على مرّ أعوام طويلة لم يكن يخلو «جدار» أو «كابل كهربائي» أو «عامود إنارة» من ملصقة تروّج عن مدرس لمنهج الرياضيات، أو منهج الإنكليزي، متباهياً بخبرة تزيد على الـ10، والـ20 عاماً، مرفقاً بها رقم التواصل المباشر، لاصطياد طالب متعثر، أو وليّ أمر مستنجد بمن يحلّ عقدة صعوبة المادة لابنه، لتأتي الأنظمة التقنية الجديدة لتهز من استقرار المدرس الخصوصي، من خلال مجموعات «واتس آب» يتداول من خلالها الطلاب معلومات مناهجهم، وطرق حل مختلفة. وسرعان ما بدأت هجمات الأنظمة الجديدة من فئة «الدروس الخصوصية» تهزّ استقرار المدرس المتكسب، بخبراته الطويلة ذات المبالغ الكبيرة من الطالب المغلوب على أمره، عند ظهور الانقلاب التكنولوجي الذي صاحبه تطوير الكثير من وسائل التواصل وبروز المواقع المروجة لطرق تلخيص وتسهيل المواد دون الحاجة إلى اللجوء لمدرّس «التقوية» أو دفع مبلغ مادي ليس سهلاً على القادر ويعجز عنه من عجز. جاءت ثورة «الواتساب» للوقوف في وجه كلفة «الدروس الخصوصية» والوصول إلى متناول الجميع من الطلاب والطالبات الراغبين في تطوير مهاراتهم وتحسين مستوياتهم العلمية في شكل مبسّط وسهل، اذ لا يستدعي رسوماً مادية أو انتظار موعد للفوز بـ «حصّة» شرح مختصرة تعين الطالب على قهر الصعوبة الملازمة للمادة. يروي خريج الأدب الإنكليزي خالد الشريف بداية فكرة إنشائه لإحدى مجموعات تعليم اللغة الإنكليزية والتي تعود جذورها لأيام مرحلة دراسته المتوسطة، في مواجهته المستميتة لتحسن مستواه في تعلّم اللغة من المعلّم المباشر ولجوئه إلى «المدرس الخصوصي» الذي أرهق والده بالمبالغ المالية الكبيرة في تحصيل عدد الساعات الدراسية معه، وبرغم ذلك لم يستطع جني النتيجة المرجوّة من دراسته الخصوصية. يقول خالد: «إنني بدأت في إيجاد طرق أكثر فعالية في تعلّم سريع أعتمد فيه على نفسي بعد أن ضاقت الكلفة بوالدي ذي الدخل المحدود، وأخذت أبحث عن ملخصات عبر شبكة الإنترنت ومراسلة الطلاب في شرح القواعد ودخول مسابقات حفظ المصطلحات الإنكليزية، حتى تجاوزت شوطاً طويلاً في لغتي تميزت به على الكثير من زملائي آنذاك». ويعمل خالد في مجموعة «واتس آب» على تطوير لغة الطلاب الراغبين في تعلم اللغة بشكل مستساغ ومبسط عبر المراسلات اليومية، وتنفيذ المسابقات والاختبارات الدورية للمشتركين، والذي لا يكلف التسجيل فيه سوى إرسال كلمة من رقم الهاتف الخاص للراغبين بالانضمام في المجموعة. وعلى الرغم من موجة التطور العاصفة التي اجتاحت كل شيء دون استثناء إلا أنه في الوقت الحالي قد تجد ملصقة «المدرس الخصوصي» على أي جدار صامدة لا تقبل السقوط إيماناً منها أن هناك من يجزم على فشل كل طرق «التقوية» الحديثة، والعودة إلى النظام السابق
مشاركة :