في كل يوم “تكبر” تلك المشكلة الأزلية “الواسطة”، وتتحول إلى معاناة ليس لها حل، حيث تجد “الرجل غير المناسب في المكان المناسب”. من المحزن أننا أصبحنا نحتاج إلى “الواسطة” في كل مناحي الحياة، ففي أغلب مجالات الحياة العملية نحتاج إليها، حتى تحولت إلى أمر مهم لإنهاء بعض المعاملات في بعض الدوائر، وإذا أتيت دونها فإن معاملتك سوف “تتعقد”، ويطول وقت الانتهاء من تنفيذها، وفي مكان آخر عندما تتقدم إلى وظيفة وأنت مؤهل لها، وتمتلك شهادات علمية، وخبرات تؤهلك للحصول عليها، ترى أن هذه المقومات ليست هي المطلوبة! فقد تجد أشخاصاً لا يملكون شهادات علمية، ولا خبرات، ولا مؤهلات، يحصلون على تلك الوظيفة، والسبب “حب الخشوم”، والمعارف الشخصية، والغريب أنه يصبح صاحب قرار في تلك الشركة، وهو غير جدير بذلك. من المواقف الطريفة أن أحد الأصدقاء أراد شراء سيارة بلون معين، فأخبره الموظف أن ذلك اللون ليس موجوداً في المستودع، فحاول وحاول إلى أن تواصل مع معارف “توسطوا” له عند مدير الفرع، وخلال ساعه فقط تم توفير السيارة باللون الذي يريده! أيعقل ذلك؟ هناك أمر آخر، أراه مهماً جداً، وهو ما يحصل في مواعيد المستشفيات، فقد يكون الموعد بعد شهرين، وفجأة، وبـ “الواسطة” يتقدم ليكون بعد أسبوع. هذا الوضع أصبح غريباً جداً، واختلطت المعاملات، وخدمة المواطن بالمصالح والعلاقات الشخصية، فما ذنب مَنْ ليس لديه “واسطة”، أو مصالح شخصية معهم. لابد أن نستثني من ذلك أصحاب الضمير الحي أولئك الذين يخافون الله، ويستشعرون مراقبته فيما يفعلون، ومن الواجب أن نكون ضد هذه الظاهرة، وعلى كل أفراد المجتمع بجميع طبقاتهم أن يعطوا كل ذي حق حقه دون أن تتدخل في ذلك المصالح، والقرابات الاجتماعية، والأمور التي تدار من تحت الطاولة الله المستعان.
مشاركة :