تواجه شركات التأمين تراكم الخسائر سنة بعد أخرى، حيث وصلت في بعضها إلى أكثر من 50% من رأس المال. وقد جمدت هيئة السوق المالية تداول أسهم شركات تأمين بلغت خسائرها أكثر من 75% من رأس المال. أداء شركات التأمين المتعثر أثر في قيمة تداولها. وقد حذرت منذ أكثر من 12 عاما من إدراج شركات التأمين الصغيرة لأن المنافسة في سوق التأمين تعتمد على رأس المال والخبرة. يعد الاستحواذ والاندماج إحدى الإستراتيجيات التي توسع بها الشركات أسواقها ونشاطاتها ومنتجاتها لزيادة إيراداتها وأرباحها، وذلك بشراء شركات أخرى في مجال أعمالها أو في مجالات متنوعة أخرى ترى فيها فرصة لنموها وربحيتها. وهناك حالات كثيرة تستحوذ فيها الشركات على شركات أخرى في نفس المجال، وذلك لزيادة حصتها في السوق ولتقليص عدد المنافسين، لكن قوانين وأنظمة الحوكمة والاحتكار في بعض الدول لا تجيز لها ذلك. أما استحواذ الشركات الناجحة والقوية على الشركات المتعثرة فقد تسمح به قوانين تلك الدول حرصاً منها على استمرارية نشاط الشركة ووظائف العاملين بها وتدفق الضرائب إلى خزائنها. وتستحوذ بعض الشركات على شركات أخرى تعد إستراتيجية من حيث تزويدها بالمواد الخام أو المعلومات أو عمليات الإنتاج الأخرى. القانون الفيدرالي الأمريكي(FAR) Federal Acquisition Regulationالمنظم للاستحواذ يحفز ويجيز للشركات الراغبة في الاستحواذ على الشركات المتعثرة في أدائها، بل يرغم المتعثرة على القبول بعرض الاستحواذ خوفاً من إفلاسها الذي ينتهي بتسريح موظفيها مما يشكل تكلفة مالية على مصلحة الضمان الاجتماعي التي تدفع للعاطلين عن العمل مساعدات مالية منذ تسريحهم حتى حصولهم على وظائف في شركات أخرى. وينظم القانون الفيدرالي الأمريكي الاندماج بين الشركات إضافة إلى عملية الاستحواذ. وتعد الولايات المتحدة الأمريكية قدوة في قوانين وأنظمة وحوكمة الاستحواذ والاندماج والمنافسة ومنع الاحتكار وتحفيز الشفافية المحاسبية وغيرها. نحتاج في المملكة إلى المزيد من قوانين وأنظمة الحوكمة فيما يتعلق بالاستحواذ والاندماج بين الشركات بالإضافة إلى قوانين للتقليل من الاحتكار الذي لا يخدم الاقتصاد السعودي من حيث تطوير بيئة المنافسة وجودة المنتجات والأداء. وإذا حللنا وضع شركات التأمين في المملكة من حيث الأرباح والأداء لوجدنا أن أغلبها لا تستطيع الاستمرار في سوق التأمين فقد بلغت نسبة الخسائر في بعضها أكثر من 75% من رأس المال مما يعطي الاندماج بينها أهمية قصوى للمحافظة على بقائها واستثمارات المساهمين فيها. وعادة يكون الاستحواذ على شركات مجربة وعاملة في السوق أفضل من تأسيس شركات تكون نسبة المخاطرة فيها عالية، حيث بإمكان الشركة الراغبة في الاستحواذ مراجعة القوائم المالية للشركات المستهدفة من الاستحواذ لكشف الإيرادات والأرباح والأداء بشكل عام، وذلك قبل الإقدام على قرار الاستحواذ أو الاندماج. وعلى الشركات الراغبة في الاستحواذ أخذ الحذر من التوسع في عمليات الاستحواذ لأن عدد الشركات المستحوذ عليها وحجمها قد يكون مشكلة كبيرة تضر بأداء الشركة التي استحوذت عليها. وأشير هنا إلى شركة تايكو إنترناشيونال الأمريكية التي يقع تحت مظلتها أكثر من 120 شركة، حيث أفلس عدد منها أثناء الأزمة المالية العالمية لأن الإدارة العليا لتايكو واجهت سيلا من المشاكل التي تحتاج لحلول عاجلة في مدة زمنية قصيرة فقد كان تسونامي الأزمة المالية سريعاً. كثرة الاستحواذات تساهم في ضعف مرونة صناعة القرارات في الشركات وبالتالي تزيد من انكشافها في وقت الأزمات. الخلاصة من الأهمية توافر قوانين وأنظمة ولوائح تنظم الاستحواذ والاندماج بين الشركات لتكوين شركات كبيرة تستطيع المنافسة وتحسين الأداء الذي يحقق المنفعة للاقتصاد والمساهمين. نقلاً عن "اليوم"
مشاركة :