أصدرت منظمة هيومن رايتس واتش تقريرًا لها في سبتمبر 2017 ضمنته الادعاء بإجراء مقابلات مع بعض المواطنين المصريين الذين سبق اتهاُمهم في قضايا إرهابية، وأن هؤلاء قد أُهدرت حقوقهم وتعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة من بعض أعضاء النيابة العامة وضباط من الشرطة خلال مرحلتي الضبط والتحقيق لحملهم على الاعتراف بوقائع تلك القضايا، وهو ما يشكل مخالفًة لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من دروب المعاملة التي صدقت عليها جمهورية مصر العربية، وبادرت تلك المنظمة بنشر ذلك التقرير على موقعها الإلكتروني وإرساله إلى الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة دون الرجوع إلى الجهات المختصة في جمهورية مصر العربية للتأكد من مدى صحة ما ورد إليها من معلومات.كلّف المستشار نبيل أحمد صادق النائب العام لجمهورية مصر العربية نيابة استئناف القاهرة بإجراء تحقيق قضائي موسع فيما تضمنه ذلك التقرير من معلومات وادعاءات.وبالفحص تبين أن تقريَر تلك المنظمة تضمن تسع وقائع نُسبت جميعُها لحالات متهمين لم تفصح المنظمة عن أسمائهم الحقيقية أو بيانات عن القضايا التي تم ضبطهم على ذمتها بل أشارت إليهم بأسماٍء مستعارة على نحو قاصر يصعب معه الاستدلال عليهم، وإذ اقتصرت بيانات الحالات التسع على النحو التالي:• الحالة الأولى بالاسم المستعار "خالد" يبلغ من العمر تسعًا وعشرين سنة ويعمل "محاسب" وتم ضبطه بحي الحضرة في وسط الإسكندرية، وقد نُسبت إليه اتهامات تتعلق بحرق سيارات الشرطة عام 2014 والانضمام لجماعة الإخوان الإرهابية.• الحالة الثانية بالاسم المستعار "كريم" يبلغ من العمر ثماني عشرَة سنة "طالب جامعي" مقيم بالبدرشين، وقد نسبت إليه اتهامات تتعلق بقتل أفراد الشرطة وتخريب أملاك الدولة والتظاهر والانضمام لجماعٍة إرهابية.• الحالة الثالثة "عمر الشويخ" يبلغ من العمر ثلاثً وعشرين سنة "طالب بجامعة الأزهر"، وقد نسبت إليه اتهامات تتعلق بسرقة سلاح ناري مملوك لوزارة الداخلية والانضمام لجماعة إرهابية.• الحالة الرابعة بالاسم المستعار"مصطفى"ويعمُل"محامٍ"ومقيم بمحافظةالغربية، وقد نسبت إليها تهاما تتتعلق بالانضمام لجماعة إرهابية.• الحالة الخامسة بالاسم المستعار "عمار" وقد تم ضبطه من منزل والده بقرية المهاجرين، وقد نسبت إليه اتهامات تتعلق بحرق محكمة وأبراج كهرباء والانضمام لجماعة إرهابية.• الحالات السادسة والسابعة والثامنة: لطلاب بأسماٍء مستعارة "حسن" ويبلغ من العمر تسع عشرَة سنة و"كمال" ويبلغ من العمر ثماني عشرَة سنة و"أحمد" ويبلغ من العمر سبع عشرَة سنة، مقيمون جميعًا بمركز حوش عيسى بمحافظة البحيرة، وقد تم ضبطهم في قضيٍة عُرفت إعلاميًا "بخلية حوش عيسى" نُسبت إليهم فيها اتهامات تتعلق بالتظاهر وحرق سيارات الشرطة والانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية. • الحالة التاسعة "عبد الرحمن محمد عبد الجليل" طالب بالمرحلة الثانوية، وقد نسبت إليه اتهامات تتعلق بزرع متفجرات داخل محكمة ومركز شرطة البدرشين.وإزاء تلك البيانات القاصرة فقد استلزمت التحقيقات وقتًا وجهدًاكبيرًا من محققي النيابة العامة في الوصول إلى حقيقة تلك الشخصيات، ومن ثم الوقوف على حقيقة الوقائع المنسوبة إلى أعضاء النيابة العامة وضباط الشرطة المذكورين بالتقرير.وللوصول إلى حقيقة أسماء الحالات التي أشار إليها التقرير قامت النيابةُ العامةُ باتخاذ عدة إجراءات تبين من خلالها أن المعنيين بتلك الحالات يقطنون في خمسٍ محافظات، حالة منهم بمحافظة القاهرة، وحالتان بمحافظة الجيزة، وحالتان بمحافظة الإسكندرية، وثلاث حالات بمحافظة البحيرة، وحالة واحدة بمحافظة الغربية، وقد استعانت نيابةُ استئناف القاهرة بالمعلومات الواردة إليها من التفتيش القضائي بالنيابة العامة بشأن أسماء أعضاء النيابة المحققين المذكورين بالتقرير، وما اختصوا به من قضايا بدوائر نيابات استئناف القاهرة والإسكندرية وطنطا، ومطابقة ما ورد بتحقيقات تلك القضايا من معلومات تُطابق ما ورَد بتقرير تلك المنظمة عن الحالات المذكورة من حيث السن والمهنة وملابسات القبض وتاريخ العرض على النيابة العامة ونوعية القضايا المضبوطين على ذمتها،كما استعانت النيابةُ العامة في تحقيقاتها بما تم نشره وبثه عبر شبكة المعلومات الدولية ووسائل الإعلام من أخباٍر ووقائٍع تتعلق بتلك الحالات، ومن خلال تلك المعلومات توصلت نيابة استئناف القاهرة بتحقيقاتها إلىالأسماء الحقيقية لأصحاب الأسماء المستعارة الواردة بالتقرير والقضايا التي تم اتهامهم فيها.وقد أثبتت التحقيقات بعد سؤال من تم استدعاؤهم من تلك الحالات عدم صحة الوقائع المنشورة بتقرير منظمة هيومن رايتس واتش المنسوبة لبعض أعضاء النيابة العامة وضباط من الشرطة جمهورية مصر العربية، حيث استمعت إلى أقوال كل منهم في حضرة محاميه وقد قطعوا جميعا بعدم إجرائهم أي مقابلات مع من يعمل لدى أو لصالح تلك المنظمة، وكذا نفيهم تعرضهم لأي تعذيب أو تعد مما ورد بم التقرير، وقد استبان من تحقيقات نيابة استئناف القاهرة فيما تضمنه التقرير من وقائع مزعومة أن أصحاب تلك الأسماء قد منحوا أثناء التحقيقات القضائية معهم كافة الضمانات المقررة قانونا، وأن أعضاء النيابة المحققين معهم قد أثبتوا خلو أي منهم من أية إصابات، وتمكين محاميهم من تقدم ما عن هم من دفاع ودفوع أثبتت بالتحقيقات وخلت جميعها من أي دفاع يتعلق بأي تجاوزات تمت في حقهم، فضلا عما ثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي من عدم وجود آثار للتعذيب المدعى به.وعلي ذلك فقد انتهت النيابة العامة من خلال تحقيقاتها إلي ثيوت مخالفة ما تضمنه تقرير المنظمة للحقيقة، وتوصي النيابة العامة المصرية منظمة هيومان رايتس واتش بتوخي الدقة فيما تنشره من بيانات بشأن حقوق الإنسان بجمهورية مصر العربية.
مشاركة :