، وهو ما يحدث اليوم في دول العالم الأول، التي اهتمت بقطاعات الصناعة لديها، ودعمتها بالفكر والتقنية والأيدي العاملة الماهرة، وهذا هو ما تسعى له رؤية 2030، ونجزم أن المملكة قادرة على ذلك، ولديها كل الإمكانات المادية والبشرية التي تصب في هذا الجانب، وعلينا أن ننتظر موسم جني ثمار هذه الجهود.. هذا الموسم لن يتأخر كثيراً.
مشاركة :