التقارب الإيراني- الأمريكي لم يكن (صدفة) بل هو تقارب مدروس مهد له الرئيس الإيراني حسن روحاني منذ الدعايات الانتخابية في يونيو 2013، حيث أكد روحاني للتلفزيون الإيراني وخلال مناظرات مع منافسيه الأصوليين بأنه سيعمل علي تسوية الأزمة السياسية بين إيران وأمريكا؛ وكاد مجلس صيانة الدستور أن يطيح بالرئيس روحاني لولا دعم المرشد خامنئي له.. فقد أعلن روحاني مرارا ومن خلال حملته الانتخابية أنه قد تشاور مع المرشد علي خامنئي حيال حقبته الرئاسية، وأنه يعتقد بأن تسوية النزاع مع أمريكا يعني تسوية النزاع مع العالم، وأن إصلاح العلاقات الإيرانية- الأمريكية هو هدف اساسي لحكومة روحاني المقبلة..! وخلال موجة الدعايات الانتخابية الساخنة للرئيس روحاني أعلنت شخصيات في مجلس الصيانة بأن المجلس المذكور قد يعيد النظر في تقييمه لشخصية روحاني لاسيما في ظل تصريحات أدلى بها لأنصاره تعد تجاوزًا للخطوط الحمراء..! وخلال فترة الدعايات الانتخابية في 2 يونيو الماضي أعلن الشيخ هاشمي رفسنجاني عن دعمه للرئيس روحاني وجاء دعم رفسنجاني بعد قرار مجلس صيانة الدستور بإقصاء رفسنجاني من المنافسة الرئاسية) وخلال شهر يونيو انضم الجمهور الإصلاحي إلى الحملة الدعائية للرئيس روحاني بسبب برنامجه الإصلاحي، الذي يدعو إلى الحرية وإقامة الحوار مع واشنطون والحقيقة أن الحماس الإصلاحي جاء بعد حث الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي للمرشح محمد عارف علي الانسحاب لصالح حسن روحاني، وفي 15 يونيو أعلنت إيران عن فوز روحاني بالرئاسة بنسبة 80% وهي نسبة تفوق نسبة الرئيس السابق أحمدي نجاد. الشارع الإيراني مع روحاني في تسوية أزمة النووي يقول الخبير الإيراني أحمد حسين صمدي: إن الشارع الإيراني هو مع الرئيس روحاني وأن هذا الشارع هب لاستقبال الرئيس روحاني في مطار مهراباد ودخل في مصادمات مع المتشددين الذين كان عددهم قليلاً، وأشار صمدي إلى أن الاعتداء علي روحاني هو اعتداء علي النظام وخامنئي، وذلك لأن تحركات الرئيس روحاني كانت بهدي وإرشاد خامنئي، وأكد الخبير صمدي أن البرلمان الإيراني أعلن عن تأييده لتحركات روحاني في الأمم المتحدة، وأشار صمدي إلى أن تصريحات أوباما الجديدة التي هدد فيها إيران قد تغير حركة المشهد التصالحي. وتري الصحفية الإصلاحية منال يونسي بأن المصالحة بين إيران وأمريكا لا يمكن أن تصل إلى نهاية بسبب ارتفاع جدار عدم الثقة بين البلدين، وقالت يونسي: إن أمريكا تريد من إيران تعطيل البرنامج النووي لقاء رفع العقوبات وأن هذا الأمر يعد من الثوابت الإيرانية، وأضافت: أن المتشددين يتمسكون بتلك القضية لتخريب مشروع المصالحة. من جانبه، دعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الثبات في المواقف وتجنب الافتراضات المسبقة الخاطئة والمتكبرة، مؤكدا أن تردده ينسف الثقة. ففي تغريدة له نشرت على صفحته على تويتر ردا على تصريحات أوباما خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو مساء الاثنين، نصح ظريف أوباما بعدم التردد في المواقف وأن يتجنب التصور بأن الحظر هو الذي دفع إيران إلى الحوار، وكان أوباما قد أعلن أمس الاثنين من جديد أن جميع الخيارات مطروحة في التعاطي مع إيران بما فيها الخيار العسكري لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي. وأوضح ظريف أن على الرئيس الأمريكي ومن أجل تعزيز الثقة المتبادلة أن يتحلى بالثبات في المواقف، مشيرا إلى أن التذبذب في المواقف يزعزع الثقة المتبادلة ويمس بمكانة أمريكا، وكتب ظريف في رسالة أخرى على صفحته في الفيس بوك أن تصورات أوباما القاضية بأن إيران لجأت إلى الحوار على خلفية التهديدات والحظر اللامشروع إنما تشكل إساءة إلى الشعب الإيراني وتعد ممارسة متكبرة وخاطئة، وتابع ظريف أننا لم نلمس لحد الآن إشارة جادة تكشف عن حسن نوايا واشنطن، مؤكدًا القول إننا لن نسمح بأن يحدد رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي مستقبل مفاوضاتنا. تكرار سيناريو العراق وكابل مع سورية بأجندة إيرانية يحلم الإيرانيون بجر أمريكا إلى جبهتهم في الصراعات الإقليمية والدولية فاليوم تحتاج إيران في ظل حكومة الرئيس روحاني إلى مصالحة داخلية وإقليمية وأن الانتعاش الاقتصادي من شأنه أن يكون سببًا في تسوية الكثير من الصراعات والخلافات بين الكتل السياسية، يقول الخبير الإيراني حسين عبداللهي: إن الموضوع السوري كان حاضرًا وبقوة خلال تحركات الدبلوماسين الإيرانين في الأمم المتحدة، وأشار عبداللهي إلى أن إيران لن