إذا ما عندك واسطة لا تتعّب نفسك؟!

  • 2/15/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الواسطة التي تمنع حقاً لأحد الموظفين أو طالبي الخدمة، تعد من أبرز أشكال الفساد، ويجب على الجهات المعنية مواجهة هذا السلوك الذي تفشى في المجتمع. فالواسطة تُعرّف على أنها طلب المساعدة من شخص ذي نفوذ وحظوة لدى من بيده القرار، أو المقدرة على ممارسة السلطة؛ لتحقيق مصلحة معينة بغير حق لشخص لا يستطيع تحقيقها بمفرده. فيتامين و كما يطلق عليها بالعامة هي أخطر أنواع الفساد الخفي، الذي يهلك المجتمع، ويدخله في عاصفة الفساد الإداري والمالي الخفي، وذلك لما يترتب عليها من وصول أشخاص إلى مواقع قيادية، بل إلى مواقع صنع القرار بالمحسوبية، دون النظر إلى التأهيل والمناسبة والكفاءة. والواسطة انعكاساتها سلبية على الموظف في ترقياته واستحقاقاته؛ لأنه إذا لم يشعر بأنه جزء من المنظمة فكيف يطلب منه أن يخدمها بإخلاص وتفان، وهي ليست بيئة عمل ممتعة وعادلة؟ يجب أن نكون صريحين ونعترف بأننا مجتمع يعترف بـ الواسطة واعترافنا بوجودها يُفضي إلى تلاشى أبجديات الجدارة والكفاءة، ويصير الحق منّة، ويصبح التوظيف والترشيح للمناصب لعبة «ظبطني وأظبطك» تنتهي بتعيين كثير ممّن لا ترتقي مؤهلاتهم إلى الكراسي التي يلتصقون بها، وينتج عن ذلك منظومة تعليمية ضعيفة وقيادة إدارية بوصلتها لا تتجه إلى النجاح، وبدلاً من القوي الأمين نجد المحسوبية جلبت الضعيف إدارياً وعلمياً وقيادياً، ويتشكل لديك مجتمع طبقيّ معياره من واسطتك، فيرتفع سؤال الطبقة المتضررة ما فائدة الاجتهاد والإخلاص؟، ويغيب الولاء للفكرة ويتبعه الولاء للمؤسسة وللوطن، وتراود الشباب فكرة الانتقام من البلاد فيجدون من يحتضنهم ويقوم بغسل أدمغتهم من خلال تغذيتهم بالفكر المتطرف الداعشي الذي يكفر الدولة والمجتمع ؟! ما جعلني أعرج في مقالتي هذه على داء الواسطة، هو استبيان أجرته هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» مؤخراً وكانت نتائجه أن الواسطة واختلاس المال العام يمثلان أبرز مظاهر الفساد في المجتمع، والأكثر انتشاراً بين مظاهر الفساد الأخرى، ووفقاً للاستبيان الذي ما زال جارياً على موقع الهيئة فإن الواسطة تصدرت مظاهر الفساد بنسبة 53.5%، تلاها مظهر اختلاس المال بنسبة 29.4%، ثم الرشوة بنسبة 10.1%، وفي قراءة للاستبيان الذي صوت عليه حتى «أمس السبت» 1634مشاركاً، وهذا مؤشر أن حملة الشهادات الجامعية والعليا كثر، وأن الواسطة قد خدمت غيرهم من غير المؤهلين رغم أحقيتهم بالوظيفة. الواسطة خطر على المجتمع، وهي نوع من أنواع الفساد المالي والإداري المتمثل كما ذكرت نزاهة في عقود الأشغال العامة، وعقود التشغيل والصيانة، وغيرها من العقود المتعلقة بالشأن العام ومصالح المواطنين، كما أنها تنتشر في الأجهزة الخدمية سواء حكومية أو خاصة ومن أهمها: الصحة، والطرق، والمياه، والصرف الصحي، والخدمات البلدية، وحالة المباني التعليمية والمدرسية، والخدمات الاجتماعية، وصيانة المساجد ونظافتها. وفي رأيي أننا لا نستطيع القضاء أو الحد من الواسطة بكثرة التذمر، ولا بقرار يأتي من إنسان يتنفس من خلال أوكسجين الواسطة، أو من كاتب مثلي ليس له من الأمر إلا توضيح خطر الواسطة على المجتمع. القضاء على داء الواسطة الذي فتك بمؤسسات الدولة هو بيد الحكومة، من خلال تفعيل الأنظمة والقوانين بلا استثناء، لا نطمح إلى مجرد قرارات إدارية تُعفي مسئولاً وتأتي بآخر، فالمنظومة التي يعترف أصحاب القرار فيها بالواسطة لا تنتج إلا ثمرة من نوع واحد، وتدوير الكراسي أحياناً لا يصنع فارقاً، كما أن الإسراع في التصريح لمؤسسات المجتمع المدني يساعد على الكشف عن مواطن الفساد، لأن هناك نقصاً في مؤسسات المجتمع المدني، ومسألة الترخيص لمثل هذه المؤسسات تمشي كالسلحفاة؟! إعلامي وكاتب متخصص في قضايا الشأن العام

مشاركة :