تتخلي عن الرئيس الأسد وأنها أخذت ضمانات من أمريكا بعدم التعرض العسكري للنظام السوري، ويشير الخبير الإيراني عبداللهي إلى أن إيران قد تقبل بتغييرات سياسية في مؤتمر جنيف 2 لكن تلك التغييرات لن تنال الأسد أو تضعف مركزه في السلطة.! ويعتقد محمد حسيني بأن الملف السوري لا يمكن أن تتنازل عنه إيران رغم اعتراضات الإصلاحيين الذين يعتقدون بأن النظام السوري عليه الرحيل «قبل هبوب العاصفة»، وأضاف: أن الإيرانين يعتقدون بأن تسوية الأزمة السورية يمكن أن تكون من خلال المائدة المستديرة بين الأسد والمعارضة. الحرس الثوري ينتقد ازدواجية أمريكا مع إيران صعدت إيران من لهجتها العسكرية ضد واشنطن بسبب التهديدات العسكرية للرئيس أوباما خلال لقائه نتانياهو، مؤكدا علي أن الخيار العسكري لازال مطروحًا علي المائدة في التعاطي مع إيران فقد حذر مسؤول عسكري إيراني حكومة روحاني من مغبة الركون إلى ابتسامات (أوباما)، وقال العميد محمد حجازري نائب رئيس الأركان العامة في القوات المسلحة: إن المسافة ما بين ابتسامة (أوباما) هي قصيرة جدا جدا وأنه لا ينبغي للمسؤولين الركون أو الاعتماد علي وعود (أوباما) في تحقيق مصالحة وتقارب ذلك، لأن الأعداء لاعهد لهم مع الآخرين، وتابع بأنه لا يمكن أن نثق بابتسامة العدو ويجب ألا ننسى بأنه يصر علی عداوته، مشيرا إلی أن لهجة الرئيس الأمريكي قد تغيرت خلال محادثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، وشدد علی أنه يجب علينا أن نعزز قدراتنا الردعية والدفاعية حتي نكون أقوياء على طاولة المفاوضات). من جانبه، أكد المساعد الأمني لرئيس السلطة القضائية محمد باقر ذو القدر: أن علي المسؤولين ألا ينسوا خيانة أمريكا قبل الثورة وبعدها وأضاف: أن مصالح أمريكا تفوق مصالح إيران في أي اتفاقات تعقد بين الجانبين وتابع القائد السابق للبسيج الإيراني: أنه لا ينبغي لنا خيانة العهد مع الله والشعب ونحن نجري المباحثات مع أمريكا ذلك لأن الأخيرة تسعي للحصول علي المكاسب بأي طريقة. في السياق ذاته، حاول الجيش الإيراني إرسال رسائل إلى أمريكا مفادها أن الصواريخ الجديدة بإمكانها الوصول إلى أهداف جديدة في إسرائيل فقد أعلن رئيس منظمة الصناعات الجوفضائية بوزارة الدفاع الإيرانية العميد مهدي فرحي بأنه ستتم زيادة مدى الجيل الجديد من الصواريخ الجوية (التي تطلق من الطائرات) إلى 300 كم. وأشار العميد فرحي في لقاء مع كوادر الحرس بطهران، إلى أننا نقوم حاليا بتنفيذ برنامج يتم بموجبه زيادة مدى الصواريخ الجوية في الجيل الجديد إلى 300 كم. وأوضح العميد فرحي بأن من التوجهات المهمة لوزارة الدفاع الإيرانية تجهيز وتسليح الطائرات من دون طيار في المجالين الدفاعي والهجومي)، في السياق ذاته أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يعتبر أكثر الأشخاص عزلة في الأمم المتحدة، مؤكدا أن حكومة روحاني تتابع تحقيق أهداف المرشد علي خامنئي في السياسة الخارجية، إلا أنها تتعامل مع العالم بلغة بحيث لا تقدم ذريعة لدعاة الحرب ومثيريها والكذابين من أمثال نتانياهو. وقال ظريف في تصريح للتلفزيون الإيراني في نيويورك: على إيران أن تطمئن بأن حكومة الرئيس روحاني تتابع السياسة الخارجية وفقا لأهداف المرشد خامنئي ولن تتخلى قيد أنملة عن أهداف وحقوق إيران النووية، وأضاف: الظروف تغيرت ويجب ألا نسمح لأولئك الذين يقتلون الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 60 عاما ويمارسون الظلم ضده ويشكلون خطرا على المنطقة والعالم من خلال امتلاكهم أسلحة نووية بأن يبتزوا العالم تحت عنوان دعم نزع السلاح وحقوق الإنسان. حقول الألغام أمام التقارب الإيراني- الأمريكي يقرأ الخبير الإيراني صباح موسوي قضية التقارب الإيراني- الأمريكي بأنها من المستحيلات، وأشار موسوي إلى أن القطيعة مضي عليها 3 عقود وأن الإيرانيين حفروا في ذاكرتهم الثأرات الأمريكية والجرائم التي بدأت منذ تقديم العون الأمريكي لصدام في حرب الخليج الأولي 1980-1988، فيما أبقت الحكومات الأمريكية المتعاقبة ثورة إيران تحت طائلة العقوبات الاقتصادية، ويشير الخبير موسوي إلى أن قادة الحرس ينظرون إلى أوباما بأنه من ألد أعداء إيران في الرئاسات الأمريكية لأنه استخدام عقوبات اقتصادية خبيثة تسببت في هبوط العملة النقدية وإغلاق المصانع وارتفاع التكلفة الإنتاجية، وأكد موسوي بأن الألغام لا تزال تحاصر تلك المراكب التي تود الالتقاء في نقطة مشتركة ولكن أنى لها في ظل تصريحات نارية من كلا الجانبين تهدد بـ»الفناء»؟!
مشاركة :